خورشيد حرفوش

جرائم اغتيال «قذرة» تُرتكب في كل زمان ومكان.

إنَّ مناقشة ظاهرة الاعتداء والتحرش الجنسي بالأطفال أمر مليء بالأشواك، وأشواك الصراحة والموضوعية لا تقل أبداً عن تلك الأدغال التي أدمت قلوبنا وإنسانيتنا خلال الحصول على المعلومة من مصادرها الأصلية.

آن الأوان للوقوف بصدق وموضوعية ضد كل من يتخندق خلف حجج وأفكار وقيود و«رمال» اختنقت بها «رؤوس النعام» الهاربة من مواجهة الحقيقة!

 

سؤال نوجهه إلى كل أب وأم، وكل راع مسؤول عن رعيته: «ماذا لو كان ولدك أو ابنتك ضحية لتلك الجريمة - لا قدر الله-؟، ماذا يمكنك أن تفعل إن اكتشفت أن المجرم الذي اغتال براءة صغيرك، إنما هو شخص ينتسب لعائلتك أو من أقاربك، أو من بين أهل لثقتك؟، هل تكتفي بعض أنامل الندم؟، وإن ندمت العمر كله، هل ينجح في ترميم ما أفسده «الإهمال» لفلذة كبدك؟

 

إنها صرخة عالية تمتزج بأنَّات الألم والقهر مع كل التفاصيل المأساوية التي اطلعنا عليها مباشرة من مصادرها وضحاياها دون وسيط! ليست دعوة إلى التجرد من حبال الثقة، والتذرع بالشك والريبة في كل من حولنا، وإنما هي رسالة مفتوحة، تنبه وتحذر من كل صور وأشكال الإهمال أينما كان، وأينما وجد، إنها صرخة جادة لتبني ثقافة فاعلة ورؤى موضوعية تحقق حالة من الوعي الناضج للحد من كل مظاهر الإساءة والتعدي على الأطفال.

«الاتحاد» قررت أن تكشف أسرار العالم الافتراضي حيث تعبث الذئاب عبر غرف الدردشة الإلكترونية «التشات›› للتعرف على خبايا وأسرار ودهاليز هذا العالم بغموضه وخفاياه•

كان عليَّ أن أخوض تجربة «الضحية» كطفل يتعرض لمحاولات الابتزاز أو الاحتيال، أو الاستغلال الجنسي أو المادي بكل أنواعه، والتعرف بشكل مباشر على كيفية «نصب الشراك» لآلاف الضحايا من الأطفال• تسلحت بالبراءة، وأحيانا بالسذاجة، ومارست عدة أشكال وأساليب التمويه، والتقمص، والسذاجة، كطفل عمره «12 سنة».

كان سهلاً أن أحدد أصحاب النوايا الخبيثة من الكبار عندما يكتشفون «طفلاً» بينهم ولا يمنع من التواصل معهم.

أسماء ومغريات

في أحيان كثيرة، كنت أدخل وأتحدث إلى نفس الشخص بأكثر من «اسم وهمي» حتى أحدد تماماً ما يريد، وغالباً ما انحصرت المآرب الخبيثة لمثل هؤلاء الشواذ والمجرمين.

لاحظت أن محاولة الاستدراج نحو الحديث عن الجنس، تبدأ بكلمات ومفردات معيبة، وصريحة وفجة، وعادة ما تبدأ مرحلة الإغواء والترغيب بإثارة الفضول، وتبادل الصور الجنسية المبتذلة، ومقاطع من أفلام الألعاب المتحركة ومشاهد وإيحاءات وصور جنسية.

نجحت أمام حالات كثيرة، أن أستثير حماس وفضول الطرف الآخر، باستخدام وتوظيف كل معلومة أحصل عليها في وقت سابق من نفس الشخص باسم آخر، وكثيراً ما لامني وعاتبني بعضهم لأنني لم أتواجد في نفس الزمان والمكان ليمر ويصطحبني معه بسيارته إلى المكان الذي يحدده!

الموبقات «العربية»

دفعني الفضول إلى دخول هذه البوابة الحافلة بكل أنواع «الموبقات» التي عنونت بغرف «الدردشة العربية»، وهالني ما شاهدت من مسميات، وصفات، وألقاب مخجلة، اتخذها المئات من زبائن هذه الغرف التي قُسمت حسب البلدان العربية.

