تكتظ مطاعم الوجبات السريعة بالزبائن في فترات المساء والليل، أكثر ما يكون عليه حالها في فترات النهار بمختلف مراكز التسوق والمرافق العامة كثير الرواد والزوار. وتفيد دراسة جديدة نُشرت في العدد الأخير من دورية “البيولوجيا الحالية” أن تناول مشروب صودا أو وجبة برجر سريعة في الصباح أو الظهيرة يعد أهون وأقل إيذاءً للمعدة، في حين أن من يتناول هذه الوجبات ليلاً يضر الجهاز الهضمي، ويجعله يسخط على صاحبه، نظراً لعدم إيجاده أنشطة حركية لتصريف ذلك الكم الكبير من السعرات الحرارية والكربوهيدرات بسبب ميل أنشطة الليل إلى السكون والجهد القليل.

ووجد الباحثون أن قدرة الفئران على تنظيم مستويات السكر في دمهم تتنوع وتختلف على مدار ساعات اليوم. كما كشفوا أن التشويش على إيقاع ساعتهم البيولوجية اليومية يجعلهم أكثر قابلية للإصابة بالسمنة ومراكمة الدهون. ولعل هذه النتائج تفسر سبب انتشار السمنة والسكري في صفوف المداومين ليلاً.

ويقول الدكتور كارل جونسون من جامعة فاندربيلت “إن التشويش على الساعة البيولوجية يقود إلى التشويش على عملية الأيض، ويجعل الجسم ميالاً إلى مراكمة كميات أكبر من الدهون.

وسبق لدراسات عديدة أن تحدثت عن حقيقة معيشة تفيد بأن المداومين الليليين معرضون لزيادة الوزن والبدانة، ومن ثم السكري أكثر من المداومين النهاريين. وقام جونسون وزملاؤه بدراسة طرق معالجة أجسام الفئران للطعام الذي تأكله طوال 24 ساعة كل يوم. فوجدوا أنه خلال ساعات النهار، أي في الوقت الذي لا تأكل فيه الفئران، باعتبارها كائنات ليلية، فإن أجهزتها الهضمية كانت أقل استجابة لهرمون الأنسولين الذي يخبر أنسجة الجسم عادة عن حجم السكر الذي تحتاج أخذه من الدم لتستخدمه لاحقاً كطاقة، فيما يتحول الفائض منه إلى دهون تتراكم في الجسم.

وعلاوة على ذلك، وجد الباحثون أنه عندما تتعرض الساعات البيولوجية للفئران للتشويش عبر تعريضها لضوء أحمر خافت طوال اليوم، فإنها تُصدر إشارات عن مقاومة الأنسولين، ما يعني أن أنسجتها لم تستجب إلى إشارات الأنسولين لامتصاص السكر، ومراكمة دهون إضافية. كما سجلوا أن مقاومة الأنسولين بدت مرتبطة بالسكري والقلب لدى البشر.

ويقول الدكتور جونسون إن النتائج التي تم التوصل إليها تشير إلى أن تناول وجبات سريعة في أوقات متأخرة من الليل أكثر ضرراً للجسم مقارنة بتناولها في النهار. ويصف عالم الأحياء من معهد سالك بكاليفورنيا الدكتور ساتشيداندا باندا، هذه الدراسة بالمذهلة. ويقول “هذه أول دراسة تشير بوضوح إلى وجود علاقة بين إيقاع الساعة البيولوجية ومقاومة الأنسولين لدى الحيوانات والبشر على حد سواء”.