لا شيء أجمل من قلب أو عقل مُلئ حكمة، وإن كان الحكمة قد جاءت من حكماء عاشوا تجارب وخبروا الحياة بحلوها ومرها، إلا أن حكمتهم أنهم اعتبروا بغيرهم، فأجمل الحكمة أن نقرأ الحكم التي جاءت ألسنتهم، ولكن الأروع أن نعي هذه الحكم في حياتنا العملية وأن نعيشها واقعاً كما كان أجدادنا فقد عرف العرب بالحكمة، لا أن نعلق عبارات ومقولات الحكمة في لوحات جميلة في بيوتنا ومكاتبنا.

 

قال حكيم: عاديت الرجال، فلم أر عدواً أعدى لي من نفسي، وعالجت الشجعان والسباع، فلم يغلبني إلا الصاحب السوء.‏

 

‏وأكلت الطيب وتمتعت باللذات، فلم أر ألذ من العافية، وأكلت الصبر وشربت المر، فما رأيت أشد من الفقر.‏

‏وصارعت الأقران، وبارزت الشجعان، فلم أر أغلب من المرأة السليطة، ورُميت بالسهام، ورُجمت بالحجارة، فلم أر أصعب من الكلام السوء، يخرج من فم مطالب بحق.‏ وتصدقت بالأموال والذخائر، فلم أر صدقة أنفع من رد ذي ضالة إلى الهدى.

قال لي مسْكَوَيْه: أما ترى إلى خطأ صاحبنا الوزير ابن العميد؟

يُعطي فلان ألف دينار ضَربةً واحدة؟!

لقد أضاع هذا المال الخطير فيمن لا يستحق.‏

‏فقلت له:‏ ‏ أسألك عن شيء واحد، فاصدُق فإنه لا مَدَبَّ للكذب بيني وبينك.

لو غَلِط الوزير فيك بهذا العطاء، وبأضعافه وأضعاف أضعافه، أكنتَ تراه في نفسك مخطئاً ومبذّراً ومفسداً أو جاهلاً بحق المال؟ أو كنتَ تقول ما أحسن ما فعل، وليتَه أَرْبَى عليه؟

إنما هو الحسد، أو شيء آخر من جنس الحسد، ما دفعك إلى قول ما قلت.

وأنت تدّعي الحكمة وتكتب عن الأخلاق. فافطِن لأمرك واطّلِعْ على سِرِّك.

حكي أن رجلاً من الأندلس قدم على هارون الرشيد، فقال له الرشيد:‏ ‏ يُقال إن الدنيا بمثابة طائر، ذَنَبُه الأندلس.‏

‏ فقال الأندلسيّ: صدقوا يا أمير المؤمنين، وإنه طاووس،‏ فضحك الرشيد، وتعجّب من سرعة جواب الرجل وانتصاره لبلده.

بديع الزمان الهمذاني:

إذا الدنيــــــا تأملهــــــا حكيـــم

تبيـــن أن معناهـــا عبــــور

فبينـــــا أنت في ظــــل الأمانــي

بأسعــــــد حالة إذ أنت بور

زمــــــــــان في قضيته جـــــــؤور

ودوار بمــــــا تأبــــــى دؤور

رضى بقضائـــــــه أو لست ترضى

فعض يديك وانظر مــا تصير

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 103 مشاهدة
نشرت فى 18 مارس 2013 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,276,356