تكوين المعلمين بالكفايات: ماذا عن البرامج التدريبية؟
تكوين المعلمين بالكفايات: ماذا عن البرامج التدريبية؟
ا.مهدي بلعسلة فتيحة
جامعة تيزي وزو ( الجزائر )
مقدمة:
إنّ إعداد المعلّم من الأولويات التي تهتمّ بها الأمم لما له من تأثير في مستقبل أجيالها ،فلقد شغلت قضية إعداد المعلمين وإكسابهم الكفايات اللازمة في مجال التدريس مكانا في أولويات الفكر التربوي المعاصر لمواجهة التحديات المحلية والعالمية (عياد وآخرون،2006 ، ص1).
ولعلّ الهدف الأوّل من إعداد المعلّم هو مساعدته على إمتلاك الكفايات التعليمية اللازمة لممارسة أدواره بدرجة عالة من الفاعلية،كما أنّ عدم توفّر المؤهّل قد يؤدي الى تراجع نتاجات التعليم(الزعانين جمال،2001، ص 72)
لقد بدأ الاهتمام العالمي والعربي بالمعلم والكفايات التي يحتاج أن يمتلكها عندما تم دراسة الكفايات التدريسية كاتجاه تربوي سائد من خلال برامج إعداد المعلمين ، وقد عرف هذا الاتجاه بالتربية القائمة على الكفايات (Competency - Based Education) وذلك أواخر القرن الماضي. ونتيجة لذلك تم القيام بكثير من الدراسات والأبحاث الميدانية للتعرف على أهم الكفايات التدريسية والتعليمية الواجب توافرها لدى المعلم. وأصبحت تلك الكفايات مقياساً يقاس به نجاح المعلم وقدرته على أداء مهامه ودوره كعنصـر أساسي في العملية التعليمية ، فهي تمنحه القدرة على جعل موضوع الدرس أكثر حيوية وتقبلاً لدى الطلاب ، وتحقق الأهداف التربوية تحقيقاً فاعلاً(Lochrie,1999).
ومن جهة أخرى إحتلّ موضوع تدريب المعلمين والبرامج التدريبية مكانة هامة في الميدان التربوي،فأصبح المعلّم أكثر نضجا بالتدريب،وأصبح تدريب المعلمين ضروري لازالة سلبيات محاولة الصواب والخأ وفق ذلك،وليستغلّ الحدّ الأعلى من وقته وطاقته للتعليم (البرطي ،2010 ،ص 6).خاصة في ظلّ ظهور حركة تربية المعلّم القائمة على أساس الكفايات.
1- مامفهوم الكفاية في التربية؟
المقصود بالكفاية في التربية مختلف أشكال الأداء من إتجاهات ومعارف ومهارات التي تمثّل الحدّ الأدنى لتحقيق الأهداف العقلية والوجدانية والنفس-حركية والتي تظهر في أداء المعلّم (رشدي طعيمة،1999، ص25).وهي قدرات نعبّر عنها بعبارات سلوكية تشمل مهام معرفية مهارية ووجدانية،تكوّن الأداء النهائي المتوقّع إنجازه بمستوى معيّن مُرضٍ من ناحية الفاعلية،والتي يمكن ملاحظتها وتقويمها بوسائل الملاحظة المختلفة(الفتلاوي،2003، ص 29).ويعرفها "عبد الله آل قصود" بأنها : " أهداف سلوكية إجرائية يؤديها المعلمون بدرجة عالية من الإتقان والمهارة في المجالات التربوية والتعليمية المختلفة لتحقيق تعلم أفضل ولتصبح العملية التعليمية والتربوية ذات قيمة تعليمية عالية".
وتعرفها "يسرى السيد" من جهتها بأنها:" مجموعة من المعارف والمفاهيم والمهارات والاتجاهات التي توجه سلوك التدريس لدى المعلم، وتساعده في أداء عمله داخل حجرة الدراسة وخارجها بمستوى معين من التمكن، ويمكن قياسها بمعايير خاصة مُتفق عليها "
ويرى (Fredrick) أن الكفاية في التربية تتشكّل من ثلاثة عناصر وهي:
1- العنصر المعرفي:ويتألّف من مجموع العمليات المعرفية وقدرات عقلية والوعي والمهارات الفكرية الضرورية لأداء مهام الكفاية.
