وهم بعض معلمي اللغة العربية وبعض مدربي القرائية في التحليل الصوتي للكلمات المحلاة باللام الشمسية
فريد البيدق
مقالات متعلقة
تاريخ الإضافة: 16/3/2015 ميلادي - 25/5/1436 هجري
زيارة: 35432
وهم بعض معلمي اللغة العربية وبعض مدربي القرائية
في التحليل الصوتي للكلمات المحلاَّة باللام الشمسية
(1)
بينتُ في مقال "أوهام بعض المعلمين في بعض إستراتيجيات القرائية" أوهامًا كنتُ أظنُّها الأخيرة، لكنَّ التعاملَ مع المعلمين والتلاميذ وحضور الدورات التدريبية يولِّد المزيدَ منها.
كيف؟
تجد معلومات مغلوطة غير مفهومة على وجهها الصحيح، أو تطبيقًا غير صحيح لمفهوم ما، أو... إلخ؛ لذا سنعيشُ هذا المقال مع وهمٍ يسكنُ رأسَ بعض معلمي اللغة وبعض مدرِّبي القرائية الذين يدربونهم.
ما هو؟
إنه مهارةُ التحليل الصوتي للكلمة البادئة باللام الشمسية.
وقبل البدء نعرِّفُ اللاَّم الشمسية؛ فنقول: إنها اللام التي تُدغَم في أربعة عشر حرفًا من حروف اللغة العربية؛ هي: (التاء، الثاء، الدال، الذال، الراء، الزاي، السين، الشين، الصاد،الضاد، الطاء، الظاء، اللام، النون).
وتجمع في أوائل كلمات البيت الآتي:
طِب، ثم صِل رُحمًا تفُز، ضِف ذا نعم دع سوءَ ظنٍّ، زُر شريفًا للكرم |
ونسأل: ما أسباب هذا الإدغام الشمسي؟
أسبابه؛ هي أسباب الإدغام عامَّة؛ وهي: التماثلُ، أو التجانس، أو التقارب.
كيف؟
تُدغَم اللام في اللام تماثلاً، وتُدغم في النون والراء تجانُسًا على الرأي الذي يجعل مخرجها واحدًا، أما على الرأي الذي يُفرِد اللام بمخرجٍ والراء بمخرج والنون بمخرج؛ فإن سببَ الإدغام هو التقارب، وتدغم في بقية الحروف تقاربًا.
ولِمَ سمِّيَت هذه اللام باللام الشمسية؟
لظهورها في كلمة "الشمس"؛ ولأن الشمسَ نجم يسطع فيستُر ما عداه من كواكب ونجوم، فشبَّه اختفاء الحرف المدغم في اللام باختفاء النجوم والكواكب الأخرى حال ظهور الشمس.
(2)
ما الوهم الذي يحدُث في تحليل الكلمات المبدوءَة باللام الشمسية؟
إنه وَهْم التقطيع الصوتي؛ أي: التحليل الصوتي.
هل يحدث في كل الكلمات التي تبدأ باللام الشمسية؟
لا.
كيف؟
إنه يحدث في الكلمات التي تدخُل فيها "أل" على الكلمات التي تبدأ بالحروف الشمسية ما عدا تلك التي تبدأ بحرف اللام؛ فكلمات مثل "الليل، واللبن، واللين، وغيرها" لا تُحْدِث هذا الإشكال عند تحليلها.
إذًا، فإشكال مقالنا؛ هو: اللام الشمسية في الكلمات التي لا تبدأ باللام.
ماذا يحدث فيها؟
يحدث خَلل واضطراب في تحليلها عند بعض معلِّمي اللغة العربية وبعض مدربي القرائية.
لماذا؟
لأنهم يخلطون بين مُستويين من مستويات اللغة.
ما هما؟
مستوى الأصوات في النطق، ومستوى الحروف في الكتابة.
ماذا يعني ذلك؟
يعني أن التحليلَ الصوتي ينبني على قانون "ما يُنطق أساسُ التقطيع، لا ما يُكتب".
لماذا؟
لأن الأصوات سلسلة نطقية، وليست سلسلة كتابية.
وماذا يفعل بعضُ المعلمين وبعض المدربين وبعض مؤلفي الكتب التعليمية الشهيرة؟
يجعلون الكتابةَ معيارَ التقطيع في هذه المسألة فقط؛ فيراعون ما يُكتَب، ويهملون ما يُنطَق، على الرغم من تسميتهم فعلهم هذا تقطيعًا صوتيًّا؛ فيقعون في الوهم والخطأ.
مثل ماذا؟
مثل تقطيعهم كلمة "الشَّمس"، أو أي كلمة فيها لام شمسية.
كيف يقطعونها؟
يقطعونها كالآتي: الشْـ/ شمْـ/ س.
ماذا راعوا في ذلك؟
راعَوا الخط ولم يراعوا الصوت.
لماذا؟
لأنه يحدوهم وَهْم زعزعة تفكير التلميذ وبَلبلته عند دَمْجه المقاطع مرةً أخرى؛ فإن ظهرَت اللام في التقطيع فإنه سيدمج المقاطع من دون صعوبة، أما إن اختفَت فإنه سيجد صعوبةً تقارب الاستحالة.
