مصر القديمة !

فراعنة عظام .. أمجاد هائلة .. علوم ليس لها مثيل فى اوانها .. أهرامات عملاقة .. معابد ضخمة .. جداريات مبدعة .. فنون خالدة ..

دارت حول هذه الحضارة الإنسانية الضاربة في التاريخ ، آلاف الأفكار ومشاعر الانبهار والتمجيد أحياناً ، والشكوك والريبة أحياناً أخرى ..

بعض الأخطاء تراكمت بمرور الزمان ، حتى أصبحت لدينا اليوم كأنها حقيقة ثابتة لا تقبل النقاش أو التغيير !

دعنا نخوض فى رحلة تاريخية سريعة ، نستعرض سوياً بعض هذه الأخطاء .. واعذرني اذا ظهر عليّ بعض المرارة وانا استعرض لك هذه الحقائق ، تحسراً على تاريخ عظيم عريض صنعه الأجداد .. وفرّط فيه الأحفاد بأسوأ شكل ممكن !

أنت تفهم ما أعنيه حتماً بدون المزيد من الشرح ! 

************************

الخطأ الأول : كليوباترا .. كانت حسناء !

آخر ملكة في أسرة البطالمة التى حكمت مصر ، قبل ان تسقط فى يد الرومان..

بغض النظر عن التراجيديا الإنسانية التى أصبحت ذائعة الصيت جداً ، حول العلاقة المعقدة بين أنطونيو وكليوباترا ، وكيف انتحرت .. وماذا فعل انطونيو بعد ان انتحرت .. وعلاقة انتحار كلاهما بيوليوس قيصر .. وغيرها من التفاصيل الرومانسية الشعرية التى ذكرها شكسبير وأحمد شوقي وغيرهم من شعراء الدنيا ، والتى تستوجب أن تكون رائق البال والمزاج فعلاً لتعرفها وتستوعبها وتفهم ماكان يدور حقاً..

إلا أنه مايعنينا ، ان المرأة لم تكن جميلة على الإطلاق ، كما يعتقد الجميع تقريباً ، وكما تُظهرها جميع الأفلام منذ ان بدات صناعة السينما على هذا الكوكب !

العملات الرومانية القديمة أظهرت كليوباترا متعضّلة الوجه .. طويلة الأنف .. صغيرة الشفتين .. فضلاً ان جسدها لم يكن فاتناً ومكتنزاً مثل ملكات مصر القديمة .. الأصليات ..

ولكنها على كل حال كانت شخصية كاريزمية من الطراز الأول ، وكانت داهية .. استطاعت حُكم مصر ، والسيطرة على قلوب اباطرة الرومان ، بشخصيتها وذكاءها ..

وليس بأنفها وشفتيها !

 *********************

الخطأ الثاني : حضارة تُقدّس الموت

من يقرأ ويتابع حضارة المصريين القدماء بكافة أدبياتها .. الاهرامات ، المومياوات ، العدد الكبير من الآلهة ، المقابر المنتشرة فى كل جزء فى مصر تقريباً من أعلاها إلى ادناها .. يظن ان هذه الحضارة قامت كلها على اساس تقديس الموت والإستعداد ليوم البعث ..

ولكن المُذهل ان الحقيقة أبعد مايكون عن هذا التصور !

المصريون كانوا يمارسون كل هذه الطقوس للدفن والمقابر والمومياوات ، ليس تقديساً للموت .. بل حباً للحياة ذتها ، كما شرح العديد من الأثريين..

خذ مثالاً .. تدخل مقبرة فرعونية فتجد رسومات وجداريات على الحوائط تمثل الاحتفال بالزراعة .. بالصيد .. بصيد الأسماك ! .. خذ ايضاً أن أغلى القطع الأثرية وأثمنها كانت تدفن مع مومياتهم ، حتى يعودوا لاقتنائها وارتدائها بعد أن يفيقوا من رقدتهم هذه ..

