النظارة تمكن مستخدمها من تصوير كل ما تقع عيناه بطريقة جديدة تماماً
يحيى أبوسالم
قبل سنوات طويلة كانت العديد من المؤسسات والإدارات الحكومية في دول عدة تمنع دخول الكاميرات الشخصية إليها، وبعد ظهور الهواتف المتحركة التقليدية قديماً والتي تلاها الهواتف والكمبيوترات اللوحية الذكية قبل سنوات قليلة، أستمر هذا المنع في دخول هذه الأجهزة القادرة على تصوير ما لا يجوز تصويره في بعض الأماكن واحتراماً للخصوصية الشخصية. واليوم وبعد ظهور نظارات جوجل الذكية، القادرة على تصوير والتقاط كل ما تقع عين مستخدمها عليه، دون لفت النظر وشد الانتباه إليه. فهل بدأ اليوم وبالإعلان عن هذه النظارة عصر عدم احترام الخصوصية الشخصية؟ وهل انتهت بقدومها أبسط حقوق الإنسان في عدم تصويره إلا بعد موافقته؟
قبل أكثر من سنة، قامت الشركة الأميركية جوجل، التي كانت إحدى أهم الشركات العالمية الرائدة في محركات البحث الإلكترونية في الماضي، وأصبحت اليوم إلى جانب ذلك إحدى أكبر الشركات العالمية المنتجة لأنظمة تشغيل الهواتف والكمبيوترات اللوحية الذكية، وصاحبة الفضل في نشر الخرائط الرقمية على الأجهزة المحمولة والثابتة، بالإعلان عن مشروعها الجديد الذي رأى النور مؤخرا بعد أشهر طويلة من التطوير والاختبار، تمخض عنها إطلاق نظارات جوجل الذكية، والتي اعتبرها مختصون بأنها أفضل اختراع تقني تكنولوجي للعام الحالي.
مواصفات خاصة
النظارة الجديدة عبارة عن إطار تقليدي للنظارة التقليدية، مزود بعدسات شمسية يمكن تبديلها بسهولة لعدسات طبية حسب الطلب، تأتي وخصوصاً الجهة اليمنى من عدسة النظارة مزودة بعدسة ذكية، مرتبطة بقلب النظارة التقني المختفي ضمن إطارها الكائن إلى اليمين منها.
وبمجرد تشغيل النظارة، فإن العدسة التقنية الشفافة اليمنى تتحول إلى شاشة من نوع (إل سي دي أو أو أل إيه دي) فائقة الوضوح، تمكن مرتدي النظارة من روية ما تزوده به النظارة من وظائف ومهام ومعلومات يطلبها الشخص بالصوت من النظارة لتقوم هذه الأخيرة بعرضها عليه من خلال العدسة بشكل مباشر، وليتمكن بالعين الأخرى من متابعة مسيره والانتباه إلى طريقه، بينما تتولى الأخرى مشاهدة ما طلبه المستخدم من نظارته الذكية هذه.
وتم تزويد النظارة بالعديد من التقنيات الحديثة في الهواتف والأجهزة الذكية، فنظارة جوجل الجديدة تحتوي على تقنيات “جي بي أس” الملاحية، التي تعرض لمستخدميها الطرق والأماكن التي يرغبون الذهاب إليها، حيث يمكنها عرض الخرائط الخاصة بجوجل عبر البرامج الخاص بها والتي تم إنتاجه وتصميمه من جوجل خصيصاً للنظارة “جوجلاس”. بالإضافة إلى أن النظارة ستزود بتقنيات الاتصال بالإنترنت عبر الواي فاي، أو عبر الجيل الثالث والرابع فائق السرعة للإنترنت، ما يمكن المستخدم للنظارة من الاتصال ببريده الإلكتروني أو بعض المواقع الإلكترونية الاجتماعية، وذلك لاستلام الإشعارات وآخر تعليقات الأصدقاء، ورؤية ومتابعة الرسائل الإلكترونية الواردة إلى بريدية الإلكتروني، وذلك بمجرد الطلب الصوتي من المستخدم للنظارة أو بعمل بعض الإيماءات برأسه لتقوم هذه الأخيرة بتلبية وتنفيذ طلبات مرتديها بسرعة وسهولة تامة.
وتم تصميم النظارة لتكون جاهزا منفصلا قائما بذاته قادرا على القيام بالعديد من الوظائف والإمكانيات التي تفيد المستخدم أو تضيف عنصر التسلية لبعض المستخدمين للنظارة. إلا أن جوجل عمدت ومن خلال تزويد النظارة بتقنية الجيل الرابع من البلوتوث إلى تمكين النظارة من الاتصال بالهواتف الذكية التي تعمل بنظام التشغيل أندرويد من جوجل، وبالتالي يتمكن مرتدي النظارة وبكل سهولة من استلام المكالمات والرسائل النصية الواردة إلى هاتفه عبر نظارته، وبالتالي يمكنه الإجابة على المكالمات أو حتى الرد على الرسائل النصية عبر نظام الأوامر الصوتية الموجود في النظارة.
