المصدر: على جمال الدين ناصف الثلاثاء 6 أكتوبر 2009 بعد مرور 36 عام على نصر اكتوبر المجيد مصر - بورسعيد يكتب سامحونى أرفض أن أكون وزيرا ......!!!! عزيزى القارئ هناك سيناريو يبدأ به أى وزير عندما يتولى أى وزارة من الوزارات فى مصرنا الغاليه و تخيلت اننى أحد الذين ترشحوا للتشكيل الوزارى الجديد ، حيث عدت يوما الى المنزل بعدما كان شحن الموبايل قد نفد وجدت العديد من الاتصالات تمت بى و بمجرد شحن الموبايل استقبلت مكالمة تليفونيه فيها شئ من الاستغراب بدعوتى لمقابلة السيد الاستاذ الدكتور ..... المكلف بتشكيل الوزارة الجديدة ، و لم يسمح لى بالاستفسار الا عن مكان و زمان هذه المقابله .... و تركت لنفسى العنان ابحث و ابحر فيما سيكون و بحثت عن افخم بدلة و اشتريت قميص جديد و كرافت و حذاء و استحضرت سائق ليقود سيارتى حتى يكتمل الشكل و ذهبت للموعد المرتقب واذا بى اجد ان المطلوب منى ان أتولى وزارة المظاليم بخلاف وزارة العدل ، انها وزارة جديدة سيعلن عنها فى التشكيل الجديد ، و تنبه عليه الا أصرح بأى تصريح عن الوزارة المرشح لها ، و عند خروجى وجدت مجموعه من الصحفيين تتناول معى الحوار و تمطرنى بالاسئله ماذا ستفعل و أيه خطتك وكيف و أن الوقت الراهن الناس كلها بنتتطر الحكومة الجديدة و ما كان منى ان قلت اننى إن شاء الله لو كنت ممن استقر عليهم سأكون خادم لشعب مصر العظيم و للقيادة السياسيه وسوف أعمل على تحسين أحوال الوزارة و أنا عارف انها تركه خربانه وبس بندعو الله انه يوفقنا ، حاول أحد الصحفيين كعادتهم ان ينتزع منى أى تفاصيل أخرى قلت له بصراحه أن سوف أترك الامر الان الى ان اتولى حقيبة الوزارة المرشح لها لاعلن عن خطتى المستقبليه وتركت الموقف و سافرت عدت الى مدينتى بورسعيد الحبيبه ، و فى الطريق اخذت أعد العدة وكيف سيتم هذا و يا ترى لون المكتب اللى انا راح اجلس فيه شكله ايه و الناس اللى راح اتعامل معهم و تحت رئاستى المباشرة عاملين ايه ، المهم ما هو الا وقت واعلن التشكيل الوزارى الجديد و ها انا رشحت لتولى وزارة المظاليم ، و على موعد لحلف القسم امام القيادة السياسيه و رئيس مجلس الوزارء و بعدها عقد معنا والسادة الوزراء اجتماع اصدرت القيادة السياسيه توصياتها و تعلماتها للوزارة الجديده ، و قد نالنى جانب كبير من التركيز حيث مطلوب منى حل مشكلات المظاليم فى اسرع وقت ممكن و طبعا وجدت ترحاب من السادة الزملاء الوزراء و تواعدنا بأن يكون بيننا تعاون تام ، و خاصة وان وزارتى الجديدة يرتبط عملها بجميع الوزارات و بجميع افراد الشعب وان مهمتنا ليست سهلة و تبادلنا التحيات و التليفونات و خرجنا و توجه كلنا منا الى بيته ليصبح فى اليوم التالى او ما بعده لتولى مكانه فى الوزارة . كان الليل طويل و اتذكر اننى لم انام و اخذت افكر كيف انجح وكيف يكون لى شأن ربما اكون أنا فى المستقبل رئيس مجلس الوزراء فى الوزارة القادمه ، وكيف الفت نظر القيادة السياسيه بأسرع وقت لاحقق الرضا عنى و عن اداء وزارتى ، و عندما توجهت لمكتبى فى الدور الخامس بأحد الابنيه الهامه فى وسط البلد و جدت شئ غير عادى من أول ما خرجت من السيارة فقد وجدت جمع غفير من الناس تنتظر وصولى و انفتح المصعد و خرج منه رائحة فائحه جميلة لم اعتاد أن تقع على انفى من قبل وشاب يرتدى ملابس جيدة يفتح لى الباب و يخرجنى الى مدخل باب مكتبى الذى احاط بالورود وكم من الرسائل التى تحتاج منى ان امكث فى تصفحها شهر ثم حضر السادة رؤساء القطاع بالوزارة لتقديم التهانى ثم تقدم