2- العنصر السلوكي:الذي يتألّف من مجموعة الأعمال والحركات التي يمكن ملاحظتها.
3- العنصر الوجداني:ويشير الى عوامل الإلتزام والثقة بالنفس(جرادات وآخرون،دت، ص ص 50-52)
وأوضح جامع (1986) أن التربية القائمة على الكفايات قد انفردت بعدد من السمات منها:
§ اتباع خطة منهجية في تحديد الكفايات ووضع برامج التدريب عليها.
§ معيار سرعة ونمو الطالب يتضح في سلوكه وليس بالوقت المخصص له .
§ تنمي قدرات وكفايات خاصة لدى المعلم مما يؤدي إلى انعكاس معارفه انعكاساً وظيفياً على أدائه.
§ تقترب بالمعلم إلى أقصى درجة ممكنة من متطلبات عمله الميداني وذلك من حيث المستوى الأكاديمي والمهارة في الأداء.
§ تركز على العديد من الاتجاهات التربوية والنفسية المعاصرة في مجالات التربية وعلم النفس كالتعليم الذاتي وتفريد التعليم.
§ الاهتمام بالاتجاهات المعمول بها في مجال تكنولوجيا التعليم.
§ استخدام التقويم بأنواعه المختلفة : تشخيصي ، القبلي ، البنائي.
ويضيف( الحذيفي،2003 ، ص8)أنّ الكفاية في التربية بصفة عامة تعني "القدرة على اكتساب مجموعة من المعارف والخبرات والمهارات وتكوين الاتجاهات التي تجعل المعلّم متمكنا من أداء مهمّته التعليمية بمستوى محدّد من الإتقان".
2- المهنية التي ينبغي ان تتوفر لدى المعلّم:
يعتمد نجاح العملية التعليمية في أي نظام تعليمي على مدى فاعلية مدخلات هذا النظام،وتمثلّ مواصفات المعلّم أحد أهمّ تلك المدخلات باعتباره العنصر المنشّط للعملية والمتغيّر الرئيسي لها وعليه كان لابدّ على المعلّم أن تتوفّر فيه مجموعة من الكفايات لكي يكون فعالا في مهنة التدريس وفي هذا الصدد يقترح (عبد اللطيف،1988) مجموعة من الكفايات التي يجب أن يتمتّع بها المعلّم وهي كما يلي:
- كفاية التخطيط للتعليم وتوظيف الوسائل التعليمية.
- كفاية تحديد الاستعداد واستثارة الدافعية للتعلّم.
- كفاية توظيف المواد التعليمية والمناهج التربوية.
- كفاية التوجيه والارشاد والتقويم.
- كفاية العلاقات الانسانية و التفاعل الصفي والاتصال والتواصل.(عن البرطي،2010،ص 62)
ومن جهتها تحدّد (الفتلاوي،2003)الكفايات التي ينبغي توافرها في المعلّم الفعال من خلال أربعة أبعاد وهي:
- البعد الأخلاقي:يتمتّع بأخلاقيات مهنية عالية،يظهر اهتماما وثقة بطلبته ويعاملهم معاملة انسانية قائمة على الاهتمام ويشجّع الاحترام المتبادل بينه وبين المتعلمين،يتعامل مع المتعلمين برحابة صدر حيث يبدو الفصل وكأنّه عائلة كبيرة فلايخاف المتعلّم من المدرسة أو من المعلّم.
- البعد الأكاديمي:ويضمّ الكفايات الأكاديمية(المعرفية) اللازمة لتمكينه من ممارسة تدريس مادة ما بفاعلية.
- البعد التربوي:يضمّ البعد التربوي كفايات تنظيم بيئة الفصل،جذب الإنتباه للدرس ،تحسين الإتصال،التعزيز،تنمية الانضباط الذاتي وغيرها...
