جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
خالد بن سعود البليهد @binbulaihed
|
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد فإن كل شاب مسلم سوي له طموح في الحياة وإن أمنيته الكبرى أن يكون ناجحا في المجتمع ومحققا لأمانيه وأحلامه وهذا أمر طبيعي جبل عليه الإنسان ولكن معترك الحياة فيها من العقبات والصعوبات والموانع التي تمنع من تحقيق المطلوب على الدوام فالدنيا جبلت على النكد قال تعالى: (لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسانَ فِي كَبَدٍ). فالشاب لا يزال يكابد في أحداث الدنيا ومضايقها. وقد تحصل الدنيا لرجل وهو معرض عن الآخرة كحال الكفار ولكن لا مدح فيها ولا غنيمة لأن صاحبها سيؤول إلى الهلاك والنار يوم القيامة وقد عجلت له الدنيا من باب الاستدراج وإنما الشأن والفلاح والغنيمة في حصول المال وتحقق المنصب والجاه لرجل دخل في طاعة الرحمن وعباءة الإيمان وحديثنا في سبيل ذلك.
ومن المؤسف في هذا الزمان أنك ترى شباب الكفار يحققون زهرة الدنيا وقوة المركز ونفوذ الجاه بينما كثير من شباب المسلمين يرفلون في شهواتهم غافلون عن تحقيق قوتهم وسيادتهم للأمم مفوتون الفرص الثمينة.
وثمة عوامل وأسباب إذا تعاطاها الشاب وعمل بها كانت له عونا بإذن الله في نجاحه في الدنيا سواء كان في العمل الوظيفي أو القطاع الخاص أو العمل الحر فدونك أخي الشاب هذه النصائح لتكون ناجحا في حياتك:
الأول: التوكل على الله وحسن الظن به وتعلق القلب برجائه فإن الشاب إذا اعتمد على الله في جلب الرزق وفوض أمره لله واعتقد أن الرازق والواهب والمعطي هو الله فتح الله عليه أبواب الرزق ورزقه من حيث لا يحتسب قال تعالى: (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ). وقال صلى الله عليه وسلم: (لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا). رواه أحمد. فتوكل أخي الشاب على ربك لتنجح في حياتك وإياك أن تتكل على ذكائك وجهدك ومالك فإن فعلت خسرت لأن الله سيتخلى عنك.
الثاني: المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها فإن الصلاة مفتاح كل خير ومجلبة لكل بر في حياة المسلم ومن أعظم أسباب البركة في وقت وعمر وشباب المسلم قال تعالى: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلوٰةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَٱلْعَـٰقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ). ومن حافظ عليها وجد تأثيرا عجيبا في حياته كما أنها تنظم وقت الشاب وتجعله يستثمر الوقت في شيء نافع يعود على فلاحه وغناه فاحرص على صلاتك لتفلح في دينك ودنياك.
ثالثا: الحرص والاجتهاد على دعاء الرب الرحيم الغني الرزاق الجواد والتوسل عليه بأسمائه الحسنة وصفاته المثلى فإن الدعاء من أعظم الأسباب التي تجلب الرزق وتدفع المحن وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يواظب على الدعاء قال أنس: (كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار). متفق عليه. وكان السلف يسألون الله في كل شيء حتى العلف لدوابهم والملح في الطعام. فاسأل ربك في قضاء كل حاجة واستعن به تفلح وتنجح.
رابعا: بر الوالدين والإحسان إليهما بالأقوال والأفعال والاجتهاد في إرضائهما وتحقيق مطالبهما وإغنائهما عن الخلق وإكرامهما حق الإكرام خاصة عند بلوغ الكبر فإن برهما من أعظم أسباب جلب البركة والخير على حياة الشاب ودعاؤهما من أعظم أسباب توفيقه ودفع النقم والمصائب ومن أرضى الله في والديه رضي عنه وسخر له عباده ويسر له جميع السبل فاحرص على برهما وأنفق النفيس في سبيل رضاهما ليبارك في مالك وأهلك ومسعاك.
خامسا: لزوم الاستغفار والإكثار من التوبة والذكر فإن استغفار الشاب المسلم يجلب له الخيرات ويفتح له أبواب الرزق وينزل عليه الرحمات كما قال تعالى: (فَقُلْتُ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ ٱلسَّمَاء عَلَيْكُمْ مُّدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوٰلٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّـٰتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً). وفي سنن أبي داود قال رسول الله عليه وسلم: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب). فداوم أيها الشاب على الاستغفار كل يوم ستجد نتيجة فعالة في مشاريعك.
