حث وزير الخارجية الأميركي جون كيري الرئيس المصري على تقديم تنازلات ملموسة إلى المعارضة لأجل تشجيعها على المشاركة في الانتخابات وحفظ صورة مصر في الخارج، ما يسهل على الإدارة الأميركية التوسط لدى صندوق النقد ليمنح مصر التمويل اللازم لمشاريعها.
وعلمت "العرب" أن اللقاء، الذي لم ترشح عنه تفاصيل تذكر، بدا فيه رئيس الدبلوماسية الأميركية حازما ودقيقا في كلامه إلى مرسي، مطالبا إياه بكف يد الإسلاميين عن الهيمنة على المؤسسات المختلفة في مصر، والعمل على بناء مؤسسات متوازنة ومنفتحة على الجميع، وعدم إغضاب المعارضة.
وقال مراقبون محليون إن إدارة أوباما تنظر إلى مصر وسوريا على أنهما سيكونان محور المنطقة خلال السنوات القادمة، ولذلك تسعى إلى أن يكون على رأسهما "أصدقاء" خاصة في ظل عرض الإخوان المستمر على واشنطن التعاون الاستراتيجي.
وأشار المراقبون إلى أن البيت الأبيض لا يمانع في أن يستمر الإخوان في حكم مصر، أو يصعدوا لحكم سوريا، شريطة أن يحافظوا على تعهدات سابقة كانوا قد تقدموا بها بعد سقوط نظام مبارك، وأهمها إقامة علاقة استراتيجية تخدم المصالح الأميركية بالمنطقة، والمحافظة على معاهدة السلام مع إسرائيل، فضلا عن رفض الالتحاق بأي محور تنتمي إليه إيران.
وكشفت مصادر مقربة من الرئاسة المصرية أن كيري أبدى قلقه من عدم الاستقرار وانتهاكات حقوق الانسان والاستقطاب القوي والحاصل في الحياة السياسية، ما يهدد دور مصر الإقليمي.
وذكرت المصادر ذاتها أن كيري كان خلال اجتماعه مع مرسي صريحا في المطالبة بتعهدات تَضمن أن تظل مصر دولة مدنية وألّا تتحول الى دولة إسلامية تحكمها فتاوى رجال دين متشددين وليس مؤسسات منتخَبة.
يشار إلى أن كيري سعى إلى لقاء شخصيات من المعارضة المصرية لحثها على المشاركة في الانتخابات، لكن لم يتسن له الأمر بعد اعتذار أبرز رموز جبهة الإنقاذ المعارضة – محمد البرادعي وحمدين صباحي – عن لقائه.
وقالت مصادرنا إن كيري كان يراهن على الانخراط في لقاءات شعبية لإظهار "امتنان" شرائح من المصريين له على دعمه للثورة، لكنه واجه نقمة واحتجاجات في الشارع، الأمر الذي عطّل سفره.
ولم يستبعد المراقبون أن تكون لهذه الزيارة تأثيرات سلبية على بداية كيري في حقيبة الخارجية، حيث ظهرت إدارة أوباما، كما كانت في عهد مبارك، ضد الإرادة الشعبية، وخاصة داعمة للعنف وتعذيب نشطاء من القوى الديمقراطية والنساء والمسيحيين المتخوفين على مصيرهم في ظل حكم إخواني.
ورغم أن كيري حاول التأكيد على أن واشنطن تحاول أن تكون محايدة في علاقتها بمختلف الفرقاء حين أكد أنها "لا تتدخل ولا تتخذ موقفا من أجل حكومة أو شخص أو عقيدة"، فإن شخصيات من المعارضة هاجمت الدور الأميركي، ورهان واشنطن على تثبيت الإخوان في الحكم على حساب حقوق الإنسان.
واعتبر عزازي علي عزازي، عضو مجلس أمناء التيار الشعبي، أن الهدف من زيارة كيرى هو الدعم السياسي لجماعة الإخوان المسلمين.
وتساءل عزازي: أريد أن أسأل جون كيري؛ ألم ير السحل والمصفحات، ألم ير الدهس الذي يتم في شوارع مصر، هل هذه هي الديمقراطية التي تحثون عليها ليل نهار؟".
ولم يستبعد مراقبون أن تترك هذه الزيارة تأثيرات سلبية على صورة الدور الأميركي بانتظار صدور موقف من إدارة أوباما أكثر وضوحا تجاه ما يجري في مصر، خاصة أن المعارضة تطالب بضغوط أميركية حقيقية لمنع سياسة الهروب إلى الأمام التي يعتمدها الإخوان، وفرض المواعيد الانتخابية التي تمكّنهم من السيطرة على المؤسسات في ظل الفراغ القانوني.
ساحة النقاش