المدجنون
سفراء الغرب الوثني
تمهيد
بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله الذي أنعم علينا بنعمة الإسلام والتي لا تتم إلا بنعمة
السنة والتي لا تتم إلا باتباع السلف سادة هذه الأمة ..
أولاً أشرع في توضيح مصطلح المدجنين حتى يكون الكلام
كما يقال : على نور ..
الداجن هو كل ما يربى في البيوت من حيوانات وطيور وخلافه يتم
تدجينها أي ربطها بالبيت أو الحظيرة التي تربى فيها ..
يصير هناك نوع ولاء بين ذلك الداجن وبين المكان الذي تربى فيه
فهو مهما غادر تلك الحظيرة إلى الفضاء فهو يعود دوماً إلى
مدجنه الذي سيذبحه يوماً ليصنع منه حساءً ساخناً لذيذاً ..
هذا هو دوره الذي من أجله خلقه الله ..
لكن الداجن الذي نقصده ههنا وننسبه للغرب.. لا يعرف لماذا خلقه الله
ولا هى حقيقة وظيفته كإنسان ..هو فقط يعرف سيده الأبيض الذي يربيه ويعلفه ثم يقذفه على أبناء
جنسه ممن لم يتدجنوا بعد مثله ليصير بينهم كالوباء .. ينفث حقد سيده وسمومه حتى تنفد بطاريته المشحونة بالضلالات من
ثم يؤوب إلى سيده فرحاً ليقدم بين يديه القربات منتظراً جزاؤه الأوفى
الذي لا يختلف كثيراً عن نهاية الدواجن التي نربيها في البيوت ..
مع الاعتذار للدواجن فهى تظلم كثيراً حينما تقرن بهؤلاء ..
لكن ليس المشبه كالمشبه به من كل الوجوه ..
الأن وبعد أن تم توضيح مصطلح المدجنين أو دواجن الغرب التي تمت صناعتها على يد السيد الأبيض المستعمر (المستخرب) لبلاد الإسلام ..
نبدأ في الكلام على طريقة تعامل المسلم اليقظ الوطني الذي يتبع المدرسة الإسلامية الوطنية ..
مع الدواجن الغربية ..
أقسام المدجنين وطريقة التعامل معهم
ينبغي التفريق في المعاملة مع المدجنين بحسب درجة التدجين التي وصل إليها .. ويمكن تقسيم دواجن الغرب إلى قسمين ..قسم داخل دائرة الإسلام
وقسم خارج دائرة الإسلام..
والقسم الذي مازال داخلاً في دائرة الإسلام يمكن تقسيمه إلى قسمين
قسم زائغ يتبع الهوى وقسم جاهل يحتاج إلى من يرشده ويضعه على الطريق
وهذه الأصناف تعامل كل منها على حدة..
فالذي خرج من دائرة الإسلام بردة صريحة حتى وإن زعم أنه مسلم فهذا
لا يخاطب في الفروع التي لا يؤمن هو بأصولها .. بل مثل هذا تقام عليه
الحجة ويدعى إلى الدخول مرة أخرى في الإسلام ويكلم في التوحيد ونواقضه ويخوف بالله وبأياته حتى إذا التزم فنبدأ في إلزامه بالشرائع التي
جاء لينقضها .. حيث أن العقيدة تقوم على شيئين .. تصديق خبر الله وتنفيذ أمره وهذا لن يكون من ملحد لا يؤمن بالربوبية أصلاً حتى تكلمه في العبودية ..
فإذا أمن أنه عبد لله له فهذا نلزمه بتصديق أخبار الله الغيبية وتنفيذ أوامره
الشرعية بموجب العقد الذي عقده أولاً وصار عقيدة تلزمه وتلزم كل مسلم ..
القسم الذي دخل في دائرة الإسلام .. ولكنه ضال يتبع هواه لا يعامل كما يعامل الجاهل الذي لايدري ولا يدري أنه لا يدري .. فينكر أشياء قد تخرجه من الملة لولا العذر بالجهل .. فالضال صاحب الهوى يتبع هواه وقد يصل به
هواه إلى المروق من الدين فهو على خطر .. والجاهل الذي يحتاج للعلم وهو يبحث عن الحق ولا يجده ولا يستطيع تمييزه ( وقد أصابته عدوى التدجن بفعل المؤثرات السمعية والبصرية) ينصاع إليك مع أول ومضة حق تسطع أمام ناظريه .. فهذا يعامل بالرفق واللين بخلاف صاحب الهوى
الذي هو أقرب للنفاق والكفر منه للإيمان فهو يعامل بالشدة والغلظة كما أمر النبي عليه السلام بمعاملة الكفار والمنافقين ..
قال تعالى : (يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير .. الأيات ..من سورة التوبة أية 73) ونحن نعامله بحسب ما يظهر منه.. فلا يناظر صاحب الهوى ولا يرفع شأنه إلا إذا دعت الحاجة والضرورة ويكون المناظر له عالماً متمكناً ..راسخاً في العلم ..