التحنيط فى حذ ذاته ليس تقديساً للموت .. بل تمسكاً أكبر بالحياة ، ورفضهم لذوبان الجسد وانتهاؤه تماماً من الوجود !

فى الواقع ، المصريون كانوا مهووسين بالحياة .. ليس الموت !

أنا اتكلم عن المصريين القدماء طبعاً .. الآن الأوضاع مختلفة تماماً !

**********************

الخطأ الثالث : المصريون القدماء كانوا على اتصال بمخلوقات فضائية !

مُدّعو هذه النظرية ليسوا حمقى أو غيورين من المجد العظيم الذي وصلته الحضارة المصرية كما يظن البعض .. بل كانت لديهم دلائل وإشارات تبدو أنها واضحة وقاطعة وصريحة ، حول مشاركة كائنات فضائية شديدة التطور لهذه الحضارة فى بناءها ونهضتها..

يزعم هؤلاء أن الاهرامات مثلاً بناء ضخم جداً بالفعل .. ضخم جداً بشكل يكاد يكون من المستحيل تصوّر حضارة قديمة – مهما وصلت لدرجة من التطور بمفاهيم هذا العصر الغابر – ان تبنى بناءاً مُذهلاً مثل هذا البناء بدون مساعدة خارجية..

فضلاً ان بعض الجداريات الفرعونية – يدّعون – تُظهر ما يبدو أنه مخلوق فضائي ( أو قل مخلوق غير أرضي .. غير مألوف ) ..

الحقيقة أن الدراسات الأثرية تشير أن بناءاً ضخماً مثل الأهرامات لم يكن خارجاً عن العلوم الهندسية والفلكية للمصريين القدماء .. كانوا فعلاً توصلوا للعلوم والمعادلات الرياضية والفلكية التى تمكنهم من تشييد بناء ضخم مثل الأهرامات ، يظل باقياً وأثراً ممتداً عبر مر العصور ..

هذه الدراسات ظهرت فى الجداريات المنتشرة طوال فترة الفراعنة ، ولم تكن شيئاً مفاجئاً لحظياً وقت بناء الهرم .. مما يدعم أن هذا البناء ، قد أقيم بالفعل بجهود مصرية خالصة ، وبعلوم أرضية .. وليست فضائية !

ربما هذا التصور جاء ، لأن البشرية لم تستطع بكامل عصورها بناء أبنية ضخمة مثل الأهرامات المصرية ، إلا منذ القرن التاسع عشر الميلادي ! .. هذا الذهول مشروع على أية حال.. وهذا التصور يبدو أنه سيستمر للأبد !

كما ترى في الصورة .. ماتظن أنه مخلوق فضائي ربما يكون فى النهاية رسم لمزهرية ! 

*************************

الخطأ الرابع : تم اكتشافها بالكامل

الكل يظن أن الحضارة المصرية القديمة تم اكتشافها بالكامل ، وان علم ( المصريات Egyptology ) قد نفد التجديد فيه بالفعل ، وأصبح علماً كلاسيكياً محفوظاً بين الكتب والمراجع والمجلدات ، بلا اكتشافات جديدة حقيقية..

الحقيقة مازالت حتى يومنا هذا أهرامات تُكتشف .. ومقابر كاملة يتم كشف الغبار عنها .. وأسرار كثيرة لم يتم التوصل لها على الإطلاق .. مما يجعل أمام علماء المصريات الكثير من الوقت ليقضوه حول رؤوس المومياوات والصخور وأعالي النيل ومقابر البر الغربي !

******************

الخطأ الخامس : الهيروغليفية لغة مصرية !

أغلب الناس – بما فيهم المصريين أنفسهم – يظنون ان المصريين القدماء هم الذين اخترعوا اللغة الهيروغليفية..  الحقيقة أن هذا خطأ تاريخي .. الهيروغليفية البدائية جاءت الى مصر مع موجات المحتلين من غرب آسيا..

