ابعنا خلال الأيام الماضية هبوط مركبة الفضاء كِريوسيتي على سطح المريخ في مهمة كلفت أكثر من 2.5 مليار دولار، ليتساءل الكثيرون منّا لماذا نقوم برحلات إلى كوكب المريخ ولماذا نهدر المليارات على استكشاف كوكب قد لا نسكنه يوماً !!؟..
ستفاجئكم إجابة هذا السؤال لكن دعونا بدايةً نعود إلى الوراء قليلاً:
يشكّل الفضاء تحدياً كبيراً للعلماء والباحثين في جميع المجالات العلمية من مهندسين وفيزيائيين وكيميائيين وعلماء رياضيات، وبدأ هذا التحدي من أول رحلة للقمر الروسي سبوتنك 1 عام 1957 و ما تبعه من سباق بعد ذلك بين السوفييت و الأمريكان و لحق بهم الأوربيين والآن نرى مشاريع للصين والهند وإيران .
ومع ازدهار سباق عصر الفضاء وعلومه خلال العقود الماضية تغيرت حياتنا على الأرض كما لم يحدث من قبل، فمن خلال الأقمار الصناعية تطورت الاتصالات الإعلام المرئي وتحول العالم لقرية صغيرة نرى من خلالها ما يحدث في أنحاء كوكبنا خلال ثواني!.. ليس هذا فقط بل أن الإنترنت الذي تقرأ من خلالها الآن هذه الكلمات يعتمد في بنيته كذلك على الأقمار الصناعية.
لذا فإجابة فائدة اكتشاف الفضاء هي في الأشياء التي بين أيدينا ونستخدمها كل يوم بدءاً من الهاتف الذكي وأجهزة الملاحة في السيارات والطائرات والسفن وصولاً إلى شاشات البلازما والأجهزة الذكية الأخرى.
فهل تعلم مثلاً أن أجهزة الميكروويف التي توجد في كثير من مطابخنا تم تطويرها في الأصل لروّاد الفضاء حتى يستطيعوا تسخين وجباتهم المجهزة سلفاً؟ وأن الوجبات المجففة التي نشتريها من المتاجر طوّرت كذلك في مختبرات ناسا من أجل رحلات الفضاء الطويلة؟!
وهل تعلم أيضاً أن أجهزة كشف الدخان التي تستخدم في أنظمة مكافحة الحريق طوّرت في برنامج أبوللو؟!.. وأن النظّارات التي يتغير لونها حين تتعرض للشمس طوّرت في الأصل لخوذة روّاد الفضاء على القمر؟!
وكذلك شاشات البلازا الكبيرة التي تنتشر هذه الأيام، والتي طورت في برنامج مكوك الفضاء في ناسا!
هذه الأجهزة وغيرها جاءت نتيجة البحث في كيفية الصعود إلى الفضاء باستخدام أجهزة قوية عالية الدقة و خفيفة الوزن في نفس الوقت، و هذا ينقلنا إلى الأبحاث في هندسة علم المواد و إمكانية إيجاد مواد تدخل في تصنيع الفضائي تتمتع بالقوة وخفة الوزن. الكثير من الأجهزة الطبية و أجهزة التصوير تحسنت بعد عصر الفضاء وكذلك التحدي و الفضول الذي يتسم به العلماء، والذي يعتبر دافعاً قوياً لاستكشاف الفضاء ومعرفة الغموض الذي يحيط بنا، فالفضاء يمثل بيئة جيدة للإبداع ومعرفة قدرة العقل البشري على التحدي.
حسناً لماذا نستكشف المريخ ؟!
تساءلت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأميركية عن مدى أهمية المريخ بالنسبة للولايات المتحدة، وقالت الصحيفة في افتتاحيتها إن وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) على وشك الكشف عن بعض الغموض والأسرار المتعلقة بالحياة على سطح الكوكب الأحمر، مشيرة إلى ما وصفته بالاختبار الصعب الذي واجهه كل من معمل الدفع النفاث JPL التابع لمعهد كاليفورنيا للتقنية ووكالة ناسا منذ أيام في إطلاق مسار كبوروستي إلى كوكب المريخ. وقالت الصحيفة إن وكالة ناسا لن تضحي بمكانتها الرائدة في استكشاف الكواكب، خاصة أنها تستقطب القدرات العقلية وتشجع على الابتكار وعلى تحفيز الصناعة الخاصة بالولايات المتحدة، مضيفة أن هذه البرامج الفضائية من شأنها تشكيل تطوير للتقنيات الرائدة وأن تكون مصدر إلهام لأجيال جديدة من العلماء والمهندسين والمغامرين. وأما أهمية اكتشاف المريخ على وجه الخصوص فتكمن في محاولة استخلاص معلومات دقيقة عن كوكب الأرض من كوكب آخر في النظام الشمسي يبدو أنه تشكل بطريقة مشابهة، وهو كوكب سجل سطحه المستقر سجلاً بشأن تاريخ النظام الشمسي.
وأشارت الصحيفة إلى تصريحات منسوبة إلى مجلس البحث القومي الأميركي بأنه بات ممكنا الآن اختيار مواقع معينة في سطح المريخ لالتقاط عينات منها بهدف الإجابة على سؤال هل كان هذا الكوكب مثوى للحياة في أي وقت مضى؟
وإذا ما عُثر على أدلة لحياة سابقة على سطح المريخ، فإن العينات قد تجيب على أسئلة أخرى بشأن مصير الغلاف الجوي الذي ساعد على وجود تلك الحياة على سطح الكوكب.
” انتهى اقتباس الصحيفة ”
إن الدراسات الجيولوجية على الكوكب المريخ ستوفر معلومات هائلة حول كيفية التغلب على المشاكل التي قد تواجه كوكب الأرض مثل التصحر و الاحترار العالمي و غيرها من المشاكل البيئية، و كذلك فان استكشاف المريخ سيوفر تقنية عالية الجودة تسهم في تحسين نوع مستوى الحياة على سطح الأرض.
يقول الدكتور المصري “عصام حجي” رئيس قسم الكشف عن المياه بكوكب المريخ بوكالة “ناسا” : أن المعلومات التي يوفرها كوكب المريخ قد تسهم في إيجاد حلول لعديد المشاكل التي تواجه الارض لأن .
إن اكتشف الفضاء مهم للبشرية وسوف يساعد على تطوير القدرات البشرية كثيراً وسوف تسهم التقنية المتطورة المستخدمة في استكشاف الفضاء في تطوير الحياة على كوكب الأرض، وعلينا أن نبحث ونقرأ ونحاول أن نجد موطئ قدم في هذا العلم حتى نستطيع أن نطور عقولنا ونجعلها عقول قادرة على التحدي بدل أن نقف موقف المتفرج و المستهلك.