سادسا: بذل الصدقة للفقراء والمحتاجين والإحسان لعموم الناس في كل أمر حسب الاستطاعة من شفاعة ووساطة وإرشاد بنصيحة وتفريج هم فإن الصدقة لها أثر عظيم في نماء المال وقضاء الدين ومن أحسن إلى غيره أحسن الله إليه قال تعالى: (وقال: (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) و في الحديث القدسي عند مسلم يقول الله تعالى: (يا ابن آدم أنفق أنفق عليك). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما اللهم أعط منفقا خلفا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا). متفق عليه. فاحرص أيها الشاب على المداومة على صدقة يسيرة لتبارك مسعاك وتنجح في مسيرتك.
ثامنا: التخطيط الواعي والرؤية الشاملة للمستقبل ووضع أهداف واضحة وقصيرة المدى تناسب كل مرحلة من أعظم أسباب النجاح والتوفيق في المسيرة وينبغي أن تكون الأهداف واقعية تناسب قدرات الشاب وظروفه المحيطة به فيبدأ الشاب مثلا أولا بالتركيز على دراسة تخصص معين ثم يهتم بالدورات الجانبية في المهارات العصرية ثم يبدأ في مشروع صغير ويبحث حتى يجد نفسه في مجال معين ثم ينطلق وفي المقابل الفوضى وغياب الرؤية والإخفاق في تحديد الأهداف المناسبة سبب كبير في فشل الشاب وتشتته وضياع الفرص المهمة.
تاسعا: من أعظم أسباب النجاح النشاط وبذل الجهد في تحصيل الرزق وعدم الركون إلى الكسل والعجز اعتمادا على مجد الآباء ونفع الآخرين قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز فإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان). رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: (لأن يأخذ أحدكم أحبله ثم يأتي الجبل فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجههُ خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه). رواه البخاري. فكيف تنجح في حياتك وأنت تسهر مع الأصحاب بلا فائدة وتضيع الإجازات وتركن إلى الراحة والدعة في عز شبابك وتفوت الفرص المهمة.
عاشرا: احرص على استشارة أهل العقل والحكمة والتجربة في شؤون التجارة والأعمال لتوفق إلى فكرة ناجحة في سوق العمل تناسب ميزانيتك وقدراتك وينبغي على الشاب أن يستشير والده في اختيار التخصص أو الوظيفة التي تناسبه لأن رأي الوالد موفق ومبني على الشفقة والنصيحة وإياك أن تغتر برأيك وتنفرد بقرارك وتعتقد أن ذكائك سيوصلك إلى أعلى المراكز فإن رأي الإنسان لوحده قاصر لا يحيط بجميع الجوانب وترك المشورة دليل على ضعف العقل وقلة البصيرة.
حادي عشر: احذر من كثرة مجالس اللهو وبرامج الغفلة بحيث تستولي على نسبة عالية من وقتك وجهدك ولا تخلط بين اللهو والوناسة وبين أولويات العمل والتجارة فإن البطالة شر الأعمال والشاب البطال لا يفلح أبدا ولو ملك الأموال وأعظم بلاء يبتلى به الشاب كثرة الأسفار بلا مصلحة واحرص على جدولة اللهو في أوقات محددة لا تؤثر على مشاريعك ولا مجال في العمل والمال لمجاملات الأصحاب والأحباب فكل له مجاله وحدوده.
ثاني عشر: أخي الشاب احذر الوقوع في وسائل الفتن ومصائد الشيطان من علاقات نسائية وتعاطي للخمور وغير ذلك من الشرور فإن التورط في هذه الكبائر والإدمان عليها يفسد مشروعك ويضيع مركزك ويذهب أموالك هباء منثورا كما هو مشاهد ومعلوم وكم من شاب بلغ النجاح وحقق حلما عظيما ثم ابتلي بالفساد فأدركه الفشل وضاع شبابه وتبددت أحلامه وتدنست سمعته وفاتت عليه الفرص. فإذا تعرضت لعروض شيطانية فكن حازما مع نفسك واقطعها واهجر أصحابها ولا تتهاون مطلقا وعليك باللهو في الحلال ففيه غنية عن الحرام ومتعة طاهرة ولذة تؤجر عليها.
أخي الشاب الحبيب هذا ما تيسر لي ذكره لك من نصائح وتوجيهات في سبيل نجاحك وتوفيقك في دنياك فاحرص على فهمها وتطبيقها في حياتك ولا تنسنا من دعوة صالحة وأسأل الله أن يوفق جميع شباب المسلمين ويجعلهم رائدين ومتفوقين على سائر الأمم.
|
المصدر: صيد الفوائد
ساحة النقاش