اعتقاد آخر خاطئ ، ان اللغة الهيروغليفية أصلاً قائمة على مدلولات سحرية ، مما يظنها البعض لغة مشتقة من لغة السحرة ! .. باعتبار انها مليئة بالثعابين والأقدام والعصي ورؤوس الطيور !

يبدو أن المنادين بهذا الاعتقاد لم يعرفوا البيئة المصرية جيداً ، باعتبار أن البط والاوز وأبوقردان والدجاج والثعابين والأشجار ، هي المفردات الواقعية الاساسية التى تلفت نظرك في الريف المصري إلى يومنا هذا 

 ************************

الخطأ السادس : العبيد هم من بنى الأهرامات !

هذا الفكر ربما يكاد يكون قاعدة ثابتة لدي الجميع .. أن من بنى هذه الأهرامات الضخمة هم العبيد ، وكانوا يموتون ويُقتلون من المعاناة والاستعباد والاستبداد بهم .. وتصورهم الأفلام الوثائقية يمرضون ويسقطون على الأرض منهكين متعبين ، وانهم يعملون بلا رحمة ..

بالطبع ، روّج اليهود كذلك لهذا المعنى .. باعتبار أنهم كانوا هم العبيد فى مصر وقتها .. وبذلك ، يكون اليهود هم من بنوا الاهرامات !

الواقع أن الحقيقة مختلفة تماماً لهذا التصور .. وأنها مُبهرة أكثر مما تتخيلون !

كشفت المقابر التى تم اكتشافها للعمال الذين قاموا ببناء الاهرام ، انهم لم يكونوا عبيداً على الإطلاق .. بل كان الفرعون بنفسه يعاملهم باعتبارهم الجنود العظماء الذين يبنون مجده ، وكان يتم اختيارهم بعناية من بين أبناء الشعب لآداء هذه المهمة ، التى كانوا يفخرون بها أشد الفخر..

كما أن العدد الهائل من بقايا عظام الماعز والبقر والماشية الذي تم اكتشافه فى هذه المنطقة ، أثبتت ان بناة الأهرامات كانوا يتناولون وجبات مميزة غنية بالبروتينات ، يستحيل على الإطلاق أن يتناولها مجرد عبيد مُسخّرين للخدمة ليل نهار ..

باختصار ، بناة الأهرام كانوا  أفضل عناصر الحرفيين والعمال والمهنيين فى مصر وقتئذ .. ولم يكونوا أبداً عبيداً او مُسخّرين كما تصور السينما الهوليودية والدعاوى الغربية اليهودية .. وتم دفنهم فى مقابر جماعية شديدة الجمال ، ومليئة بجداريات التشريف والتعظيم لدورهم فى بناء هذا الأثر الإنساني المُعجز !

*********************

الخطأ السابع : استعباد بني اسرائيل

هنا نحن نخوض فى منطقة شديدة الحساسية .. الأديان السماوية الثلاثة تقر بوضوح أن المصريين لم يكونوا يكرهون في حياتهم شيئ اكثر من اليهود – أؤكد لك أنهم مازالوا يحتفظون بنفس هذه المشاعر النبيلة ! – ، وأنهم كانوا يستعبدونهم بأقسى وأبشع الوسائل الممكنة ..

قصة فرعون الخروج الشهيرة ، وخروجه بنفسه على رأس جيشه متتبعاً بنى اسرائيل حتى انشق البحر وابتلعه ، ولفظ البحر لجثمانه .. وهذه القصة التي نؤمن جميعاً بأحقيتها كنص مقدس مُنزل من رب العالمين ، في الكتب السماوية الثلاثة ..

المدهش أنه فى جميع جداريات الفراعنة ، لم يتم اكتشاف نصوص تفصيلية عن بني اسرائيل وحياتهم فى مصر .. باستثناء بعض الاشارات هنا او هناك لقدوم اليهود إلى مصر ، منها اشارة ( سريعة ) لانتصارات حققها الفرعون ( مرنبتاح ) ابن رمسيس الثاني .. الذي ذُكر فى أحد الجداريات أنه هزم بنى اسرائيل .. ثم .. صمت كامل !

