<!--
<!-- <!-- <!--
يوجد العديد من مصدات الرياح منها الطبيعية والصناعية و من المعروف أن الرياح تؤثر بشكل مباشر على النمو الخضري لأشجار الفاكهة المثمرة و زراعات العنب و معظم المحاصيل الاقتصادية الأخرى، و ذلك طبقاً لشدتها، عدد مرات تكرارها و المدة التي تستغرقها. و يرجع الضرر الفسيولوجي الرئيسي للرياح الى فقد الماء بالنتح من الأوراق، و ذلك بسبب حدوث اضطراب في الحرارة، الحالة المائية و التبادل الغازي للنباتات، و التي تؤثر جميعها في معدل النتح.
أولاً: مصدات الرياح الطبيعية
فوائدها:
من المعروف أن الرياح تؤثر بشكل مباشر على النمو الخضري لأشجار الفاكهة المثمرة و زراعات العنب و معظم المحاصيل الاقتصادية الأخرى، و ذلك طبقاً لشدتها، عدد مرات تكرارها و المدة التي تستغرقها. و يرجع الضرر الفسيولوجي الرئيسي للرياح الى فقد الماء بالنتح من الأوراق، و ذلك بسبب حدوث اضطراب في الحرارة، الحالة المائية و التبادل الغازي للنباتات، و التي تؤثر جميعها في معدل النتح.
هناك أيضاً بعض الأضرار الميكانيكية التي تحدثها الرياح مثل تمزيق الأوراق و سقوطها مما يؤدي الى تقليل مساحة المسطح الورقي اللازم لعملية البناء الضوئي و تكوين المواد الكربوهيدراتية اللازمة للنمو – انخفاض معدل نمو السيقان، بل توقفه في بعض الأحيان – كسر السيقان و سقوط الأزهار و الثمار مما يؤدي الى إنخفاض الإنتاج و قلة النموات النباتية اللازمة للانتاج في العام التالي – و قد يحدث اسوداد أو اصفرار في الثمار الناتجة فتقل جودتها و ينخفض سعرها – قد يلجأ بعض المنتجين الى ربط الأفرع حديثة التكوين أو شدها لسيقان أقوى أو عمل دعامات لها للحفاظ عليها من الكسر مما يزيد نفقات الإنتاج، بينما يلجأ البعض الآخر الى رش بعض المواد الكيميائية لتقليل النتح أو تثبيت الثمار و منعها من التساقط فتزداد التكلفة أيضاً و يزداد معدل التلوث بهذه الكيماويات – قد تزداد الحاجة الى الماء بسبب تكرار عملية الري و ذلك لتعويض الفاقد بالنتح مما يزيد من تكاليف الإنتاج في النهاية.
و للحد من خطورة هذه المشاكل، كان لابد من إقامة مصدات الرياح. إلا أنه بجانب الفوائد العظيمة التي تحققها مصدات الرياح، فهناك بعض الأضرار التي لا تتعدى في الغالب مزاحمة النباتات القريبة من المصد و منافستها على الغذاء و الماء و الهواء و الضوء (يمكن التغلب على ذلك بعمل خندق على بعد مترين من المصد مما يمنع امتداد الجذور، و يمكن استخدام هذا الخندق كمصرف مكشوف) – كما أنها قد تكون ملجأ أو عائل لبعض الحيوانات و الحشرات و الطيور الضارة للمحاصيل المنزرعة، لكنها في الوقت نفسه قد تكون ملجأ للطيور و الحيوانات البرية النافعة. أما فوائدها فيمكن ايجازها فيما يلي:
(1) فوائد تتعلق بالظروف الجوية: و تشمل ما يلي:
(أ) تأثيرها على الرياح ( Wind velocity ): تؤثر المصدات تأثيراً مباشراً على سرعة الرياح، و يتناسب هذا التأثير طردياً مع كثافة المصد و ارتفاعه. و قد أثبتت التجارب أن تأثير المصد هو حاصل ضرب مربع ارتفاعه × 2.5 (ع2 ×2.5)، و أن سرعة الرياح تتناقص إلى النصف بزيادة عدد خطوط المصد من 3-10 خطوط. و عموماً فان المصد الجيد يخفض سرعة الرياح الى 25-30 كم/ساعة. و يلاحظ أن الرياح أمام المصد تنقسم الى ثلاثة أقسام:
1-قسم يعلو المصد فيمر بدون تأثير.