ولقد أشار "جونسون"Johnson,D 1979 (نقلا عن :الأزرق،2000،ص 4) الى مجموعتين من الكفايات المهنية التي ينبغي أن تتوافر لدى المعلّم لكي يكون فعالا في مهنة التدريس وهما:
- كفايات تتّصل بمهام التدريس ويسميها بالكفايات التقنية كاستخدام طرق وأساليب تدريس فعالة ووسائل تعليمية مناسبة،وكلّ ما يتّصل بالمهام التعليمية داخل المدرسة.
- كفايات تتّصل باقامة علاقات التعاون والتفاعل الاجتماعي بين المعلّم وتلاميذه من جهة وبين المعلّم والمسئولين وادارة المدرسة والزملاء من جهة أخرى.
نستخلص ممّا سبق أنّه على المعلّم أن يتمتّع بمجموعة من الكفايات حتى ينجح في أداء مهمّته،ومن هنا تظهر أهمية وجود برامج تدريبية لصالح الطلبة/المعلمين وذلك لمساعدتهم على إكتساب مجموعة من الكفايات وخاصة في ظلّ ظهورحركة التكوين على أساس الكفايات في التربية.
3- حركة تربية وتدريب المعلّم على أساس من البرامج القائمة على الكفايات:
تعتبر الحركة التي عُرفت باسم تربية المعلّم القائمة على أساس الكفاية Competency-Based Teacher Education (C.B.T.E) من أبرز الاتجاهات الحديثة في عملية اعداد المعلّم وتأهيله وتدريبه،وتُعدّ من أبرز ملامح المستحدثات التربوية المعاصرة والأكثر شيوعا وشعبية في الأوساط التربوية المهنية لإعداد المعلّم ،ولقد اتّسع الإهتمام بها حتى أصبحت سمة
مميّزة لمعظم برامج إعداد المعلمين وتدريبهم في معظم الدوّل المتطوّرة،كما قطعت مراحل متقدّمة في الكثير منها.(الفتلاوي،2003،ص65)
انّ الفكرة الرئيسية لهذا الاتجاه تتلخّص في أن تحديد كفاية أداء المعلّم وفق محكّ محدّد هي الأساس الذي يستند له إعداد المعلّم وتدريبه قبل الخدمة وفي أثنائها(الفتلاوي،2003،ص ص 54-55).
ويعتني هذا الاتجاه،الى جانب المعارف،بحصيلة تربوية متعدّدة الأبعاد تشمل: القيّم، المُثل ،الاتجاهات،الميول،الى جانب مهارات عديدة مثل التخطيط،التنفيذ والتقويم وغير ذلك من المهارات التي يحتاج اليها المعلّم ليؤدي أدواره(جابر وآخرون،1985،ص10).
ولقد ساعد في نشأة هذه الحركة وانتشارها في مطلع الستينات عوامل متعدّدة منها:
1-أن التحرّك باتجاه البرامج القائمة على الكفاية كان نتيجة لمطالبة الجماهير بمردود أفضل لعملية التعليم.وأن تكون المدارس أكثر استجابة وفعالية للمتطلبات الاجتماعية والفردية وأن تحقّق ما تقول أنهّا تحقّقه ،كما أنّ مدراء المدارس بدأوا يرغبون في التعرّف على أنّ معلميهم يتمتعون بكفاية عالية يطبقونها في داخل الصفّ من حيث المعرفة والمهارات والاتجاهات،وكذلك طلبة اعداد الذين بدأوا يرغبون التأكّد من كفايتهم التي تُمكّنهم من الأداء الجيّد في أوّل موقف تعليمي سوف يقفونه.
2-جاءت هذه الحركة أيضا كردّ فعل للأساليب التقليدية التي تسود برامج الاعداد لتتجاوز ثغراتها وعيوبها والتي تُؤكّد على الجانب النظري،والتي تستند على المفهوم التقليدي لتربية المعلّمين،والذي مؤداه أنّ إمداد المعلّم قبل الخدمة بقدرٍ من المعلومات والمعارف المتنوعة،وإكسابه نوعا من الخبرة في التدريس من خلال دراسة مقررات تربوية تجعله معلّما كفؤاً قادراً على تحمّل أعباء المهنة ومسؤولياتها،وعلى العكس من هذا المفهوم فإنّ حركة تربية المعلمين القائمة على الكفاية تستند على تحديد الكفايات المرتبطة بأدوار المعلّم ومسؤولياته في الموقف التعليمي، وهي تشير الى كمّ ونوع المعارف التي يجب تعلّمها ، والمهارات التي يجب إكتسابها.