الغربيون اعتبروا هذا التجاهل لتاريخ اليهود فى مصر ، الذي استمر وقتاً طويلاً بلا شك .. والاحداث الهائلة التى حدثت بغرق الفرعون نفسه – الذي لا يُعرف حتى الآن قطعاً من هو ،  وإن كانت أغلب الظنون تشير أن رمسيس الثاني وابنه  – .. اعتبروا أن هذا دليل ضد الأديان السماوية ، باعتبار أن كل هذه الاحداث لم تُذكر فى جداريات مصر القديمة..

هل مازالت الآثار التى تصف هذه الوقائع الهائلة لم تُكتشف بعد ؟! .. أم أن ملوك الفراعنة قرروا السكوت تماماً عن تدوين هذه الأحداث ، باعتبارها تُمثل عاراً على عظمة تاريخهم  وهلاك احد فراعنهم العظام بهذا الشكل المرعب ، فرأووا التغاضي عنها وعدم الإشارة إليها فى الكثير من الآثار والجداريات ؟!

أنا أميل بشدة إلى الرأي الثاني !

************************

الخطأ الثامن : لعنة الفراعنة !

الموضوع الأشهر والأكثر اثارة وذيوعاً لدى العالم كله تقريباً .. لعنة الفراعنة ..

المومياء التى تستيقظ فجأة وتطير أو تتحول إلى حشرات تسير على الأرض .. أو المومياء التى يُتلى عليها تعويذة ما ، فتتحول إلى صورة فتى وسيم أبيض أكحل العينين .. على الرغم من أن الجميع يعرف أن كل الفراعنة كانوا سُمر البشرة بلا استثناء تقريباً ! .. ولكن لابأس .. لزوم الحبكة السينمائية !

تأتي سيرة الفرعون المصري الشاب توت عنخ آمون دائماً عند ذكر لعنة الفراعنة .. باعتبار أن كل من شارك وساهم فى اكتشاف مقبرته كانت نهايته مُريعة فعلاً .. اما بحادث سيارة أو مرض غامض او ظروف غريبة مرعبة ..

ربما كل هذه الظروف لها علاقة بلعنة مصرية او نحس ما .. الله أعلم .. ولكن على أية حال ، وفاة اللورد كارنارفون تحديداً – الأثري البريطاني الذي اكتشف المقبرة – لم تكن بسبب لعنة الفرعون ، بل بسبب الهواء الملوّث والفطريات والبكتيريا والغازات الخطرة الغير مرئية – والغير معروفة -  التى تراكمت داخل المقبرة لآلاف السنين ، أدت إلى اصابته بمرض غامض غير معروف قاد إلى وفاته..

إلا أن انتشار كلمة لعنة الفراعنة وقتها سريعاً ، جعل الناس تتغاضى عن الوقائع والحقائق العلمية ، وتميل إلى الخرافة والتصديق بوجود لعنات فرعونية حتى يومنا هذا !

**************************

ليست الاخطاء الشائعة الوحيدة .. هناك آلاف الأفكار حول هذه الحضارة ، تحتاج إلى أن تقرأ عنها أولاً لتعرف المزيد ، قبل أن تبني نظرية ما حولها..

لا أريد أن أبتعد عن فكرة الموضوع .. ولكن من كان يتوقع أن يظهر الآن فى مصر بعد هذه الآلاف من السنوات، من ينادي بهدم هذه الحضارة واحتقارها ، ويسعى إلى تغطية التماثيل والجداريات الفرعونية بالشمع ، باعتبارها أوثان وأصنام يجب تحطيمها أو تغطيتها !

على أية حال ، هل كنت تعتقد انت أيضاً فى هذه الافكار الخاطئة حول الحضارة المصرية القديمة ، قبل قراءة هذا المقال ؟

المصدر: اراجيك
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 833 مشاهدة
نشرت فى 3 مارس 2013 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,305,344