2- قسم يمر من المصد بعد تخفيض سرعته و الإقلال منها.
3- قسم يحجز أمام المصد بسبب انكساره على جذوع و أفرع و أوراق نباتات المصد.
و يلاحظ أن تأثير المصد يختلف باختلاف نوع الأشجار و الشجيرات المستخدمة في انشاؤه، اتجاه المصد، و كثافة تيجان الأشجار و ارتفاعها.
(ب) تأثيرها على درجات الحرارة Temperatures) ): يختلف تأثير المصدات على الحرارة باختلاف المواسم، حيث تعمل على خفض درجات الحرارة العظمى في الصيف، بينما ترفع درجات الحرارة الدنيا في الشتاء. و هذا الأمر له أهميته الخاصة عند زراعة بعض المحاصيل الحساسة لدرجات الحرارة العظمى و الدنيا مثل الموالح و بعض أنواع الخضر، كما تساعد في تطوير المحاصيل التي تتأثر بدرجات الحرارة المرتفعة و المنخفضة جداً.
و لقد أوضحت بعض الدراسات أن درجة حرارة الهواء خلف المصد في وسط النهار و على ارتفاع (1-4 قدم) من سطح الأرض و على بُعد من صفر – 4ع (أي أربعة أضعاف ارتفاع المصد) كان أعلى بمقدار (6°م) عن المناطق الغير محمية بينما على بُعد من (6-24ع) كانت أقل بمقدار (2-5°م). أما أثناء الليل فوجد أن درجة حرارة الهواء بالقرب من سطح الأرض و على بُعد من صفر – 30 ع من المصد كانت أعلى بمقدار (1-2°م). و بالطبع فان انخفاض الحرارة بالنهار يزيد من كفاءة عملية البناء الضوئي، بينما تقلل الزيادة بالليل مع الانخفاض بالنهار من الفرق بين درجات حرارة الليل و النهار و الذي يساعد على استقرار معدلات النمو في كثير من المحاصيل الاقتصادية الهامة.
(جـ) تأثيرها على الرطوبة الجوية ( Air Humidity ): وجد أن الرطوبة الجوية في المناطق المحمية تزيد بمقدار (2-4%) عن المناطق الغير محمية، و هذا يقلل من معدل النتح بمقدار (13-15%).
(د) تأثيرها على نسبة البخر ( Evaporation ): تساعد الحماية الناتجة عن المصدات من تقليل معدل تبخر الماء من سطح الأرض، و هذا بسبب قلة حركة الهواء و انخفاض درجات الحرارة و بالتالي ارتفاع الرطوبة النسبية في الجو. و يكون هذا التأثير واضحاً في المناطق التي تروى بالرش مما يزيد من كفاءة استخدام المياه.
(هـ) تأثيرها على الأمطار ( Rains ): يعتقد البعض أن أشجار المصدات و الغابات تزيد من كمية الأمطار الساقطة، لكن هذا خطأ. حيث تعمل اشجار المصدات و الغابات فقط على استقبال مياه الأمطار الساقطة فتقلل من شدتها و تمسك بعضاً منها، مما يساعد التربة على امتصاص هذه المياه و تحويلها الى مياه جوفية مخزونة يستفيد منها الغطاء النباتي فيما بعد. كما أنها تعمل على استقبال الثلوج و تساعد على ذوبانها و زيادة امتصاص التربة لها.
