جزء من مذكرات ذئب منفرد :
اليوم تمكنت من صنع أول قنبلة بدائية.. فلتهدأ أرواح الشهداء.. قمت بتوصيل الأسلاك بنفسي ولفها جيداً حول هاتف جوال من طراز قديم ومخصوص بحيث يكفي مجرد إجراء اتصال على ذلك الهاتف من أي مكان لتنفجر القنبلة البدائية وتحصد عدد لا بأس به من الانقلابيين.. فتحت القائمة التي صنعتها بنفسي كما تعلمت من الذئب الذي دربني لأكون ذئباً أخر.. لكن منفرداً.. أقوم برصد أهداف.. أماكن.. أشخاص.. وأقوم بترتيبها حسب الأولوية.. أجلس طوال الليل أتابع مشاهدة بعض القنوات التي تنقل بثاً حياً لعشرات المظاهرات تجوب شوارع مصر ضد الانقلاب.. المطرية الأن.. شبرا الأن.. بالأمس قرأت اسم شارعي وبجواره كلمة (الأن) جريت فرحاً إلى النافذة لأرى الحشود المباركة.. لم يكن هناك سوى عم حنفي الخضري الانقلابي العتيد يدخن النرجيلة أمام دكانه..صانعاً سحابة سوداء ذكرتني باحتراق الخيام يوم فض الاعتصام.. كذلك هناك بعض الصبية يلعبون البلياردو تحت النافذة ولم يكد يلمحون طلتي البهية حتى بدأوا في سب إمام الزمان عجل الله فرجه! دخلت منزعجاً محتقن الوجه.. أين المظاهرة الحاشدة؟.. عدت للشاشة فوجدت اسم شارعي مازال هنالك لكن كتب بجواره عبارة (منذ قليل) أهويت على أقرب مقعد صارخاً بلوعة :
ـ عملوها الأبطال منذ قليل.. ليتني أسرعت لأراهم قبل أن يرحلوا!
***
رسالة من حسام سعيد لزوجته عبر إحدى صفحات التواصل الاجتماعي :
زوجتي العزيزة أمال .. تحية طيبة معطرة بالتراب الطاهر .. تراب السويس .. أكتب إليك من بين أصوات زئير الكراكات والأوناش التي تحمل الأطنان والأطنان من الرمال التي حفرناها بأيدينا وأسناننا..وتقربنا كل يوم من اكتمال الحلم.. لا أدري كيف أنقل لك ما ههنا من مشاعر وأحاسيس.. إننا هنا جميعاً نحيا في حلم جميل يا أمال.. نحن نتمنى أن تسود تلك الروح جميع العاملين في أرجاء الوطن.. لو حدث فلن نغير مصر وحدها.. بل العالم كله... وبقدر اشتياقنا لتحقيق الحلم بقدر ما سيحزننا فراق تلك الأيام المجيدة.. أيام الصبر والعرق والكفاح.. أشياء عديدة تعتمل في صدري أود أن أعبر عنها ههنا.. لكن لا وقت لدي إلا لتلك الكلمات العجول.. وإلى أن نلتقي يا زوجتي العزيزة.. قبلي لي جبينطفلتنا الجميلة سلمى.. ملاحظة على الهامش : مشتاق جداً للمحشي والملوخية الخضراء من يدك الرقيقة.. زوجك حسام
***
خبر في جريدة (.......) : انفجار قنبلة بدائية الصنع بجوار سفارة (.....) تسفر عن مصرع ثلاثة مواطنين وإصابة خمسة أخرين بعضهم في حالة خطرة ..
***
جزء من مذكرات ذئب منفرد :
صدق الله وعده! كلما تذكرت الأشلاء التي سببتها قنبلتي تذكرت وجوه الشهداء الأبرار يوم فض الاعتصام ..لحظات تمر علي من المشاعر المختلطة من الحزن والأسى مع الغل والتشفي .. يومها كنت أصعد سلم داري حينما سمعت صوت جارتي أمال زوجة صديقي السابق حسام وهي تدعو على أبناء الحرام الذين يفجرون ويقتلون الأبرياء.. ابتسمت في جشع.. أه لو عرفت.. تلك الحمقاء الانقلابيه هي وزوجها الانقلابي الذي ذهب وراء سراب الترعة الجديدة.. يعلم الله كم حاولت هدايته للحق.. لكنه أبى إلا الكفر والعياذ بالله.. الأن تدعون على من يسفك الدماء.. الأن تذوقون من نفس الكأس.. ودخلت شقتي وأغلقت الباب.. فتحت القائمة وتأملت الهدف التالي.. لا قنابل بدائية هذه المرة.. أخرجت المسدس من حقيبة جلدية أسفل الفراش وتأكدت من أنه جاهز للمهمة القادمة ثم ارتميت على الفراش واضعاً المسدس تحت وسادتي.. وحينما ذهبت في النوم حلمت بإمام الزمان عجل الله فرجه يكرمني ويضع على صدري النياشين نظيراً لكفاحي في إعادة الشرعية المسلوبة.. كان كلما غرز نيشاناً على صدري نز موضعه بالدماء.. وحينما فتحت فمي لأعلق فوجئت بالدماء تتفجر من بين شفتي وتلطخ وجه إمام الزمان عجل الله فرجه.. قمت من نومي مستبشراً.. نظرت في الساعة.. الفجر اقترب.. لابد أن أذهب الأن.. كنت على موعد مع الهدف التالي في القائمة الطويلة..
