الجمر يدل على التجمُّع. فالجمر جَمْر النار معروف، الواحد جمْرة، والجَمِير: مُجْتَمَعُ القوم.
وجَمَّرَ الجُنْدَ: أبقاهم في ثَغْرِ العدوّ ولم يُقْفِلْهم، وقد نهي عن ذلك. وتَجَمَّرُوا هُمْ أي تحبسوا؛ ومنه التَّجْمِيرُ في الشَعَرِ.
وروى الربيع أَن الشافعي أَنشده:
وجَمَّرْتَنَا تَجْمِيرَ كِسْرى جُنُودَهُ ومَنَّيْتَنا حتى نَسينَا الأَمَانِيا
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لا تُجَمِّرُوا الجيش فَتَفْتِنُوهم. وأجْمَرُوا على الأمر وتَجَمَّرُوا: تَجَمَّعُوا عليه وانضموا. وجَمَّرَهُمُ الأمر: أَحوجهم إِلى ذلك. وجَمَّرَ الشَّيءَ: جَمَعَه. والجمّار جُمّار النخل وَجَامُورُهُ أيضاً، وهي شَحْمَة النخلة. وَالجَمَرَات الثلاثُ اللّواَتي بمكّة يُرْمَيْنَ من ذلك أيضاً، لتَجَمُّعِ ما هناك من الحصى. وأمّا جمَرات العرب فقيل: إذا كان في القَبِيل ثلاثمائةِ فارسٍ فهي جَمْرَةٌ، وقيل: كل قبيل انضموا وحاربوا غيرهم ولم يُحالفوا سواهم فهُمْ جمْرة. وكان أبو عبيدٍ يقول: جَمَرَاتُ العرب ثلاث: بنو ضَبَّة بن أُدّ، وبنو نُمير بن عامر، وبنو الْخرِث بن كعب، فطَفِئَتْ منهم جمرتان، وبقيت واحدة: طَفِئَت ضبّة لأنها حَالفت الرِّباب، وطَفِئَتْ بنو الْخرِث لأنّها حالفت مَذْحِجاً، وبقيت نُميرٌ لم تَطْفَأ، لأنّها لم تُحَالِفْ.
وابن جَميرٍ: اللّيل المظلم. والتَّجْمِيرُ: رمْيُ الجِمار.
وأَما موضعُ الجِمارِ بمِنى فسمي جَمْرَةً لأَنها تُرْمي بالجِمار، وقيل: لأَنها مَجْمَعُ الحصى التي ترمي بها من الجَمْرَة، وهي اجتماع القبيلة على من ناوأها، وقيل: سميت به من قولهم أجْمَرَ إذا أسرع؛ ومنه الحديث: إن آدم رمى بمنى فأَجْمرَ إِبليسُ بين يديه.
وقالت العرب في تقسيم الرّمْي بأشياء مختلفة
خَذَفَه بالحَصَى، وحَذَفَهُ بالعَصَا، وقَذَفَهُ بالحَجَرِ
رَجَمَهُ بالحجَارَةِ، ورَشَقَهُ بالنَّبْلِ، ونَشَبَهُ بالنُّشَّابِ، وزَرَقَهُ بالمِزْرَاقِ وحَثَاهُ بالتُّرابِ، ونَضَحَهُ بالمَاءِ، ولَقَعَهُ بالبَعْرَة. قَيل وَلا يَكُونُ اللَّقْعُ في غير البَعْرَةِ مِمّا يُرْمَى به، إلا أنه يُقَالُ: لَقَعَه بعَيْنِهِ إذَا عَانَهُ أيْ: أصَابه بالعين.
البحتري:
طافَ الوُشاةُ بهِ، فصَدّ وَأعْرَضَـــــا
وَغَلا بــــــهِ هَجْرٌ أمَضَّ، وَأرْمَضَــــا
والحُبُّ شَكْوٌ، مـــا تزَالُ تَرَى بــــهِ
كَبِداً مُجرَّحَـــــةً وَقَلْباً مُحْرَضَــــــا
وَبِذي الغَضَا سَكــــَنٌ لِقَلْبِ مُتَيَّمٍ
حُنِيَتْ أضَالِعُهُ علـــــى جَمْرِ الغَضَا
صَدْيانُ يُمْسي، وَالمناهِل جمّــــــةٌ
كَثَباً يحَلأ عن ذَرَاهــــــا، مُجهَضا
أنّى سَبِيلُ الغيّ منْكِ، وَقـــــدْ نضَا
مِنْ صِبْغِ رَيْعَانِ الشّبيبَةِ ما نضــــا
يا ليْتَ شعري! هل يعودُ، كما بدا
زَمَنُ التّصَابي، أوْ يَجيءُ كمــا مضَى
إسماعيل ديب | [email protected]
ساحة النقاش