في كلمة للأستاذ الدكتور أحمد عكاشه قال أنَّ الناس يعتقدون أنَّ حدوثَ الاكتئاب دليل على ضعف الإيمان بينما الحقيقةُ هيَ أنَّ الاكتئاب يسلبُ الإيمانَ؛ بمعنى أنَّ المؤمنَ المصلي إذا أصابَـتُـهُ نوبَـةُ اكتئابٍ فَـإنَّـهُ سيترُكُ الصلاة!!
و هذا الاعتقاد الخاطِئَ لدى الناس إنما جاء من أمرين:
الأول: عـدم إدراك الناس لمعنى الإضطراب النفسي.
الثاني: نظرة الناس للأضطرابات النفسية على أنها مركب نقص.
والإضطرابات النفسية  واسعة المدي يبدأ في أبسط أشكاله من اضطراب التوافق البسيط إلى أشد أشكاله تقريباً متمثلاً في اضطراب الفصام. كما أنه ليس شرطاً أنْ تُستخدم العقاقير في علاج كل الإضطرابات النفسية، بل إن منها ما لا يحتاج إلى علاج دوائي فهي تزول تلقائياً وربما لا يحتاج معها المريض سوى طمأنته كما يحدث عادة في اضطرابات التوافق البسيطة وكذلك في إضطرابات التحول.
والأضطرابات النفسية مثل غيرها من الأمراض هي نوع من الهم والابتلاء، ولذلك فإنها قد تصيب المسلم مهما بلغ صلاحه. كما إنه لم يرد في الكتاب الكريم ولا في السنة المطهرة ما ينفي إمكانية إصابة المسلم التقي بالأمراض النفسية حسب تعريفها الطبي، ومن نفي إمكانية ذلك فعليه الدليل.

ولعل فيما ذكره أبو حامد الغزالي -رحمه الله- في كتابه "المنقذ من الضلال" من وصف لنوبة الاكتئاب الحادة التي أصابته، وهو المعروف بعلمه وتقواه وورعه ما يفند ذلك الكلام. وبالإضافة إلى ذلك فإن انتقال أغلب الأضطرابات النفسية عبر الوراثة يعكس بوضوح الطبيعة المرضية لتلك الأمراض.
ويجد الأطباء النفسيون نوع من الإضطرابات النفسية أكثر انتشارا بين المتدينين وهو إضطراب الوسواس القهري ، ولا ننكر أن للتدينَ دور في الوقاية من المرض النفسي، وفي حماية صاحبه المكتئب من الانتحار، رغم تأكيدنا على خطأ المقولة الشائعة: أن المرض النفسي لا يصيب المؤمن القوي، حيث أن الإيمان القوي الصحيح يحمي صاحبه ويقيه أولاً من الوقوع السهل في أعراضٍ كالقلق والاكتئاب التفاعلي والتي يمكنُ جدا أن يكونَ الوقوع السهل فيها بداية الدخول في الاضطراب النفسي الشديد كالقلق المتعمم والاكتئاب الجسيم، ، ويبقى الإيمان القوي الصحيح أيضًا عاملاً مهما في التخفيف من وطأتها إن حدثت، كما يبقى عاملاً داعما لمحاولات العلاج على اختلاف أنواعها.