بٌعد جديد للصورة
لا تفتخر شركة جوجل بكون نظاراتها الذكية الجديدة هي من أبرز الاختراعات التي ستطل على المستهلكين خلال العام الجاري، ولا بكونها قادرة على القيام بعشرات الأعمال والوظائف التي يحتاجها المستخدم في حياته اليومية عبر العديد من الأجهزة التكنولوجية المختلفة، فقط، بل تفتخر أيضا بأن نظاراتها الذكية الجديدة، قادرة على تصوير والتقاط لقطات فيديو بأبعاد وزوايا وطرق جديدة لم يعهدها عشاق التصوير وعجزت عن الإتيان بها عدسات محترفي الصورة والتصوير. حيث تمتاز النظارة الذكية بأخذ صور ثابتة و لقطات فيديو متحركة بوضوح ممتاز من نوع “أتشد ي” يصل إلى 720p ما يعادل (1280x720) بكسل. وهو الوضوح الذي يعتبر أكثر من جيد على اختلاف نوع اللقطة المراد تصويرها. ويكفي أن يقوم المستخدم بإلقاء الأمر الصوتي للنظارة لتقوم النظارة فوراً وبدون تردد بتنفيذ الأمر الصوتي لمستخدمها، وتحويله إلى حقيقة مباشرة. حيث تبدأ النظارة عبر الكاميرا المدمجة بها، والمزودة بتقنية الفلاش الأوتوماتيكي من تصوير الصور الفوتوغرافية أو لقطات الفيديو المتحركة لكل ما تقع عين المستخدم عليه مباشرة، ومن دون أن تشعر من يحيط بمستخدمها بأن هذا الأخير يقوم بالتصوير الفوتوغرافي أو تصوير الفيديو.
ورغم أن شركة جوجل لم تفصح حتى هذه اللحظة عن كافة المواصفات التقنية التي ستأتي عليها نظارتها الذكية، إلا أن بعض المصادر المطلعة أكدت أن النظارة الجديدة ستأتي بآخر وأحدث ما توصلت إليه التقنيات والتكنولوجيا الحديثة في عالم الأجهزة المحمولة والمتحركة الذكية، وعلى رأسها تقنيات “السحب الإلكترونية”، والتي ستكون في هذه النظارة بمثابة ذاكرة التخزين الخارجية، التي تمكن المستخدم من تخزين مواده من صور فوتوغرافية أو ملفات فيديو عليها.
كما إن النظارة الحالية التي أعلنت عنها شركة جوجل مؤخراً، والتي ستطلقها قريباً في الأسواق الأميركية، وليس معروفا إن كانت ستطلقها في المنطقة والأسواق العالمية الأخرى، بمواصفاتها وإمكانياتها الحالية، ستفتح المجال وبدون شك للشركة الأميركية المصنعة لها، بإدخال العديد من التعديلات والإضافات والإمكانيات، في نسخها القادمة، والتي قد يصعب التكهن بماهيتها في الوقت الراهن.
خطر قادم
يمكن اعتبار أن نظارة جوجل الذكية، بأنها أحد أهم الابتكارات التقنية لعام 2013. ويمكن اعتبارها أداة ربحية في يد شركة جوجل، وبغض النظر عن مدى الضرر الذي ستحدثه النظارة لعين مستخدمها، وما إذا كان لها تأثير طبي على دماغه، وحتى لو استثنينا ضرر النظارة الطبي على مستخدميها، أو ما قد تسبب لمرتديها من تشتيت ذهني، فالنظارة وبمجرد ارتداء المستخدم لها، ستتمكن وبكل بساطة وسهولة من تصوير كل ما يريده مستخدمها، وستكون قادرة على تصوير كل ما تقع عين المستخدم عليه.
والمشكلة الحقيقية تكمن في أن هذه النظارة قد لا تدرج ضمن الأجهزة الذكية التي تحتوي على كاميرات رقمية، وقد لا يتمكن الكثير من تميزها والتعرف على إمكانياتها وقدراتها العالية في التصوير، ولذلك سيتمكن مرتديها من المرور بسهولة إلى داخل العديد من الدوائر والمؤسسات التي تمنع التصوير بها، ليقوم وبكل سهولة وبساطة بتصوير كل ما يحلو له.
أو أن تقوم إحدى مستخدمات هذه النظارة الذكية في ارتدائها في أحد الحفلات النسائية الخاصة، وتقوم بالتقاط وتصوير كل ما تريده، مخترقة بذلك أبسط حقوق الإنسان الشخصية، ومنتهكة كافة الأعراف التي تعطي أي إنسان الحق في قبول تصويره من عدمه.
ساحة النقاش