هذا ما يتوهَّمونه ويزعمونه؛ لذا أظهروا اللاَّم حتى إذا أدمج التلميذُ المقاطعَ لم يجد حرجًا، وما دروا أن هذه اللام لا يجب لها أن تظهر بحالٍ من الأحوال؛ لأنها أُدغمت في الشين، وصارتا شينًا واحدًا، يرتفع بهما اللسانُ مرة واحدة؛ مما يُوجب أن يكون التقطيعُ مبنيًّا على الصوت، وهو المعيارُ الصحيح.
كيف؟
سيكون التقطيع الصحيح هو: اشْـ/ شمـ/ س.
وقد يدفع وهمُهم هذا سائلاً أن يسأَل: وكيف يُرجع التلميذُ اللام بعد اختفائها إن طلبوا منه دمج المقاطع؟
والجوابُ يسيرٌ، بل هو جد يسير.
كيف؟
إن مما يُعطاه التلميذُ المخوف عليه ويدرسه ويُدرَّب عليه كثيرًا مبحثَيْ "ما يكتب ولا ينطق، وما ينطق ولا يكتب"، وما يحدث هنا لا يخرجُ عن هذين المبحثين اللذين يجيدُهما ذلك التلميذُ الذي يخافون عليه البلبلةَ عند دمجه مقاطع الكلمة ذات اللام الشمسية وهي أيسر منهما.
كيف؟
كما يعلِّمون التلميذ أن الكلمات الآتية فيها حروفٌ تُنطق ولا تكتب: "هذا، ولكن، والرحمن، و... إلخ"، وكما يعلِّمونه أن هناك حروفًا تكتب ولا تُنطق؛ مثل: الواو، والألف الفارقة، والواو، والألف في كلمات (عمرو، وقالوا، وأولئك، ومائة).
وكما يعلِّمونه أن هناك حالة يَحدث فيها أن مجموعة من الحروف تكتب ولا تنطق كما يحدث عند التقاء واو الجماعة بألفِها الفارقة مع ساكنٍ في وَصل الكلام؛ مثل قولنا: (قالوا الحمد لله)؛ فإن الواو والألف الفارقةَ وهمزةَ الوصل لا تنطق.
أقول: كما يعلمونه كلَّ ذلك، ولا يجدون غضاضة فيه، فإن الواجبَ أن يعلِّموه التقطيعَ الصحيح، ولا يجدوا غضاضةً في إفهامه أن اللاَّم تختفي في النطق الذي هو أساسُ التقطيع، لكنَّنا لو أعدنا كتابة الكلمة وجب إظهار اللام مرة أخرى؛ لأن الأساس اختلف.
(3)
ونتيجة لهذا الوهم راحوا يلتمسون الحلولَ، فماذا اقترحوا؟
اقترحوا أن يحذفوا "أل" كلَّها، فيتبقى لهم كلمة "شمس" فيقطعوها، ولا أدري ماذا سيجيبون التلميذ إن سألهم: ما سبب حذفكم "أل"؟ وما الفرق بين تقطيع كلمة "شمس" النكرة وتقطيعِ كلمة "الشمس" المعرفة؟ أم تراهم سيقمعونه إن فعل ذلك؛ لأنهم إن أجابوه فسيُدخلونه كهفَ البلبلة الذي حاولوا الهروبَ منه وهم مخطئون؛ لأنهم جافوا الواقعَ اللغوي الصحيح؛ فليت شعري، لم يتجشَّمون كلَّ ذلك والصواب يسير ولا بلبلة فيه؟
وماذا اقترحوا أيضًا؟
اقترحوا ألا يطالبوا التلميذَ بتحليل كلماتٍ تبدأ باللاَّم الشمسية، وهو اقتراحٌ لا يقلُّ عجزًا وتحايلاً عن سابقه، وإنك لن تعجب من كل هذا؛ فإن مِن شأن من ينكر الحقيقةَ أن يقع في الأوهام المضحكة!
- دليل ثقافة اللغة العربية للناطقين بغير العربية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
- إسبانيا: اختتام دورة تعلم اللغة العربية بالمدرسة العربية في فالنسيا(مقالة - المسلمون في العالم)
- التقطيع بين العروض والأصوات وبين القرائية(مقالة - حضارة الكلمة)
- العربية والعولمة(مقالة - حضارة الكلمة)
- إسبانيا: دورات الترجمة العربية واللغة العربية بمدرسة المترجمين(مقالة - المسلمون في العالم)
- بحث عن جهود مجمع اللغة العربية في حيفا بفلسطين للنهوض باللغة العربية (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
- مقترحات لتدعيم منزلة العربية وترقيتها عالميا(مقالة - حضارة الكلمة)
- جهود علماء كلية اللغة العربية في مجمع اللغة العربية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
- مجمع اللغة العربية الفلسطيني يصدر كتاب: مقاربات في تيسير اللغة العربية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
- مجمع اللغة العربية المدرسي رؤية مستقبلية لتعزيز اللغة العربية(مقالة - حضارة الكلمة)
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/literature_language/0/83846/#ixzz4X1cC8reA
ساحة النقاش