3-التطوّر الواسع في مهنة التدريس وما صاحبه من دراية واسعة بخصائص المعلّم ونوعيات سلوكه في المواقف التدريسية المختلفة،والايمان بأدوار جديدة ينبغي أن يمارسها فهو معلّم ومتعلّم في نفس الوقت وهو مبتكر ومجدّد.
4- جاء هذا الاتجاه كاستجابة لانسحاب الكثير من المفاهيم الاقتصادية وأساليبها على النظام التعليمي،وعلى مراحل التعليم ومستوياته كافة،فظهر مفهوم (اقتصاديات التعليم) وبه يتمّ التركيز على مقدار ما ينفقه المجتمع على التعليم ونتائجه،وقد أدى ذلك الى قيام الكثير من الدراسات التي عنيت بكفاءة التعليم الداخلية والمقصود بها(المناهج،الطرائق،الوسائل التعليمية،ونسبة النجاح والرسوب والتسرّب وغيرها)ومن هنا بدأت برامج اعداد المعلمين تهتمّ بنوعية المخرجات،وهي النتائج النهائية المتمثلة في التغيرات المتوقّع حصولها في معرفة وسلوك وأداء الطالب/المعلّم.فتحوّل بذلك انتباه برامج الاعداد الى الكفايات التي يحتاجها المعلّم من حيث المعرفة والمهارات والاتجاهات المعينة،والتي ينبغي أن يكتسبها ليستطيع تأدية مهمّته،وليكون أكثر فعالية.
5-ان تطوّر التكنولوجيا وتوفّرها سهّل تنفيذ منهج الحركة في عملية التعلّم والتعليم.إنّ هذه التغيرات والتطوّرات العلمية والاجتماعية والمهنية أدّت الى تصميم وبناء مثل تلك البرامج التي تقوم على تربية المعلّمين وإعدادهم وفق مبدأ الكفاية.(الفتلاوي،2003،ص ص 33-34).
وتمثل التربية القائمة على الكفايات أهمية قصوى لفعالية التدريس وقدرة المعلم على أداء عمله بأحسن وجه وذلك من خلال التأكيد على الأدوار الرئيسية للأهداف السلوكية في التخطيط والتنفيذ والتقويم ، وتحديد المهارات التعليمية الأساسية اللازمة لإعداد للمعلم الجيد ، إلى جانب تطوير الأداء الوظيفي للمعلم لممارسة مهنة التدريس بفاعلية ( خطاب ، 1992).
4-تعريف البرامج التدريبية:
إنّ الأدب التربوي والمؤتمرات والندوات التربوية العربية أبدت الإهتمام الواسع النطاق بحركة إعداد المعلّمين وتدريبهم القائم على الكفايات التدريسية استنادا الى مبدأ التأكيد على التدريب باعتباره مظهرا من مظاهر التغيّر والتجديد والتطوّر في تنمية القوى البشرية
وامتلاكها القدرات على أداء وظائف مستقبلية بفعالية فضلا عن المطالبة المستمرّة بتكامل المجالين النظري والتطبيقي أو الفكر والممارسة في إعداد المعلّم وتدريبه على نحو يوثّق صلته بمهنته ويمكّنه من مواجهة تنفيذ المناهج بأسلوب وظيفي يفيد الطالب في مجتمعه وبيئته(الفتلاوي،2003، ص58) .
ولقد عرّف الباحثون في مجال التربية والتكوين التدريب باعتباره مجموعة من البرامج والدورات الطويلة أو القصيرة والورشات الدراسية وغيرها من التنظيمات التي تنتهي بمنح شهادات أو مؤهلات دراسية وتهدف الى تقديم مجموعة من الخبرات المعرفية والمهارية والوجدانية اللازمة للمعلّم لرفع مستواه العلمي والإرتقاء بأدائه التربوي والأكاديمي من الناحيتين النظرية والتطبيقية ،ويٌصمّم البرنامج التدريبي عادة لزيادة الكفاية الإنتاجية عن طريق علاج أوجه القصور أو تزويد العاملين في التعليم بكلّ جديد من معلومات ومهارات واتجاهات لزيادة الخبرة وصقل الكفاءة الفنية ومن خلاله يتمكّن المعلّم من تطوير قدراته (مصطفى عبد السميع وآخرون،2005).