منى احد العاملين بالسكرتاريه الخاصه و طلب بأن هناك بعض من الصحفيين عايزين كلمه من سيادتك فأمرت على الفور بدخول الصحفين و تناولت معهم ما سأفعله و ما سوف اقوم به و اننى سوف اشكل لجنه على اعلى مستوى من بين اساتذة الجامعات و المختصيين لتضع خطه طموحه لمدة خمس سنوات حتى نقضى على الظلم و نحل مشاكل المظاليم ، ولن يكون هناك مظلوما واحدا فى مصر من بعد هذا اليوم وانا هنا للقضاء على الظلم ورفع الغبن عن المظلومين ، و بدأت أعمل و انا كلى أمل فعلا فى تحقيق الاهداف التى اعلنت اننى أنوى عملها ، بدأت الحوارات مع رؤساء القطاعات المختلفه بالوزارة الكل هنا يجمع على اننى الرجل الاوحد الوحيد الذى افهم فى كل شئ ، وكنت قد حضرت حوار فى غجدى البرامج التليفزيونية عن اعمال الوزارة و المرتقب فعله ، ما رأيت احد إلا ما قال لى أن شاشه التلفزيون قد اشتدت نورها و كلام سيادتك يا فندم كله فى غاية الروعه وما به من الحكمه تجعلنى أفوق حكيم الصين العظيم كنفوشيوس وكذلك العلم و الخبره ، احنا كنا بنستمتع بحديث سيادتك يا معالى الوزير و على فكرة سياتك اخترت تسمع اغنيه للفنانه صباح بتاعت يا نا يانا يا تعبنى والله يا سيادة الوزير سيادتك كأنك تعرف اننا لا نحب أن نسمع الا هذه الاغنيه فقط و قد ايه انت يا سيادة الوزير كنت اكثر من رائع فى حتى طلبك لسماع هذه الاغنيه ، أولادنا كلهم يا فندم قاموا رقصوا على هذه الاغنيه ما تدرى مقدار السعادة التى تعمت على أسرنا و الفرحه التى هلت على بيوتنا ، و كنت قد دعوت لحضور لقاء فى إحدى الاماكن وجدت ان هناك سيارة للتشريفه واخرى للحراسه واخرى لى و وجدت كم من العاملين احدهم يفتح الباب الخاص بالسيارة و الاخر يقف امام الباب و من خلفى و من امامى واصبحت حياتى محل اهتمام الناس كلها التى تعمل معى و خلال الساعات الاولى شعرت بأننى أهم انسان فى الدنيا كلها و الجميع يتسابق للتعارف و الجميع يتسابق لاداء الخدمه وجدت من يطلب الا اذهب الى الحلاق الذى اعتدت ان اذهب اليه ، فالحلاق سوف يحضر لى ، لن انزل لشراء شى كل شئ سوف يأتى لى ، لا يدخل لى احد الا بموعد سابق حتى ولو لم يك عندى احد يظل بعض الوقت فى الانتظار ، و ترددت على شاشات التلفزيون والفضائيات واعلنت اننا وضعنا خطه فعلا للقضاء على ظلم الناس و حل جميع مشاكل المظاليم و سوف ترى الناس نتائجها خلال السنه الاولى من التطبيق و انا اعطيت تعلماتى لكل العاملين بالتيسير على المواطنين ، وانا مكتبى مفتوح واى واحد عنده مشكله يطلب مقابلتى و عندكم الايميل بتاعى على الشاشه [email protected] وتحت امر اى احد عنده مشكله وانا بنفسى بأستمع للناس واحنا وزارة طموحه ولها خطه وضعت و تم مناقشاتها على اعلى مستوى ونالت استحسان الكثيرين ولم تعارض من قبل اى معارض فى مصر ، و بدأت الامور تسير و كنت احاط بالسادة رؤساء القطاع بوزارتى وربنا يخليهم كانوا عاملين حائط صد عنى ، الكل يسعى لينال رضايا و الكل افهمنى انه من اشرف خلق الله و افهمونى بأننى الشخص الوحيد اللى شافوه بيفهم فى كل شئ وان كلامى لا يمكن ان يجد أى معارضه من احد حتى البعض منهم كان يمتدحنى عندما أعطس فى أيام البرد بالقول عطسك يا سيادة الوزير له رونق خاص ، لا يصيب احد بأنفلونزا الخنازير ، و البعض كان يدعو لى بطول العمر والبعض يتقرب منى بأقوال لم اسمعها من قبل ، مثل أحنا يا سيادة الوزير بنتنفس من بين ضلوع سيادتكم ، و البعض الاخر يقول لى احنا يا سيادة الوزير بنتنفس زفير سيادتكم ، وكنت ازيد فى اخراج