فإن ظهر منه ضلال بواح ضللناه وإن ظهر منه كفر بواح كفرناه ..أما إذا كان الحكم بكفره أو ضلاله بحاجة لتوفر شروط وانتفاء موانع فيكون الحكم عليه منوط بالعلماء الكبار ونحن لهم تبعاً .. إلا الكفر والضلال البواح هذا لا يحتاج لفتوى عالم ..
فليس الأمر فوضى في دين الله.. بل هو محكوم بنظام وقواعد دقيقة قعدها أهل العلم من أهل السنة والجماعة السائرين على درب السلف الصالح ..
وما يترتب على الحكم هو من شأن ولاة الأمر لا دخل للعامة فيه فقط يلزمهم
الحذر والتحذير من المحكوم عليهم سواء بالضلال والبدعة أو بالكفر والردة ..
فلا يستمع لكلام مبتدع في دين الله فضلاً عن مرتد ..
تصحيح المسار
سبق وأن قسمنا المدجنين إلى ثلاثة أقسام .. وبينت كيف يتم التعامل
مع ثلاثتهم المعاملة الشرعية التي تناسب كل منهم بحسب حاله ونسبة
التدجين التي وصل إليها ..
والأن سنقوم بتجربة عملية مع أحد الأنواع الثلاثة .. وهو النوع الذي
لايدري ولا يدري أنه لا يدري ..
كيف نقوم بتصحيح مساره ؟
نعم فهذا النموذج بحاجة إلى تصحيح مسار وقبل تصحيح المسار هو بحاجة إلى تصحيح أوضاع .. فالذي يمشي على رأسه ويفكر بقدميه لا شك أنه بحاجة
إلى تصحيح وضعه أولاً .. لأنك لو ذهبت تكلمه فلن يسمعك برجليه! .. لكن لو صححت له وضعه
وصارت أذنه مما يليك .. ساعتها .. يمكن أن يسمعك ويقبل منك .. فتبدأ في توجيهه في المسار الصحيح
والذي تم تدمير ونسف خريطته في كثير من الأذهان عبر العصور
منذ أن بدأ إبليس يعبث بالعقل البشري ويحرفه عن المهمة الأساسية
التي من أجلها خلق .. نعم .. فبداية التدجين أبعد مما تتصور ..
فالشيطان هو أول من اخترع التدجين .. واتخذ ممن دجنهم حزباً وجنداً .. الأمر قديم يا صاحبي .. فكن طويل النفس وتعال معي نصحح المسار .. ولا أدعي علماً خفياً ولا فلسفة شقية ..
إنما الميزان الذي سنزن به الأفكار والتوجهات هو ميزان متوفر
لدى كل مسلم .. إنه الوحي المعصوم .. فلم يتركنا ربنا عالة على
مائدة إبليس ولم يهبط الإنسان على الأرض إلا وقد تعلم الأسماء
كلها .. علم الرب جل وعلا أدم أسماء كل شيء .. التوحيد والشرك الحلال والحرام .. الحق والباطل .. المعروف والمنكر ..
هبط الإنسان
وهو يعرف ربه .. ويعرف حقيقة ما حوله وطبيعة مهمته ومن عدوه
ومن وليه .. ومن أين يستقي معارفه .. وهبط معه عدوه الأبدي..
الذي يعرف مهمته أيضاً .. وهى نسف المهمة الإلهية التي هبط بها
الإنسان على الأرض ببث مفاهيم مغايرة ومعارف مضادة لما تلقاه الإنسان من ربه .. فيصير الإنسان تائهاًُ لايدري من أين بدأ وكيف يسير وإلى أين ينتهي ..
كثير من هؤلاء لا يدري حقيقة وجوده في هذا الكون ..
لماذا هو هنا على هذه الأرض .. ولو أجاب فسيجيب من مائدة إبليس
ولن يجيبك من كتاب ربه الذي أنزله الله لهداية البشر .. وإرشادهم إلى المسار الصحيح .. بل ستجده يستنكف أن يذكر لك أية أو حديث
وسيأتي لك بكلام أفلاطون وسقراط وهو يشعر من داخله بالفخر والخيلاء وهو ينقل عن هؤلاء .. وهؤلاء نقلوا علومهم من من ..
من الوحي الإلهي المعصوم .. أم من وحي الشيطان الرجيم ..
بعضهم لو قلت له قال ابن عباس اشمأزت نفسه .. ولسان حاله ومقاله
يقول : ستعيدنا للقرن الأول الهجري .. ثم تجده يستدل لقول فيلسوف
عاش قبل ميلاد المسيح عليه السلام! .. وهو في قمة الفخر والخيلاء..