ويُقصد بمفهوم التدريب كذلك كلّ برنامج منظّم ومخطّط يمكّن المعلمين من النموّ في المهنة التعليمية،والحصول على المزيد من الخبرات الثقافية،والمسلكية وكلّ ما من شأنه أن يرفع من مستوى عملية التعليم والتعلّم،ويزيد من طاقة المعلمين الإنتاجية(عبد القادر يوسف،1985)
وتتنوّع برامج التدريب للمعلمين أثناء الخدمة بتنوّع احتياجاتهم واختلاف تخصصاتهم ومؤهلاتهم وذلك لتحقيق الهدف من التدريب،ويبقى الهدف من البرامج التدريبية هو نقل المعلومات والخبرات الجديدة لجعل المعلمين والإداريين وسائر التربويين مواكبين التطورات والتجديدات التربوية ويهتمّ المسءولون بضرورة مناسبة هذه البرامج للحاجات الفعلية للمعلمين والطلبة والسلطات التعليمية،وتحقيقا لهذه الأهداف التربوية طعدة اتجاهات في مجال تصميم البرامج التدريبية ومنها اتجاه:برامج التدريب القائمة على الكفايات(البرطي 2010، ص 90-91).
5- التربية القائمة على الكفايات ببرامج إعداد المعلمين:
في الستينات من القرن الماضي ظهر اتجاهً في برامج إعداد المعلمين عرف باسم التربية القائمة على الكفايات (Competency - Based Education) حيث انتشر هذا الاتجاه انتشاراً كبيراً في الولايات المتحدة الأمريكية وأخذت به العديد من كليات ومعاهد إعداد المعلم. ولاسيما إنه حظي بتأييد الكثير من البحوث التجريبية، مثل دراسات (ستانفورد 1976 ، ويونج ويونج 1969 ، وويليمز 1977، وجامع 1983) حيث ركزت هذه الدراسات على أهمية هذا الاتجاه في تنمية الكفايات التدريسية المرغوبة في أداء المعلم (جامع ، 1984 - ص67).
لقد ظهر اتجاه اعداد المعلّم في ضوء فكرة الكفاية عند(Lucien Kenny) عام (1952) في دراسته التي أعدّها حول إعداد المعلمين من خلال تعاونه مع مجلس كاليفورنيا لإعداد المعلمين، وذلك لمتابعة وتقويم أداء المعلمين في مراحل التعليم العام (الجسار،1991).
وبدأ الإهتمام يتزايد بهذا الاتجاه،ففي سنة (1968) قامت بعض الولايات والجامعات في الولايات المتّحدة الامريكية بإعداد قوائم لكفايات تربية معلمي المرحلة الابتدائية اللازمة لمعلّم المرحلة الإبتدائية.كما ظهرت قائمة لكفاية (Toleado)لتربية معلمي المرحلة الابتدائية بصورة تحسّن من طريق إعدادهم وزيادة فعاليتهم.
كما تناول بيبر وهوستن (Piper & Houston, 1980العديد من الدراسات التي وصفت عدد من تعاريف قوائم الكفايات بإعتبارها تقيس مستوى أداء المعلم من الناحية المعرفية والمهارية والوجدانية بإعتبارها أفضل المعايير للتعرف على مستوى الأداء التدريسي للمعلم أثناء الخدمة. ولذلك فقد حدد دودل (Dodl, 1973) ثلاثة أهداف رئيسية لقوائم الكفايات: تحدد نوعية البرنامج، وصياغة أهداف البرامج التدريسي، ووضع الأسس اللازمة لتقويم المتعلم. وتوجه هذه القوائم أداء المعلم لتطوير مخرجات تعليم المتعلمين من خلال تحقيق الأهداف التربوية وتطبيق أفضل طرق وأساليب للتدريس. وعلى ضوء ما سبق يتضح أن إعداد المعلم على أساس الكفايات قد حاز على أهمية وأفضلية من الأساليب التقليدية والتي تركز على المحتوى (الجسار،1991).