(2) التأثير على خواص التربة ( Soil properties ):
تعمل المصدات بجذورها و الأجزاء النباتية الأخرى التي تتساقط منها على تفكيك التربة الثقيلة و تماسك التربة الخفيفة، كما أنها تمنع أو تقلل من تعرية التربة أو انجرافها، في الوقت الذي تعمل فيه بواسطة المواد التي تُسقطها على التربة على استصلاح هذه التربة و تحسين نفاذيتها و تهويتها و زيادة عمق القطاع فيها. و ليس هذا فحسب، بل إن المصدات تقلل من غسيل أو فقد العناصر الغذائية مع مياه الصرف فتحافظ على خصوبتها و تزيد من نسبة المادة العضوية بها نتيجة لتساقط الأوراق مما يزيد من قدرتها على الاحتفاظ بالمياه بأكثر من (15%) عن الأراضي المكشوفة.
(3) الفوائد الانتاجية ( Productive benefits ): و ذلك من خلال:
(أ) إنتاج الخشب و بعض المواد الأخرى: لما كانت المصدات الطبيعية تعتمد في إنشائها على الأشجار و الشجيرات، فلابد أن تهدف إدارتها إلى إجراء دورات خاصة لاستثمارها من خلال عمليتي القطع أو التخفيف. و بالتالي يمكن تأمين حاجة المنطقة المقام فيها المصدات من أخشاب التصنيع أو خشب الوقود و مواد العلف و بعض النواتج الأخرى التي قد يحتاجها سكان المنطقة.
(ب) زيادة إنتاج المحاصيل المنزرعة: فمن المعروف أن المناطق المحمية بمصدات الرياح أفضل من المناطق الغير محمية بسبب التحويرات التي تحدثها المصدات في ظروف المناخ من خفض للحرارة و رفع للرطوبة و تقليل للنتح و الحفاظ على المحتوى الرطوبي للأرض. و يعمل كل هذا في النهاية على توفير بيئة جيدة لنمو المحاصيل، و بالتالي زيادة الإنتاج.
إضافة إلى ذلك، فان المصد يعمل أيضاً على:
1- حسن توزيع مياه الري على النباتات المنزرعة (خاصة إذا كان النظام المتبع هو الري بالرش).
2- تقليل تعرض المحاصيل للإصابة بلفحة الهواء أو التعرض للذبول.
3- العمل على حماية المحاصيل من الرقاد.
و يوضح البيان التالي تأثير المصدات على الإنتاج ببعض بساتين الموالح:
نوع البستان |
الإنتاج بالصندوق/هكتار |
نوع البستان |
الإنتاج بالصندوق/هكتار |
بستان برتقال بمصدات |
328 |
بستان ليمون مالح بمصدات |
292 |
بستان برتقال بدون مصدات |
214 |
بستان ليمون مالح بدون مصدات |
197 |
(4) الفوائد الوقائية للمصدات ( Protective benefits ): و تتلخص فيما يلي:
(أ) تقليل التعرية و الانجراف و الترسبات خاصة في المناطق الجافة و شبه الجافة كمنطقتنا العربية و ذلك من خلال تقليلها لسرعة الرياح و شدة الأمطار و جريان ماءها.
(ب) حماية المحاصيل الاقتصادية من مخاطر الرياح الشديدة و العواصف الرملية و الترابية و شدة أشعة الشمس و الجفاف، و سرعة البخر مما يوفر بيئة ملائمة لنمو هذه المحاصيل و استكمال دورة حياتها و انتاجيتها.
(جـ) الدفاع الوطني: ان الاراضي المكشوفة و المجردة من الغطاء النباتي تكون عرضة لكشف مراكزها الصناعية و المدنية و العسكرية لأعدائها، و من ثم يسهل الاعتداء عليها (كما حدث بسيناء في العدوان الصهيوني على مصر في يونيو 1967). أما انتشار المصدات في طول البلاد و عرضها يوفر غطاءً واقياً لكل ما له علاقة بالدفاع الوطني.
(د) توفير الظل للإنسان و الحيوان، خاصة في المناطق الجافة و شبه الجافة ذات الشمس المحرقة و النهار الطويل.