عاد بك إلى نخالة زبالة أفكار الوثنيين قبل ألفي عام .. وهو فخور!
من ابن عباس ومن أرسطو ؟..
الأول هو صاحب رسول الله ..صلى الله عليه وسلم ..
والثاني صاحب ماذا؟ .. من أين استقى علومه ومعارفه ..
فهمت الفرق الأن ...
ومازلنا في محاولة تصحيح الوضع والمسار..
المهمة والغاية
سبق الإشارة إلى قضية الغاية والهدف من خلق الإنسان ودور الشيطان وحزبه في حرفه عن تلك الغاية ..
(( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ))الذاريات 56
((يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون )) الاعراف
(( قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ( 38 ) البقرة
وقال صلى الله عليه وسلم :إن الدنيا حلوة خضرة. وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون.. الحديث..
وقال عليه السلام : كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ..
خلق الله الإنسان لعبادته وجعل له الأرض مقر قيامه بتلك العبودية دار الابتلاء والامتحان .. وانزل عليه الكتب وأرسل له الرسل من أجل هدايته
إلى طريق الرشاد .. وفي المقابل .. قام الشيطان وحزبه باجتيال البشر وحرفهم عن تلك الغاية إلى غايات أخرى بكلمات براقة ظاهرها فيه الرحمة وباطنها السم الزعاف ..
((فوسوس إليه الشيطان قال ياآدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى ( 120 ) فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى ))
لم يقل إبليس لأدم هل أدلك على الشجرة المحرمة .. بل سماها شجرة الخلد
وهذا هو ديدن الشيطان وحزبه .. تسمية الأشياء بغير اسمها حتى تنطلى الشعارات الخداعة على بني البشر .. فلن يسمى لك الخمر باسمه ولا الزنى باسمه .. ولا حتى الكفر باسمه .. بل سيسمى لك الخمر شراباً روحياً ..
والزنى .. صداقة وحرية شخصية .. وسيسمى لك الشرك إبداع فكري ..
وهذا نسف للمعاني الشرعية التي علمها رب العزة لأدم عليه السلام وانزلها في الكتب السماوية على قلوب أنبيائه ورسله المقربين ..
مهمتك هى التوحيد .. وضدها الشرك .. ومن لم يعرف الشرك وقع فيه ..
مهمتك في الأرض ان تكون عبداً لله .. حق عبادته .. وخلق لك ما في الأرض من أجل تيسير مهمتك.. فهى وسائل وليست غايات ..
مهمتك أن تقوم بتسخير تلك الوسائل لتحقيق معاني العبودية ..
أنت لا تعمر الأرض غاية .. بل تعمرها طاعة لله .. فالأرض لله وليست لك وأنت مجرد مستخلف فيها ..سائراً فيها على شريعة الله (المنهج والمحجة .. افعل ولا تفعل ) تتزوج طاعة لله وتنجب
وتربي ولدك ليكون في طاعة الله ويحمل من بعدك لواء التوحيد ..
الموظف مستخلف في وظيفته يطيع ربه في وظيفته .. والزوج مستخلف على زوجته وبيته .. والحاكم مستخلف على رعيته ومسئول عنها أمام الله فلابد أن يطيع الله فيهم ويقوم بحقوقهم عليه .. والرعية تقوم بحقوقها تجاه راعيها
طاعة لله .. وحده لاشريك له ..
والشيطان يقول لك .. الله في المعابد وفقط (عياذاً بالله ).. والأرض تسوسها
بحسب ما تراه أنت مصلحة فهى غايتك (الوصول للسعادة البشرية!)
أن تلبس جيداً وتأكل جيداً وتحيا في رخاء.. ثم .... ماذا بعد ..
تكون حطباً لجهنم !....
تنتحر لأنك لم تهتم بغذاء الروح كاهتمامك بغذاء البدن .. لأنك لم تعرف غاية وجودك .. وأن عزل الدين عن الحياة هو نسف للغاية التي من أجلها رزقك الله الحياة .. فحياتك هبة من الله لغاية وهدف .. فكيف تنسف الغاية والهدف
وتتمسك بحياة زائلة بلا طعم او رائحة .. بلا هدف حقيقي ..
تصور رجل استعمل خادماً على أرضه وشرع له طريقة العمل في تلك الأرض
وقال له: افمل فيها كذا وكذا..ولا تفعل فيها كذا وكذا.. فلما تمكن من الأرض .. صار يعمل فيها كما يحلوا له كأنها أرضه .. ولم تنتهى بجاحته عند ذلك الحد ..قال لصاحب الأرض : الأرض ملكي ولا علاقة لك بها .. أسوسها كما أشاء.. ترى كيف سيكون رد فعل صاحب الأرض.. المالك الحقيقي ..
(( إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين))
الدنيا جنة الكافر وسجن المؤمن ..
و((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل))..
(( وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين )).
ساحة النقاش