كما أنّ مصطلح الكفاية ظهر عام (1969) في دائرة معارف البحوث التربوية،وهكذا بدأ الاتجاه ينمو الى أن أصبح هناك ما يسمى بالبرامج التعليمية القائمة على الكفاية،أقيم في ضوئها وضع برامج إعداد المعلّم وتدريبه قبل الخدمة وفي أثنائها،تتحدّد فيها المعارف والاتجاهات والسلوك المطلوب أداؤه من قِبل المعلمين.(الفتلاوي،2003،ص 64).
وإعداد برامج تدريب المعلّم في ضوء الكفايات يعني:
- تحديد الكفايات المطلوبة من المعلّم في برامج الإعدادات بشكل واضح حتى تضمن تحقّق المعلّم لها.
- تدريب المعلّم على الأداء والممارسة على عكس ماهو معروف في برامج الإعداد التقليدية المبنية على أساس المعارف النظرية.
- تزويد برنامج الإعداد بالمعيار الذي سيتمّ بموجبه تقويم كفايات المعلّم(محمّد سعفان وآخرون2002).
6- برامج اعداد المعلّم القائمة على أساس الكفايات:
انّ توفير المعلّم الجيّد يُعدّ التزاما نحو الناشئين،ونحو مستوى مهنة التعليم،يضاف الى هذا ظهور مهارات مستجدة للتدريس مرتبطة باستخدام التقنيات التربوية يدفعنا الى إعادة النظر في برامج إعداد المعلّم بين الحين والآخر لتمكين المعلمين –قبل انخراطهم في المهنة-على اتقان تلك المهارات التي أصبح أمر استخدامها ضروريا لأنها تساعدهم في تقديم ايضاحات مهمّة للمتعلمين وعلى اثارتهم للتعلّم.كما أن الدور المتغيّر للمعلّم الذي عبر الحدود التقليدية يتطلّب أن تكون برامج اعداده قبل الخدمة وأثناءها برامج تقدّم الخبرات والأساليب التعليمية، وكلّ ما يكسب المعلّم كفايات عامة،وأخرى نوعية خاصة تتناسب مع هذا الدور،ومع متطلبات التطورات الحديثة في أهداف التعليم،ومحتواه وأساليبه ومصادره .
وقد تمّ في ضوء ذلك القيام بالعديد من المحاولات لتطوير برامج اعداد المعلّم خلال العقدين الأخيرين من القرن العشرين،ومن أهمّها استخدام التعليم المصغّر(Micro-teaching) وتحليل التفاعل اللفظي (Interaction-Analysis)،وبعدها،وفي الستينات من القرن العشرين ظهرت حركة واتجاه في برامج إعداد المعلّم عُرفت باسم تربية المعلّم على أساس الكفاية Competency-Based Teacher Education.
كان المقصود بهذا الاتجاه تلك البرامج التي تحدّد أهدافا دقيقة لتدريب المعلمين،وتحدّد الكفايات المطلوبة بشكل واضح ثمّ تُلزم المعلمين بالمسؤولية عن بلوغ هذه المستويات،ويكون القائمون بتدريبهم مسؤولين عن التأكّد من تحقيق الأهداف المحدّدة(الفتلاوي،2003،ص ص 31-32).
وهي البرامج التي تقوم على الكفايات التي من المتوقّع أن يظهرها الطلاب والتي تُستخدم معايير محدّدة لتقديرها،ويعتبر الطالب مسؤولا مسؤولية تامة عن تحقيق هذه المعايير،مع التاكيد على ضرورة إستخدام أساليب التعلّم الذاتي كأحد الأساليب الهامة في اكتساب الكفايات(Cooper J.M & Weber,W.R 1973 ).
تعرّف "اللولو فتحية" هذا النوع من البرامج باعتباره برنامجا يقوم على اكتساب الطالب /المعلّم مجموعة محدّدة من الكفايات من خلال مروره بمجموعة من الخبرات والأنشطة التعليمية التي صُمّمت بعد تحديد أهداف معينة بشكل سلوكي يمكن ملاحظته وقياسه ويتضمّن المعايير التي يتمّ في ضوئها تقديم المعارف والإتجاهات والأداء والحكم على وصوله الى مستوى الاتقان المطلوب (اللولو،2001، ص 65).