***
رسالة من حسام سعيد لزوجته عبر إحدى صفحات التواصل الاجتماعي :
وبدأ العد التنازلي للافتتاح.. استعدي يا أمال لمشاهدة ما صنعناه عبر عام كامل.. أنا فخور جداً بما وصلنا إليه.. انتهى العمل في القناة الجديدة والحمد لله.. لا أدري لماذا اتذكر الأن وجه صديقي عصام لطفي.. اتمنى أن يغير وجهة نظره حينما يشاهد ما صنعناه.. لا يوجد أحد تجري في عروقه دماء إنسانيه ويرى ما صنعه المصريين ولا يفرح به.. ولا اتصور عصام قد وصل لهذا الحد.. شاب طيب وابن حلال لكنه غرر به من قبل الإخوان.. هو ليس إخوان وأقسم على ذلك.. اتمنى أن يقرأ مشاركتي تلك لو كان ما يزال يعتبرني صديقه..
***
خبر في جريدة (.....): مقتل شرطي أثناء خروجه من صلاة الفجر.. استشهد شرطي بعد أن أطلق عليه مجهول النار أثناء خروجه من صلاة الفجر بقريته ولاذ المجرم بالفرار.. وجاري البحث و التحقيق لكشف ملابسات الحادث الأثيم..
***
طلب تحري مرفوع من أحد ضباط الأمن الوطني: الشخص المطلوب التحري عنه يسكن بحي(......) سبب الطلب أنه قد تم رصد مشاركة عبر التواصل الاجتماعي لشخص يدعى حسام سعيد تؤكد أن المطلوب متأثر بفكر الإخوان.. حسام سعيد لا غبار عليه وهو أحد العاملين بمشروع حفر القناة الجديدة وعلاقته بالمطلوب علاقة صداقة قديمة وجيرة.. مرفق بالتقرير صورة المشاركة المشار إليها عبر موقع التواصل الاجتماعي (......)..
توقيع المقدم (......)
***
محادثة دارت بين حسام وزوجته أمال عبر صفحات التواصل:
حسام : كيف حالك يا أم العيال..
أمال : الحمد لله..
حسام : تشاهدين الاحتفال بالقناة الجديدة ؟
أمال : إنه رائع ..لكنك لن تصدق ما جرى هنا..
حسام : خير..
أمال : تصور.. بالأمس قبض على عصام في شقته ومعه أسلحة ومواد متفجرة .. لقد تحولت العمارة لسكنة عسكرية بسببه ..
حسام : تمزحين ؟!
أمال : قلت لك إنه إخواني حتى النخاع لم تصدقني.. كنت تحسن به الظن وأثبتت الأيام سوء ظني به..
حسام : لا حول ولا قوة إلا بالله.. كيف اكتشف أمره؟..
أمال :يقولون أن أحدهم فضحه عبر شبكات التواصل .. وحينما داهموه وجدوا لديه قائمة بأسماء أشخاص وأماكن كان يستهدفها .. وكذلك وجدوا في مذكراته كل شيء عن تجنيده والعمليات الإرهابية التي قام بها ..
حسام : حمار من يومه ..
أمال : كل هذا لا يهم يا حبيبي.. شتان بين ما قدمت يداه وبين ما قدمته يداك أنت .. أنا فخورة بك جداً .. ولا استطيع مقاومة دموع الفرح.. واتمنى أن أراك الأن على الشاشة.. هل هذا ممكن؟
حسام : شبيك لبيك.. انظري الأن .. ستريني ألوح بيدي على الشاشة
أمال : أه.. رأيتك !.. لكن.. من تلك الفتاة التي بجوارك؟.. هه؟
حسام : (غير متصل الأن !)
***
تمت عمرو مصطفى 8 اغسطس 2015 23 شوال 1436
ساحة النقاش