التركيز في الأكل يجعل الطعام أكثر إمتاعاً
أظهرت دراسة جديدة نُشرت في العدد الأخير من المجلة الأميركية للتغذية السريرية أن إعمال الذاكرة لتذكر محتويات كل وجبة سابقة يُساعد على تقليل الكمية المستهلكة من الطعام في الوجبات اللاحقة، ما يؤدي مع الوقت إلى إنقاص الوزن، أو الحفاظ عليه على الأقل.
وقال الباحثون، الذين أنجزوا الدراسة، والذين ينتمون إلى جامعات بريطانية متفرقة، إن الفضل في ذلك يرجع بالأساس إلى الذاكرة. فالأكل بوعي عبر الانتباه في كل وجبة إلى ما علينا تناوله ومقارنته بالوجبة السابقة يُساعد في إبقاء الذاكرة الغذائية نشيطة وينعكس إيجاباً على لياقة الجسم، لافتين إلى أن الاعتماد على الذاكرة الغذائية أفضل من وسواس إحصاء السعرات الحرارية لكل وجبة.
وأشار الباحثون إلى أن نتائج هذه الدراسة تختلف عن سابقاتها من حيث استراتيجيات الاستخدام، من قبيل الأكل بوعي وروية وتركيز، وذلك باعتبارها تتناول بُعداً آخر في الأكل، ألا وهو استحضار الذكريات الغذائية.
وعلى الرغم من أن هذه الدراسة أفضت إلى مقاربة غذائية فعالة للتحكم في وزن الجسم، فإنها ركزت أكثر على الراشدين الذين تندرج مؤشرات كتلهم الجسمية ضمن النطاق الصحي، ما يعني وجود حاجة إضافية لاكتشاف آثارها أيضاً على الأشخاص الذين يعانون مسبقاً من زيادة الوزن.
وأشار الباحثون إلى أن عناصر الإلهاء تُشوش على قدرة الشخص على الاستمتاع بما يأكله، وهذا يجعله يأكل أكثر من اللازم. غير أن هذا لا يفسر ما يحدث في الوجبات اللاحقة. ووجد الباحثون كذلك أن إعمال الذاكرة عبر تذكر ما تناوله الجسم في الوجبة السابقة، وما هو بصدد أكله في الوجبة الحاضرة والوجبات اللاحقة يدفع أكثر إلى الأكل بوعي أكبر واستهلاك كمية أقل من الطعام.
وقال الباحثون «بالرغم من أنه من غير الواضح إلى الآن أي أجزاء الذاكرة تضطلع بدور أكبر في حفظ المعلومات الغذائية، فإن وضوح الذاكرة الصورية وحيويتها، سواءً كانت تلك الخاصة بصور الطعام المتناوَل سابقاً أو كمية السعرات المستهلكة في الوجبات الماضية، تقود إلى تقليل الأكل». وأضافوا أنه إذا تذكر الشخص أن آخر وجبة تناولها كانت مُرضية ومُشعرة بالامتلاء، فإنه يميل في الوجبة اللاحقة إلى استهلاك كمية أقل من الطعام. وكما يعلم كل شخص سبق له أن حاول إنقاص وزنه، فإن الأمر لا يخلو من تعقيد. وهو ما أكده الباحثون؛ فعلى سبيل المثال، يكون الشخص الذي يتناول وجبة ما لوحده أقل تعرضاً للإلهاء مقارنة بمن يتناولون كل وجبة مع آخرين، ولو أن الأكل مع جماعة لديه فوائد، من قبيل مساعدة جميع أفراد الأسرة على تبني عادات غذائية صحية. وقد اعتبر الباحثون أن أفضل نصيحة يمكن إسداؤها للراغبين في الأكل بوعي وتركيز هي تجنب مشاهدة التلفاز أو الحاسوب في أثناء تناول وجبة ما.
ويقر الباحثون بأنه ليس سهلاً على كل شخص تذكر كل ما يأكله في الوجبات السابقة وتسخيره بما يساعده على استهلاك كميات متوازنة من الأطعمة المغذية والمتنوعة. ما يعني أن على كل من يرغب في الاعتماد على ذاكرته الغذائية لإنقاص وزنه أن يبذل جهداً كافياً ويتحلى بالصبر وثبات العزيمة ليتدرب على تنشيط ذاكرته الغذائية ويطور استراتيجياته كلما تطلب الأمر ذلك.
ساحة النقاش