أكد الدكتور عادل البلتاجي وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، أهمية جنوب السودان في الصفحة المصرية الجديدة التي فتحتها ثورة 30 يونيو، والتي تركز على التنمية الزراعية المستدامة، والتعاون المشترك مع الدول الإفريقية الشقيقة، خاصة دولتي السودان الجنوبي والشمالي.
وقال الوزير صباح اليوم الإثنين في لقائه وفد من ولاية بحر الغزال التابعة لدولة جنوب السودان، بديوان عام الوزارة، إنه يتفهم جيدا سعي الرئيس الجنوبي سالفا كير مَيارديت للتعاون المشترك مع مصر، لما يمثله من أهمية تاريخية للدولتين، وبما يصب في صالح رفع معيشة الشعب الجنوبي السوداني.
وأكد البلتاجي أن مصر عانت كثيرا من دواعي الانفصال السوداني وتجمد العلاقات لأكثر من عام، مشيرا إلى أن الدين الإسلامي يتسم بالسماح وقبول الآخر، "والمصريون يفتحون قلوبهم للآخر، ويحترمون عقائده، عملا بقوله تعالى: ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن".
وأضاف البلتاجي أن وزارة الزراعة المصرية ترحب بالتعاون مع ولاية بحر الغزال، من خلال مجالات الاستثمار التي عددها وزير الزراعة في الولاية، خلال اللقاء، وأهمها: الزراعات المستقرة الجاذبة للسكان، مثل إنتاج محاصيل الحبوب الزيتية بجميع أنواعها، استثمارا للأراضي الشاسعة وقرب الولاية من سبعة أنهار غنية بمياه الري النيلي.
ومن المجالات التي رحب وزير الزراعة المصري بمد يد العون فيها لجنوب السودان عامة، وولاية بحر الغزال خاصة، تدريب الكوادر البشرية في مجالات: الري المتطور، والاستزراع السمكي، والإنتاج الحيواني والداجني، وتطوير آليات التشجير في الغابات الطبيعية الغنية بالأخشاب.
من جهته، استعرض خلال اللقاء صباح اليوم الإثنين، وزير الزراعة في ولاية بحر الغزال بجنوب السودان، مجالات العون التي يخطب فيها ود الجانب المصري، وأهمها: استثمار مساحات الأراضي الشاسعة الصالحة للزراعة في الولاية، وقطعان الأبقار المتنقلة، سواء في إنتاج اللحوم، أو دباغة الجلود، مؤكدا أن 93 ألف كيلو مترا مربعا في الولاية غير مستغلة زراعيا واقتصاديا، بالشكل الذي يضمن التنمية المستدامة لشعب ولاية بحر الغزال.
وقال وزير زراعة بحر الغزال إن نوعية التربة في أراضي الولاية واعدة بالخير مع قليل من المعالجات لإنتاج جميع المحاصيل، سواء الاستراتيجية أو التصديرية، مع إمكانية إنشاء صناعات تحويلية عليها، مثل: الإنتاج الداجني الذي يمثل أهمية كبيرة لجنوب السودان عامة، حيث تستورد الدواجن من البرازيل، داعيا مصر لاستثمار العوذ السوداني الجنوبي في هذا المجال.
أشار وزير زراعة الولاية السودانية الجنوبية أيضا إلى توافر المساحات الشاسعة من الغابات الطبيعية، الغنية بأخشاب الماهوجنا والأبانوس وغيرها من الأنواع الخشبية التي تحتاجها مصر، داعيا وزارة الزراعة المصرية للمساهمة في تطوير آليات التخشيب، حيث لا توجد لديهم سوى المناشير اليدوية.
وتجاوبا مع دعوة وفد ولاية بحر الغزال برئاسة الحاكم رزق زكريا، وعضوية وزير الزراعة والسفير الجنوب السوداني في القاهرة أنطوني كون، أكد الدكتور محمد فتحي عثمان المشرف العام على هيئة الثروة السمكية في وزارة الزراعة، أن هناك مزرعة سمكية تجريبية مصرية في جنوب السودان، تثبت اهتمام مصر بالدولة الشقيقة منذ انفصالها، مشيرا إلى استعدادات الهيئة للدخول في المشاريع المشتركة لتنمية أنواع سمكية نيلية متوافرة في المياه المشتركة، منها: البلطي النيلي، والقرموط الإفريقي والأخير مطلوب في أوروبا.
واستعرض فتحي عثمان إمكانات مصر في مجال الثروة السمكية، حيث قال إن مصر تحتل المرتبة الثامنة عالميا في إنتاج الأسماك كميا، مشيرا إلى أن الأبحاث والتجارب التي أنجزتها هيئة الثروة السمكية التابعة لوزارة الزراعة، نجحت في تطوير الاستزراع السمكي للوصول بإنتاجية الفدان إلى 50 طنا، بدلا من 2 طن، ما يؤهل مصر لدور فعال في هذا المجال في جنوب السودان عامة، وبحر الغزال خاصة.
من جانبه، وجه سفير دولة جنوب السودان في القاهرة أنطوني كون، عتابا رقيقا للمستثمرين المصريين، لتأخرهم في دخول دولته، واستثمار العمق التاريخي وأواصر المحبة والتآخي التي جمعت الشعبين المصري والسوداني بشقيه، منذ القدم.
ونفى السفير أن تكون الاستثمارات غير العربية في دولة جنوب السودان، أثرت سلبا على ولاء بلاده لمصر والمصريين، مشيرا إلى أن هناك قواسم مشتركة بين الشعبين منذ أكثر من 150 عاما.
وأكد أنطوني كون أن الانفصال السياسي بين شقي السودان، لم يؤثر سلبا على التآخي الطبيعي بين دولة شمال السودان، مشيرا إلى أن سفارة بلاده في القاهرة لاتزال تضم دبلوماسيين أشقاء شماليين.
وقال السفير الجنوبي السوداني إن دولته تسعى لتحسين صورتها سياسيا وشعبيا أمام المصريين، الذين كانوا أول من زارونا منذ دولة محمد علي وأبنائه وأحفاده.
كان وفد من دولة جنوب السودان مكون من 13 شخصا، قد وصل إلى القاهرة السبت الماضي برئاسة حاكم ولاية بحر الغزال رزق زكريا، وضم الوفد خمسة وزراء في الولاية، هم: الرياضة، الزراعة، التربية والتعليم، المالية، والاستثمار، وذلك بهدف فتح آفاق الاستثمار أمام مصر، والاستفادة من خبرات مصر في جميع المجالات الاقتصادية، والثقافية، والصناعية والتعليمية والإدارية.