كشف المحلل للشؤون الإستراتيجية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" د. رونين بيرغمان، وهو صاحب الباع الطويل في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، كشف أمس النقاب عن أن الموساد الإسرائيلي تمكن من زرع أجهزة تنصت في مكتب محمود عباس عام 1993، عندما كان يشغل منصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وتابع بيرغمان، في تقرير موسع سوف تنشره الصحيفة العبرية يوم بعد غدٍ الجمعة، اعتمادًا على مصادر أمنية وصفها بأنها رفيعة المستولى، إنه في عام 1993 تم توجيه الدعوة لعدد من كبار المسؤولين في الأجهزة الأمنية في الدولة العبرية لحفل في إحدى غرف مقر الموساد، الكائن بحسب المصادر الأجنبية بالقرب من مدينة تل أبيب، حيث كشف رئيسه في ذلك الحين، شبتاي شابيط، عن أن إسرائيل تمكنت من إدخال جهاز إلى قلب هدف مركزي، وإلى مكتب المسؤول الثاني في هذا الهدف، على حد تعبيره.

 

وزاد المحلل الإستراتيجي قائلاً إنه بفضل هذه العملية، بدأت تتدفق إلى إسرائيل معلومات استخبارية تستند إلى أجهزة تنصت متطورة. علاوة على ذلك، لفت د. بيرغمان إلى أن الحديث يدور عن فترة مصيرية، كونها تمت قبل ثلاثة أشهر من اتفاق أوسلو، الذي تم التوقيع عليه في أيلول (سبتمبر) من العام 1993، عندما كانت الاتصالات بين الإسرائيليين والفلسطينيين لا تزال سرية، ولم يكن حتى الموساد يعلم بها، إلا حينما أصغى إلى التسجيلات.

 

وأضاف بيرغمان إن زرع أجهزة التنصت في مكتب محمود عباس جعل الكثير من نشاط منظمة التحرير مكشوفًا بالنسبة إلى إسرائيل، ووفر لها معلومات ثمينة جداً بشأن العلاقات المشحونة في قيادة منظمة التحرير، بما في ذلك بين الرئيس الحالي للسلطة الفلسطينية، محمود عباس، وبين الرئيس الفلسطيني، الشهيد ياسر عرفات، على حد قول المصادر الأمنية الإسرائيلية.

 

بالإضافة على ذلك، نوه المحلل الإستراتيجي في سياق تقريره المقتضب إلى أن من قام بزرع هذه الأجهزة في مكتب أبو مازن شكل إحدى أهم العمليات وأكثرها سرية في تلك الفترة، كما أن وحدة (تسوميت)، ومعناها بالعربية مفترق، وهي الوحدة المسؤولة في الموساد عن تجنيد العملاء نجحت في تجنيد شخصية مهمة في قيادة المنظمة، أُطلق عليه من قبل الموساد الصوف الذهبي، وهو الذي تمكن من زرع الجهازين في مكتب أبو مازن: الأول في مقعد نائب الرئيس، والثاني في المصباح الموضوع على الطاولة.

 

وبعد ثلاثة أسابيع ونصف، توقفت عملية (الصوف الذهبي)، وتم الكشف عن أجهزة التنصت، وقطعت جميع الاتصالات، كما كشف عن العميل الفلسطيني الذي جندته إسرائيل. ونجا من الإعدام بفضل الضغوط الشديدة التي مارستها إسرائيل، على حد تعبير المصادر عينها.

 

ووفقًا لتوزيع العمل بين أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، فإن الموساد يشغل عملاء بواسطة وحدة (تسوميت) المسؤولة عن تفعيل العملاء ووحدة (قيساريا) التي تنفذ عمليات عسكرية، إذ يتم تجنيد العملاء في دولة القاعدة ومنها يتم إرسالهم لتنفيذ مهام في دولة الهدف التي غالبا ما تكون دولة عدو أو منظمة إرهابية، طبعاً بحسب التعريف الإسرائيلي لهذه المنظمات والتي تستهدف بشكل أساسي الدول المحتضنة لحركات المقاومة إضافة إلى كل دولة قد تكون هدفًا مهما، وتشغل (الوحدة 504) التابعة لـ(أمان) عملاء، وبموجب توزيع العمل بين هذه الوحدة والموساد فإن (الوحدة 504) مسؤولة عن تفعيل العملاء في المناطق الحدودية لإسرائيل مع كل من سورية ولبنان ومصر وفي مناطق السلطة الفلسطينية.

 

ويقول يوسي ميلمان المحلل في موقع (WALLA) إنه برزت هذه الظاهرة بشكل حاد في لبنان خصوصا أنه في سنوات معينة دخل إلى المعادلة جهاز ثالث هو الشاباك، أي جهاز الأمن الداخلي.

 

لكن دراسة جديدة صدرت عن معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، ألقت الضوء على تنظيم أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، وانتقدت بشدة أداء هذه الأجهزة وخصوصا مسألة انعدام التنسيق في ما بينها.

 

وأعد الدراسة الدكتور شموئيل إيفن والدكتور عاموس غرانيت، في إطار برنامج الاستخبارات والأمن القومي، وأشارت الدراسة، التي حملت عنوان (أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية - إلي أين؟ تحليل، اتجاهات وتوصيات) إلى أنه ينبغي إجراء تغييرات على شكل هذه الأجهزة لتتمكن إسرائيل من مواجهة التحديات الإستراتيجية.

 

وأكدت الدراسة على أن البنية التنظيمية لأجهزة الاستخبارات واهية، وليست مناسبة بصورة كافية لمواجهة التحديات الأمنية الجديدة لدولة إسرائيل، أي أنه لا يوجد لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية مركز أو رئيس أو مدير وليس لديها منظمات للإشراف عليها باستثناء لجنة رؤساء الأجهزة، وهي هيئة تطوعية ولا تملك صلاحيات ونظامًا للحسم، ونتيجة لذلك فإنه لا يوجد لدى الأجهزة خطة عمل مشتركة، ولا يوجد تنسيق في مجال بنية القوة بين أجهزة الاستخبارات المختلفة ولا توجد نظرة شاملة لرصد الموارد لهذه الأجهزة.

 

والأمر البارز الذي أشارت إليه الدراسة هو أنه لا يوجد لأجهزة الاستخبارات جهاز مركزي وموجه لنشاطاتها ويشرف عليها، وإدارة أجهزة الاستخبارات تتم على مستوي الجهاز، كل جهاز يدير نفسه بنفسه، ولا يوجد للأجهزة خطة عمل.

المصدر: كرمالكم الإخبارية
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 93 مشاهدة
نشرت فى 13 مارس 2013 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,305,434