ثانى اكسيد الكربون ليتنفس منه الناس ...!!! و بدأت لا احمل الموبايل الخاص بى الصغير الذى كنت اضعه فى جيبى فهناك مسئول يحمل الموبايل و اخر يحمل اللاب توب واخر يحمل البلاك بيرى و أخر يحمل قلم اوقع به على اى طلب نائب بمجلس الشعب او أى مواطن يتقدم منى ، وبدأت اعشق الكاميرات و اعشق الحديث فى التليفزيون و بدأت اشعر ان الناس لا تستغنى عنى الكل يمتدح عملى و العاملين معى يمتدحونى رغم اننى اعنفهم فى بعض الاوقات يقدمون لى الشكر و العرفان يوميا ، سمعت منهم حكايات عن بطولات فى الشرف و الامانه قربتهم الى قلبى وكان كلامهم جميل عندما كنت اطلب من احدهم ان يسافر مأموريه خارج البلاد و يعلم بأنه سوف يصرف مبلغ وقدره كان يقول لى يا سيادة الوزير انا عايز بس اجرة المواصلات ثمن تذاكر السفر انا راح آكل هناك مثل ما بآكل فى مصر و نوفر شويه للبلد ، قد ايه انا معجب بهؤلاء الرجال الشرفاء المحطين بى ، كيف يرفضون ويضحون ليل نهار و يعملون فى خدمة الناس ، الدنيا بخير و الناس زى الفل ، وليه المعارضه بتدعى بالكلام الفارغ اللى بقولوه ، منهم لله ما الناس واضح مدى الشرف اللى هما فيه ، سبحان الله ما حدش بيسيب حد فى حاله ، و كان كل يوم يحضرون لى قصاصات من الجرائد و المجلات كلها مدح جميل تحبه النفس البشريه فيما اقوم به من اعمال و تعليقات تدل على ان الناس قد شعرت بما قمت به من عمل صادف ولاقى قبول عند الكثير من الناس ، وما هى الا ايام و بدأت تدخل عليه قصاصات من الكتابات التى تذم فى اعمالى و اننى لم احقق ما وعدت به و بدأت الصحافه تشن هجومها عليه ولكن الاخوة رؤساء القطاع سرعان ما كانوا يحضرون الرد المسبوك و الغير مسبوق و بدى امامى الامر سهل و يسروا لى كل الامور ، حتى اننى اعتمدت عليهم لما عهدته فيهم من ثقه غاليه اعتز بها ، والغريب اننى كل يوم يزداد الذم والصحافه و الاستجوابات فى مجلس الشعب و الشكاوى لم تصل لى ، حتى الايميل الخاص بى فمن كان يعمل بالمكتب معى كان يستبعد الايميلات التى كانت تعبر عن شكوى المواطنين ، البريد لا أرى منه الا ما يسعد القلب و ينعشه ، احسست بأننى قد رضى عنى الناس الى ابعد الحدود وإذا ما وقع فى يدى شكوى لاحد العاملين اجد السادة رؤساء القطاع سرعان ما يحيطونى علما بأن كاتب هذه الشكوى معتاد على ذلك و انه من المجانين اللى بيعملوا فى الوزارة وهو انسان مريض نفسيا و بيعانى من عقد لا حصر لها وهو شكاى و تاعب قلوبنا وعلى طول كده يا معالى الوزير ، و ساعات يلجأ للصحافة ، وطبعا يا ريس مش ده اللى يلوى ذراعنا هو ملوش حق فى أى حاجه ، دا يا فندم بيشتكى سيادتكم مش كده يا فلان والكل الحقيقه يجمع ويؤيد و يشجب تصرفات من يستصرخ من الظلم و يستريح ضميرى لاننى اثق كثيرا فى من حولى و كل شئ قلته كان يزين لى بالورود على انه الرأى الوحيد الذى لا يخر منه الماء مثلما يقال ، واليوم صباحا مبكرا سمعت صوت طلقات نيران إنتابنى قدر من الفزع و قد تبين لى انها تطلق احتفالنا بيوم 6 اكتوبر بعد مرور 36عام على هذا الانتصار العظيم وصحوت من النوم على هذه الاصوات ، واكتشفت ان الغطاء ( البطانيه ) وقعت من على سريرى وانا كنت نائم احلم سامحنى ايها القارئ فأننى ارفض فعلا أن أكون وزيرا .
alynassef

على جمال الدين ناصف - بورسعيد

  • Currently 138/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
44 تصويتات / 176 مشاهدة
نشرت فى 9 أكتوبر 2009 بواسطة alynassef

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

12,245