ليس هذا فحسب، بل ان المصدات تعمل أيضاً على: تقليل كمية الوقود التي تستخدم للتدفئة – تقليل تكاليف الصيانة للحماية التي توفرها ضد العوامل الجوية المعاكسة – حماية مناطق العمل و الطرق – حماية حظائر الدواجن والمواشي – حماية المشاتل التي توجد بها نباتات حساسة للصقيع – حماية عمال الزراعة و توفير مناخ جيد أثناء قيامهم بالعمليات الزراعية، و أيضاً حماية المناطق السكنية من تأثير الضوضاء الناشئة عن الطرق السريعة.
(5) التأثيرات الجمالية للمصدات ( Beautificative effects ):
لاشك في أن الأراضي المكسوة بمصدات الرياح لها جمالها الخاص بها. و هذا يبعث الراحة و الطمأنينة في نفوس السكان. و لاشك أن وجود المصدات على جوانب الطرق الرئيسية أو الفرعية و مجاري الأنهار و أطراف البحيرات و مناطق الاصطياف و التشتي لها أهميتها الخاصة في تأمين الحركة السياحية في مصر و رفع درجة جمالها، بحيث تجذب السائحين فتزداد حركة الاصطياف الداخلية و الخارجية.
(6) تأثيرها على حيوانات الرعي و المراعي، و الحيوانات و الطيور البرية:
أثبتت التجارب أن خفض سرعة الرياح في المراعي يؤدي الى زيادة محسوسة في متوسط وزن الماشية (سواء المنتجة للحم أو اللبن). ذلك لأن الحيوانات المحمية من الرياح تحتفظ بسعراتها الحرارية كاملة لإستغلالها في حماية نفسها من تقلبات الجو و من التأثيرات الايجابية الأخرى لمصدات الرياح في هذا المقام:
1- تقليل موت الحيوانات خلال فترة هبوب العواصف و الرياح الشديدة.
2- تقليل الاحتياجات الغذائية للحيوانات خلال أشهر الشتاء الباردة.
3- تحسين جودة و نوعية محاصيل العلف.
4- توفير الظل للحيوانات أثناء فترة الرعي.
أيضاً فان المصدات تعمل على زيادة نسبة الحيوانات البرية و الطيور في المناطق المحمية، كما تزيد من توافر المواد الغذائية و تأمينها بشكل صالح لها فتحميها من الانقراض. و لاشك أن هذه الثروة من الحيوانات و الطيور البرية تزيد الدخل، كما تزيد من اهتمام السكان بالسياحة البرية و ممارسة بعض الأنشطة الرياضية كصيد الطيور مثلاً.
و من الفوائد الأخرى للمصدات:
1- حماية الطرق السريعة و خطوط السكك الحديدية من عمليات سفي الرمال التي تؤدي الى تغطيتها أثناء العواصف الرملية الشديدة و تتسبب في وقوع الكثير من الحوادث.
2- حماية السيارات و وسائل النقل المختلفة، و كذلك المناطق التي تستخدم كمخيمات للرحلات من العواصف الرملية أو الترابية التي تهب عليها.
3- انتاج البذور و الثمار و العسل و العلف، بجانب انتاج المادة الخشبية. فقد تكون مصدات الرياح في بعض الأحيان مصدراً لانتاج ثمار اللوز و الجوز و الصنوبر و الخروب، أو تستخدم في تربية دودة الحرير (على أشجار التوت) أو انتاج العسل (بزراعة أشجار الكافور و الصفصاف و الليوسينا و النبق التي يفضلها نحل العسل) أو انتاج علف للمواشي (بزراعة الأكاسيات).
5- تشغيل الأيدي العاملة، خاصة عند انشاء المصدات الرئيسية أو الأحزمة الواقية حول المدن الكبرى و الطرق السريعة و التي تتولى اقامتها الدولة و مؤسساتها العامة، حيث يعتبر انشاء مثل هذه المصدات و تلك الأحزمة أحد المشاريع العامة التي تحتاج الى أيدي عاملة كثيرة، بالاضافة لما ستحتاجه لصيانتها و استثمارها بصورة مستمرة.