تقول العرب: مات فلان حتف أنفه أي بلا ضرب ولا قتل، وقيل: إذا مات فجأة، وروي عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أنه قال: من مات حَتْف أنفه في سبيل اللّه فقد وقع أجره على اللّه؛ وقيل أن يموت موتاً على فراشه من غير قتل ولا غَرَق ولا سَبُع ولا غيره، وفي رواية: فهو شهيد. وقيل هو أن يموت على فراشه كأنه سَقَطَ لأنفه فمات.
كانوا يتخَيَّلُون أن روح المريض تخرج من أنفه فإن جُرِحَ خرجت من جِراحه. وقيل إنما قيل للذي يموت على فراشه مات حتف أنفه. ويقال: مات حَتْفَ أَنْفَيْهِ لأنّ نَفْسه تخرج بتنفسه من فيه وأنفه. قال: ويقال أيضاً مات حَتْفَ فِيه كما يقال مات حَتْف أنفه، والأَنفُ والفمُ مخرجا النفَس.
وقيل: من قال حتف أَنفيه احتمل أن يكون أراد سَمَّيْ أَنفه وهما مَنْخَراه، ويحتمل أن يراد به أنفه وفمه، فَغَلَّب أحد الاسمين على الآخر لتجاورهما؛ وفي حديث عامر بن فُهَيْرَةَ: والمرء يأتي حَتْفُه مِن فوقه، يريد أن حَذَره وجُبْنَه غير دافع عنه المَنِيّة إذا حلت به.
وفي حديث قَيْلَة: أَنَّ صاحبها قال لها كنتُ أنا وأنتِ، كما قيل: حَتْفَها تَحْمِلُ ضَأْنٌ بأظْلافِها؛ قال: أصله أن رجلاً كان جائعاً بالفَلاة القَفْر، فوجد شاة ولم يكن معه ما يذبحها به، فبحثت الشاةُ الأرض فظهر فيها مُدْية فذبحها بها، فصار مثلاً لكل من أَعان على نفسه بسُوء تدبيره. الحَتْفُ: الموت، وجمعه حُتُوفٌ؛ والحَتْفُ الهلاك، قال حنش بن مالك:
فَنَفْسَك أَحْرِزْ، فإنَّ الحُتُو فَ يَنْبَأْنَ بالمَرْءِ في كلِّ واد
ولا يُبْنى منه فِعْل.
النابغة الذبياني:
مَنْ يطلبِ الدّهــــرُ تُدرِكْـــهُ مخالبُهُ
والدّهــــرُ بالوِترِ نــــاجٍ، غيرُ مطلوبِ
ما من أنـــاسٍ ذوي مجدٍ ومكرمــــة
إلاّ يشــــدّ عليهم شـــدة َ الذيــــبِ
حتى يبيدَ ، عـلــــى عمـــدٍ ، سراتهمُ
بالنافذاتِ مـنَ النبلِ المصاييـــــبِ
إني وجدتُ سِهامَ الموتِ مُعرِضــــــَة
بكلّ حتفٍ، من الآجـــالِ، مكتـــوبِ
الخبز أرزي:
لسان الفتى حتف الفتى حين يجهلُ
وكلُّ امرئٍ مـــا بين فكَّيــــه مقـتـلُ
إذا مــــــا لسان المرءِ أكثر هـــــذره
فذاك لســـان بالبـــــــلاء مــــوكَّلُ
وكـــــم فاتحٍ أبــــواب شــــرٍّ لنفسه
إذا لم يكن قفلٌ علــــــى فيه مُقفَلُ
كذا من رمى يومـــاً شــــرارات لفظه
تلقَّتـه نيران الجوابـــــات تشعـــــلُ
ومــن لم يقيِّــــد لفظه متجمـــــــلاً
سيُطلَقُ فيه كـــلُّ مــــا ليس يجملُ
ساحة النقاش