ويرى (الناقة محمّد كامل 1987 ،ص 13) ان البرامج التعليمية القائمة على الكفايات هي البرامج التي تعتمد على بيان وتحديد المعارف والسلوكيات والمهارات اللازمة للتدريس الناجح،وهي عادة ما تتضمّن مجموعة من الأهداف التعليمية تصاغ بطريقة يمكن ملاحظة تحقيقها في صورة سلوكيات أو معلومات محدّدة للمتعلّم.
ويذكر( رشدي طعيمة،2006، ص 34) أنّ البرامج التدريبية القائمة على الكفايات يشترك فيها نوعين من الأداء:أداء المعلّم وأداء الطالب .
كما يرى (عبد السميع وآخرون،2005 ،ص 26) أنّ برامج إعداد المعلمين القائمة على الكفايات ترتكز على أربع عناصر:
1- تحديد الكفايات المطلوبة من المعلّم في برنامج الإعداد بشكل واضح حتى نضمن تحقّق المعلّم منها.
2- تدريب المعلّم على الأداء والممارسة وليس على أساس المعارف النظرية.
3- تزويد برنامج الإعداد بخبرات تعليمية في شكل كفايات محدّدة تساعد المعلّم على أداء أدواره التعليمية الجديدة.
4- تزويد برنامج الإعداد بالمعيارالذي سيتمّ بموجبه تقويم كفايات المعلّم.
وبصفة عامة توصف البرامج القائمة على أساس الكفايات بأنّها مجموعة من الإجراءات تساعد الطالب/المعلّم في أثناء الإعداد على أن يكتسب المعلومة والمهارات والاتجاهات التي دلت البحوث والأدلّة العملية والخبراء على أنّها تستطيع أن تسهم في إعداده ليؤدي دوره بفعالية(الفتلاوي، 2003،ص 65).
وتمثل التربية القائمة على الكفايات أهمية قصوى لفعالية التدريس وقدرة المعلم على أداء عمله بأحسن وجه وذلك من خلال التأكيد على الأدوار الرئيسية للأهداف السلوكية في التخطيط والتنفيذ والتقويم ، وتحديد المهارات التعليمية الأساسية اللازمة لإعداد للمعلم الجيد ، إلى جانب تطوير الأداء الوظيفي للمعلم لممارسة مهنة التدريس بفاعلية ( خطاب ، 1992).
وتستهدف حركة برامج تدريب المعلمين القائمة على الكفايات،عامة، تزويد المعلمين بمجموعة من المهارات الأساسية التي تحدّد مكوناتها مسبقا بناءا عللى البحوث والدراسات في صورة أهداف سلوكية تُرتّب ترتيبا هرميا حسب تعقيد الأهداف،كما تُحدّد مستويات الأداء المطلوبة لكلّ كفاءة،ثمّ تُعدّ تصميمات تعليمية تيسر إكتساب المعلمين لهذه المهارات(فاروق حمدي وآخرون،1989).
7- مواصفات ومميزات برامج اعداد وتدريب المعلّم القائمة على الكفايات:
يُلاحظ أن هناك مواصفات يتميّز بها برنامج اعداد وتدريب المعلّّم القائم على الكفاية عن غيره من البرامج ،بحيث تناولها الكثير من الباحثين بحيث يحدّد "هيل" (Hale)مواصفات البرنامج القائم على الكفايات على النحو التالي:
1- تحديد الأهداف في كلّ مجالات الكفاية بشكل سلوكي،وتوضع تحت تصرّف المتعلّم في مستهلّ البرنامج.
2- تعيين مستويات التمكّن المطلوبة وطرق التقويم.
3- تصميم النشاطات التعليمية التي تقوم على المعارف والمهارات لتحقيق أهداف البرنامج.
4- يستند التقدّم في البرنامج على تحقيق الكفايات المطلوبة،ويقوم على تنوّع معدلات التحصيل.
