التنانير المنتفخة ميزت العرض
"فكر بالوردي" هذا ما قد يتبادر إلى الأذهان للوهلة الأولى لدى مشاهدة عرض المصمم الفرنسي الشاب أليكسيس مابيل، حيث تعكس مجموعته لأزياء الهوت كوتور (فن الخياطة الراقية) لموضة موسمي ربيع وصيف 2013، والتي عرضها مؤخرا في باريس، مزيجا كلاسيكيا راقيا زاخرا بملامح الأنوثة والرومانسية والجمال. وميز مابيل منصته الباريسية خلال الأسبوع الفرنسي بشكل لافت، مغلفا كل ما فيها باللون الوردي الفاتح، مزينا أركانها بمزهريات كبيرة عابقة بالورود، معتمدا خلالها على أسلوبه المعهود في الانحياز الكامل لمفردات الكلاسيكية والأناقة في موضة خطوط الخياطة الراقية، مستعينا بلمسات من طراز ملابس راقصات الباليه.
أزهار البياتي - جاءت المجموعة الربيعية للمصمم الفرنسي الشاب أليكسيس مابيل بإيحاءات معبّرة استقاها من طراز ملابس راقصات الباليه، مستلهما عناصرها من أجواء الرومانسية والنعومة التي تحيط بمظهر الفتيات الصغيرات، حيث تكون ملامح الأنوثة هي السمة الغالبة على كامل تشكيلة الموسمين المقبلين، مصورا وعبر باقة زاهية من القطع والموديلات مشاهد جميلة لنساء يستشعرن أنوثتهن فيعشن الفرح ويستمتعن بجماليات الحياة، ليوقعها بأسلوبه الخاص، من خلال انحيازه الدائم نحو الخطوط التقليدية والشكل الكلاسيكي في تصميم الموضة والأزياء.
نعومة وكلاسيكية
يأبى مابيل أن يخيب ظن جمهور عشاقه ومحبيه الذين لطالما تحمسوا لطرازه وبصمته الساحرة، لتخرج عارضاته الجميلات بمظهر مبتكر، وكأنهن جزء من حلم فنتازي من وحي الخيال، فيتوالى ظهورهن الدراماتيكي بالشكل الذي رسمه مابيل، مسافرا بهن ومعهن إلى عوالم الفن والجمال، وكأنهن وصلة مسرحية من أوبرا كلاسيكية راقصة لتشايكو فسكي ومعزوفته الشهيرة “الجمال النائم”، لتبعث موديلاته طاقة شبابية وعاطفة مشبوبة عكسها بلمسات أثيرية وظلال شاحبة وضبابية.
واختار مابيل أن يختزل باقته الجديدة بـ 28 تصميما، ليضمنها جملة من القطع والتصاميم كان للفستان فيها دور البطولة وبلا منازع، مع ثلاث أطقم مبتكرة من بنطلونات الحرير، ليستعرض بصحبتها مختلف أنواع فساتين السهرة والمناسبات وبعدة أطوال وقصات كلاسيكية مترفة، مظهرا من خلالها خطوطا ناعمة وتنانير واسعة منتفخة تتعدد فيها الأدوار والطبقات، مركزا في تنفيذها بشكل خاص على أنواع محددة من الخامات والأقمشة، من تلك الخفيفة الشديدة الشفافية والهشاشة، حتى تكاد أن تكون منعدمة الوزن، منها على سبيل المثال العديد من الأتوال والدانتيلات، مع قماشتي الأورجنزا والشيفون، وبعض من خامات الحرير، والكريب، والتفتا، لتجسد جميعا بنات أفكاره الخلاقة وتظهرها بمنتهى المهارة والإبداع، منسجمة مع الموضوع الكلي للمجموعة لتلف جسد العارضات بحميمية وحنان، وتنساب على حنايا قوامهن بكل أريحية ونعومة ودلال.
طاقة الألوان
تميزت ألوان مجموعة مابيل الأخيرة بالعديد من الظلال اللونية التي كان فيها لتدرجات الباستيل نصيب كبير، وتحمل طاقات كامنة وشطحات قوية نابضة بالحياة، من تلك الفئة التي تتميز برونق مدهش وجاذبية آسرة لناحية الأناقة والرقيّ، وفيما أحاطت هالة ضبابية من اللون الوردي الباهت كل أجواء المجموعة والعرض، إلا أنه ظهرت فيها أيضا موجات منسجمة ومتناغمة في هذا النسق والسياق، لنشهد مثلا على وجود طبقات متدرجة من اللون الرمادي الفضي وصلت لحوالي 50 درجة وظل، تصاعدت بوتيرة متتالية بدءا من لجة الأسود الحالك، ومرورا بالرمادي الداكن ثم الباهت فالفضي منتهية بتألق أخاذ للأبيض العذري، مع ثراء وغنى أضافته ألوان رائقة أخرى منها الزهري الناعم، والبطيخي الفاتح، والبيج العسلي، لتعلو من جديد مع إثارة الوردي الفوشيا، وفورة الأحمر الناري، وتمرد الأصفر الساطع.
وكان لافتا أن اكسسوارات المجموعة اختفت تقريبا، مقتصرة فقط على وجود بسيط لبعض الأحزمة التي طوقت خصور الفساتين، وشيء من الورود النافرة التي تعلقت بدلال على بعض الموديلات، وكأن المصمم اكتفى بزخرفة فساتينه وتزينها بعقد شرائط الحرير وأدوار من الكشاكش والبليسيهات، رابطا إياها بعقد وفيونكات أنثوية بريئة وجميلة لأبعد الحدود، زاد من تأثيرها تلك الكعوب الحريرية العالية التي احتضنت أسوارها أنامل العارضات، مع ذلك المظهر الضبابي الشائب الذي صبغ خصلات شعرهن الناعم، وكأنهن مخلوقات بديعة جاءت من أماكن نائية، هبطت على الأرض بهالة غير مرئية من السحر والخيال.
ساحة النقاش