السؤال
السلام عليْكم ورحمة الله وبركاته،أنا طالب مغترب في أمريكا، وأتَمنَّى أن أتقن لغتي العربية الفصيحة، وأن أقرأ القُرآن بإتقان، والكتبَ العلميَّة في شتَّى المجالات، وعلى ذلك أتحدَّثُها بطلاقة، فلذلك: ما الأمور التي أحتاجها في هذا المشوار؟
ولا نستغني عن نصائحكم.الجواب
السلام عليْكم - أخانا الفارس العزيز - ورحمة الله وبركاته.
ولا حرمنا رؤيتك في (الألوكة).بدايةً، لنتَّفق على أن حظَّك جيِّد من اللغة العربية الفصيحة؛ بدليل لغة سؤالك، وشبكة الضَّمائر التي استخدمْتها أقلُّ دليل على إثبات أنَّك جيد فعلاً، كما أنَّ استخدامك لمصطلح "العربية الفصيحة" يدلُّ على وعيكَ الجيِّد - أيضًا - بالمستويات اللغوية، وهذا في حدِّ ذاته شيء ممتاز.
أخي الفارس، ربَّما تكون غير متمكِّن من ناصية لغتك الفصيحة، ولكنَّ أمرَ إتقانكَ وتمكُّنِكَ منها ليس بالعسير لدرجة أنَّك تتمنَّاه؛ لكنَّك - أوَّلاً وبحق - تحتاج إلى ثقةٍ أكبر في قدراتكَ الهائلة.
أخي، لنبدأ مشوارنا من أوَّله، وأنت الفارس:هدفُنا الواضح: هو إتقان اللغة العربية الفصيحة - نطقًا وكتابةً - لقراءة القرآن الكريم والكتب العلمية بطريقة صحيحة، أليس كذلك؟إنَّنا هنا لن ننفيَ وجود بعض الصعاب التي ستقابِلُنا؛ مثل: فتور هذا الهدف بعد فترة، وربَّما قلَّة الاهتمام، وعدم الرَّغْبة في قراءة بعض الكتُب العلميَّة البحْتة، وفي هذه الحالة لا يسعُنا إلا أن نكون دائمي التذكُّر لهدفنا ملتزمين به، وفاعلين ما يجب عليْنا فعله تجاه تحقيقه، وهذا كله بخلاف ما إذا كان عند الإنسان بطءٌ في التعلم أصلاً، وهذا ما أستبعده عنك والحمد لله.
ولكي ننجح في تَحقيق هدفِنا هذا أيضًا لابدَّ من خطوات عمليَّة، نبدؤها على الفور بالإعداد لقراءة بعْض الكتب النظريَّة الميسَّرَة في قواعد الإملاء والتَّرقيم، وليكُنْ منها كتاب "الإملاء والترقيم" للأستاذ عبدالعليم إبراهيم، وكتاب "الإملاء" للشيخ عبدالسلام هارون.
وبعد ذلك نُحاول أن نقرأ شيئًا عن فن الإعراب أو النَّحو، وغالبًا ما يكون معه فنُّ الصَّرف الذي يهتمُّ بصناعة أو صياغة الكلِمات، وربَّما يكون مفيدًا لنا في هذه المرحلة كتاب "ملخص قواعد اللغة العربية" للأستاذ فؤاد نعمة، وهو كتاب سهل جدًّا جدًّا، وميسور على الإنترنت، ويُمكِننا الاستِفادة من كتاب "النحو المصفَّى" لأستاذِنا الدكتور محمد عيد - رحمه الله.
ولا ننسى أن نغوص في بَحر البلاغة قليلاً مع كتاب "البلاغة الواضحة" للأُستاذين: علي الجارم، ومصطفى أمين، وهو - والحمد لله - موجود على الإنترنت أيضًا.