5- إستخدام التعلّم والتعلّم الذاتي الذي يعمل على تنوّع خلفيات المتعلّم وقدراته.
6- يستخدم في البرنامج أسلوب التقويم الذاتي والذي يجعل المتعلّم مسؤولا عن تقدّمه.
7- يٌبنى نظام التقويم في البرنامج على إجراء المتابعة من طرف القائمين عليه،وعلى قياس العلاقات القائمة بين أداء المعلّم وتحصيل التلاميذ.
8- تقوم البرامج على وجود تغذية راجعة ليحصل المتعلّم على معلومات منظّمة ومستمرّة من خلال تقدّمه في البرنامج وفي نفس الوقت يٌقيّم البرنامج إذا كان مناسبا له أم لا(Hale,1975,p258).
وتوصلت "فتحية اللولو"من خلال دراستها ،الى أنّ البرامج القائمة على الكفايات يجب أن تتميّزبما يلي:
1- ضرورة التحديد الدقيق للكفايات التي يسعى البرنامج لممارستها.
2- قياس مدى نجاح الطالب/المعلّم في ضوء الأهداف التي يسعى اليها.
3- ضرورة إعلام الطالب/المعلّم بالأهداف التي يسعى البرنامج لتحقيقها في البداية.
4- تحمّل الطالب/المعلّم المسؤولية في الوصول الى أهداف البرنامج حسب سرعته الخاصة والتعلّم المباشر للسلوك.
5- إستخدام الأساليب المناسبة والمعمول بها في مجال تكنولوجيا التعلّم والتي من أبرزها الرزم والمجمعات التعليمية ونظام التدريس المصغّر.
6- تقريب المتدرّب الى أقصى درجة ممكنة من متطلبات عمله الميداني وذلك من حيث المستوى الأكاديمي والمهارة في الأداء.
7- ضرورة التقويم البنائي أثناء البرنامج وكذلك تزويد الطالب المعلّم بالتغذية الراجعة.(اللولو،2001،ص 68).
ويحدّد "جامل عبد الرحمن"من جهته مواصفات ومزايا البرامج القائمة على الكفايات باعتبارها برامج:
- تُركّزعلى الأداء والنتائج. وتهتمّ بالاستدلال والمعلومات الاستنتاجية.
- تهتمّ بالصيّغ الشخصية الفردية.
- تعتني بالبرامج الميدانية والبحث وإجراء البحوث والتدريب.(جامل،2001، ص 34).
- تمتاز مجموعة الكفايات التدريسية في البرنامج بالتدرّج،والانتظام في مجموعات يسهل ترجمتها الى خبرات تعليمية،ويعمل الطالب/المعلّم على تحصيلها الواحدة بعد الأخرى.
- يتمّ تحديد الكفايات اعتمادا على تحليل خاص لوظائف المعلّم وأدواره والمهام التي يقوم بها .
- أن الطلبة/المعلمين عندما يعرفون الكفايات التي يتطلبها عملهم،فانهم يستطيعون تحديد الأهداف التي يعملون من أجلها ويستطيعون بسهولة أن يعرفوا ما ينبغي لهم أن يتعلموه وصولا لتحقيق الأهداف المتوخاة.
- توضع الكفايات التي يتوقّع من المعلّم القيام بها داخل الفصل وخارجه في صورة أهداف سلوكية يمكن ملاحظتها وقياسها،ويُعدّ الأداء التدريسي للطالب معيارا للحكم على مدى نجاحه في التدريس.
- الاهتمام بالفروق في القابليات و الاهتمامات والحاجات الذاتية للمعلمين والعمال على تقديرها.
- ان تقدّم الطالب/ المعلّم ضمن البرنامج يعتمد على سرعته وتقدّمه التي توافق قدرته،ويعرف (الطالب/المعلّم) مسبقا أنه لاسبيل لتخرّجه من دون انجازه عمليا للمهارات التي يحدّدها البرنامج كافة وفق معايير موضوعة ومُتّفق عليها من الجميع.
- أنّه يُتيح فرصا أكبر للتأكّد من مستويات الخريجين.
- يمتاز البرنامج في اعتماده الواسع على التقنيات التربوية في عمليات اعداد �
ساحة النقاش