صحيفة الدستور المصريه السبت 8 ذوالحجة 1429 – 6 ديسمبر 2008
حدث في تركيا – فهمي هويدي
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2008/12/blog-post_06.html
http://fahmyhoweidy.jeeran.com/archive/2008/12/744500.html

هذه
القصة حدثت في تركيا، وتستحق ان تعمم على العالم العربي، عينت إسرائيل سفيرا لها في أنقرة من أصول تركية، ما برح يروي منذ وصوله انه من مواليد منطقة برغاما القريبة من ازمير الجنوبية، وانه قضى أربع سنوات هناك، إلى أن هاجرت أسرته إلى إسرائيل في الخمسينيات، لكنه ظل طوال الوقت متعلقا بتركيا، إلى أن شاءت المقادير أن يوفد إليها سفيرا لبلاده، ولم يكن خافيا على أحد أن اختيار هذا الرجل لتمثيل بلاده قصد به تحسين صورة إسرائيل المتردية في تركيا، التي كشفت عنها استطلاعات الرأي التي جرت خلال السنوات الأخيرة، ودلت على أن أغلبية الأتراك، رغم كل جهود الاختراق التي مورست بحق بلدهم طوال نصف القرن الأخير، لايزالون يعتبرون إسرائيل والولايات المتحدة أعدى أعدائهم.

السفير الإسرائيلي الجديد ليفي جابي لم يخيب
ظن الذين أوفدوه، إذ ما إن وطئت قدماه تركيا، حتى ظل يتحرك في مختلف أوساطها محاولا كسب ود النخبة التركية، وفي سعيه ذاك، فانه طلب زيارة جامعة اسطنبول والاجتماع برئيسها، وحين تحدد موعد اللقاء، فإنه اصطحب معه القنصل الإسرائيلي في المدينة، الذي لا يقل عنه نشاطا وحركة، وقصدا مقر الجامعة التاريخي للقاء رئيسها البروفيسور مسعود بارلاك.

في الموعد
المحدد، بعد ظهر الجمعة 28 -11، كان البروفيسور بارلاك يقف على باب مكتبه في استقبال ضيفيه، اللذين دعاهما إلى الجلوس في جانب من المكتب، لكنه لاحظ وجود رجلين معهما توجها دون استئذان إلى غرفة الاستراحة لتفتيشها، وحين سأل عن هويتهما قال القنصل انهما من فريق الحماية المصاحب للسفير، فطلب البروفيسور بارلاك اخراجهما من الغرفة على الفور، مذكرا الضيفين بأنهما في حرم جامعي، وحسب التقاليد فإنهما منذ دخلا حرم الجامعة، فانهما اصبحا في حمايتها، وماداما تحت سقفها فلن يتولى أحد حمايتهما غير سلطات الجامعة ذاتها.. لكن السفير الإسرائيلي والقنصل المرافق له أصرَّا على بقاء الحرس في المكتب أثناء اللقاء، عندئذ نهض رئيس الجامعة من مقعده واتجه نحو الباب، قائلا لهما ان الزيارة انتهت، وانه لا يقبل ان يستقبلهما في ظل هذه الشروط، ثم وجه إليهما الكلام قائلا: إن كنتما تصران على التحرك ومقابلة الناس في تركيا بهذه الطريقة، فالأفضل ان تظلا في مكاتبكما ولا تغادراها، لأن تركيا ليست مستعمرة حتى تتصرفا فيها بهذا الشكل، ثم ودعهما على الباب واستدار عائدا إلى مكتبه. القصة رواها الباحث التركي سمير صالحة في مقال نشرته «الشرق الأوسط» (في 2- 12 )،

وعلق عليها قائلا إن
الديبلوماسيين الإسرائيليين يشعرون بالقلق وعدم الأمان في تركيا، وأشار في هذا الصدد إلى أن القنصل الإسرائيلي سبق أن ووجه باحتجاجات واعتراضات مماثلة خلال محاولة فاشلة للاجتماع مع المسؤولين في الجامعة ذاتها، خلال شهر مارس الماضي. كما أن السفير ومعاونه كانا قد تعرضا قبل أيام لتظاهرات احتجاج طلابية كانت تنتظرهما، خلال ندوة نظمتها إحدى الجامعات الخاصة حول الصراع العربي ـ الإسرائيلي.

ويبدو أن سجل الديبلوماسيين
الإسرائيليين في تركيا حافل بمثل هذه المواقف. ذلك أن السفير ذاته ذهب للقاء أحد رؤساء النقابات العمالية، وحين قدمت إليه علبة حلوى فتحت أمامه ليتناول منها واحدة، فإنه رفض قبول الضيافة، وأخرج قطعة حلوى من جيبه، قائلا انه يفضل تناول الشيكولاتة الخاصة به. فما كان من مضيفه النقابي إلا أن التهم عدة قطع من الحلوى التي قُدمت إليه، ليظهر له أنها ليست سامة، وان ما فعله لا يليق بأي ضيف حسب التقاليد والأعراف التركية.

المعنى
المهم لكل ذلك أن الشعب التركي لايزال يرفض إسرائيل، رغم أن حكومة بلادهم اعترفت بالدولة العبرية عام 1949، أي بعد عام واحد على تأسيسها. من ثم فإنها قطعت شوطا بعيدا للغاية في التطبيع معها، الأمر الذي يعني أن كل جهود التطبيع الجارية مع العالم العربي لن تنجح في محو جريمة الاغتصاب الإسرائيلي لفلسطين، وأن التاريخ لن يغفر لها جريمتها وكذلك شعوبنا.

  • Currently 60/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
20 تصويتات / 303 مشاهدة
نشرت فى 6 ديسمبر 2008 بواسطة alysmail

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

106,732