ثم نتقدَّم خطوة نُحاول فيها الإنصات إلى بعض المحاضرات والخُطَب والدروس المفيدة، باللغة العربية الفصيحة الصحيحة، واختِيار بعض القنوات الهادفة التي تنطِق بالعربية الفصيحة الصحيحة أيضًا، ويا حبَّذا لو استطعْنا تقليد هذه اللغة مع المقرَّبين لدينا، أو حتى مع أصدقائنا، وربَّما لجأتُ - في بيتي أحيانًا - إلى الوقوف أمام المرآة، وتخيَّلْتُ نفسي مذيعًا أو محاضرًا أتحدَّث أمام جمهوري بطريقةٍ ما كنتُ أريدُ أن أصل إليها، وكانت هذه الطريقة ناجعة جدًّا معي، فربَّما تكون مفيدةً لك أيضًا.
أمَّا عن الخطب والمحاضرات والدروس، فهي منتشرة على الإنترنت أيضًا، ويمكنُنا تحميلها بسهولة، ويتوفَّر في موقعنا - والحمد لله - مجموعة من أفضل المحاضرات باللُّغة العربيَّة الفصيحة في فنون مختلفة، حتَّى إنَّ في (صوتيات الألوكة) بعضًا من محاضرات صوتيَّة متخصِّصة في قواعد اللغة العربيَّة، يمكننا الاستفادة منها في "مشوارنا".
ولا يعني كلامي من قريب أو بعيد أنَّ هذه المراحل التي ذكرتُها منفصلة بعضها عن بعض؛ بل نستطيع أن نقرأ ونسمع ونقلِّد في وقت واحد، وهذا من نِعَم الله عليْنا، أليس كذلك؟
إلا أنني أريد منك - أخي الفارس - أن تعلم دائمًا أنَّ اللغة ليستْ كتبًا نقرؤها ونُحاول تطبيقَها فقط، اللغة - مع هذا - ممارسةٌ وفَهم، والأكثر من ذلك أنَّها حِسٌّ وشعور، وهذا ليس كلامي؛ بل هو كلام أساتذتِنا في علوم اللغة والتربية؛ ولذلك إذا أردنا أن نتعلَّم اللغة العربيَّة جيِّدًا وأن نتقِنَها أيضًا، فلا بدَّ أن نحاول معايشة ثقافتها وحياة أهلها، بآمالهم وآلامهم، ولو قليلاً.
ومع هذا كلِّه نُحاول أن نجعَلَها لغة تفكيرِنا - ولو قليلا أيضًا - ولقد جرَّبتَ بنفسِك هذا الكلام مع تعلُّم اللغة الإنجليزية الأمريكية.
صدِّقني - أخي الكريم -: الغربة ما كانت لتمنعَ أحدًا منَّا من التواصل مع جذورِه القويَّة، التي منها نَمَتْ شجرتهُ الوارفة، والتي بإمكانِها أن تصبح في يومٍ ما واحةً يستظلُّ بها السَّاري في صحراء الحياة المادِّية الحارقة.
نرجو أن نكون قد رسمْنا طريقًا سِرْنا فيه على بركة الله؛ لتحقيق هدف قريب.
والآن أتركُكَ لكي تحكي لنا بفؤاد الفارس ولسان الناطق باللغة العربيَّة الفصيحة: كيف كانت رحلتُكَ ممتعَة؟
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/fatawa_counsels/0/14000/#ixzz39SoAkdlD
نشرت فى 5 أغسطس 2014
بواسطة amer123123
عبد الفتاح أمير عباس أبوذيد
موقع لغوي تربوي وأدبي وقيمي الرؤية والرسالة والأهداف: رؤيتنا: الرؤية : الارتقاء بالمنظومة التعليمية والتربوية بما يؤسس لجيل مبدع منتمٍ لوطنه معتزاً بلغته فخوراً بدينه رسالتنا: السعي لتقديم خدمات تربوية وتعليمية ذات جودة عالية بتوظيف التقنية الحديثة ضمن بيئة جاذبة ومحفزة ودافعة للإبداع الأهداف التي نسعى إلى تحقيقها · إعداد »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
14,674,816
ساحة النقاش