هناك من الذكور والإناث الذين اختاروا لأنفسهم أسماءاً هي عناوين صريحة لشخصياتهم وسلوكياتهم، يعف اللسان عن ذكرها.

لم أتردد في الحوار مع هذه الأنماط الشاذة من البشر، نماذج تحترف استدراج الصغار وإغوائهم بكل الأساليب المشبوهة.

استطعت أن أتعرف على بدايات انحراف كثير منهم. وكان القاسم المشترك حقيقة مريرة واحدة: «أن هؤلاء قد مروا بتجربة أليمة ما في الصغر، وأنهم تعرضوا للتحرش أو الاعتداء الجنسي، عندما كانوا في مرحلة الطفولة»، أو أنهم عانوا من آلام وسلبيات التفكك والتمزق الأسري في سن مبكرة، أو أنهم كانوا ضحايا لابتزاز واستغلال جنسي في ظروف معينة، ولم ينتبهوا إلا بعد فوات الأوان!

«عالمية» الظاهرة

على الرغم من صعوبة إحصاء أرقام دقيقة لظاهرة الإساءة والاستغلال الجنسي للأطفال عبر شبكات «الإنترنت»، إلا أن منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» تقدر أن أكثر من ثلاثة ملايين طفل يتورطون في مثل هذا النوع من الدعارة في جميع أنحاء العالم، وأن ثلث هذا الرقم موجود في القارة الآسيوية.

كما أظهرت الإحصائيات أن الربح السنوي من استغلال الأطفال جنسياً عبر «الإنترنت» يتجاوز 3 مليارات دولار، وأن هناك أكثر من 100 ألف موقع إباحي للأطفال، وأن متوسط عمر الأطفال الذين يتعرضون لمواقع إباحية هو «11 عاماً». وأن الفئة الأكثر ارتياداً لهذه المواقع هم من 15 إلى 17 سنة، وأن 34% من الأطفال الذين تبلغ أعمارهم ما بين 11 و12 عاماً لديهم حسابات شخصية بهم على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، وأن هناك طفلاً واحداً من بين كل خمسة أطفال دون سن العاشرة - ممن يستخدمون «الإنترنت» - يضع معلومات خاصة به على «الإنترنت»، من ضمنها عمره وصوره والمدينة التي يعيش فيها، ويتم التقرب منهم لأغراض جنسية.

وتقدر زيادة الإساءة باستخدام صور الأطفال بنسبة 1,5%، في حين يوجد 26 شخصية كارتونية محببة للأطفال تُستغل لاستدراجهم لمواقع إباحية، وأن 28% من الأطفال تعرضوا للتحرش ومحاولات الإغراء من شواذ يكبرونهم في العمر في غرف الدردشة الإلكترونية، منهم ما يقدر بنسبة 4% كانوا ضحايا للابتزاز والضغوط الجنسية المختلفة، وتلقوا إغراءات جنسية قوية، كأن يطلب شخص ما منهم مقابلتهم في مكان ما أو يدعوهم للحديث عبر الهاتف أو يرسل إليهم رسائل بريد إلكتروني في الوقت الذي لا يكونون موجودين فيه على الشبكة أو يرسل إليهم نقوداً عينية أو هدايا. وأن 40% من الأطفال يمكنهم أن يفصحون ببراءة عن كل بياناتهم الشخصية والعائلية، فيما يفضل الباقون عدم الإفصاح عمَّا يتعرضون له من تحرش وإساءة وابتزاز لأسباب مختلف.

كما تنخفض نسبة الأطفال الذين يخبرون ذويهم بالكثير أو بكل شيء يقومون به على «الإنترنت» مع ازدياد العمر، إذ بلغت نسبة مثل هؤلاء الأطفال الذي يخبرون ذويهم وممن تتراوح أعمارهم بين ‬11 و‬12 عاماً نحو ‬69%، في حين أن نسبة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ‬8 و‬10 بلغت ‬86%، في حين تشير الإحصاءات إلى أن 90% من الأطفال الذين يستجيبون للإغراءات الجنسية عبر «الإنترنت»، استخدموا تلك الشبكة وهم في سن التاسعة من العمر.

الإيقاع بالضحايا

القارئ لتفاصيل الجرائم اليومية التي ترتكب بحق الطفولة، لا يغيب عنه طرق وأساليب الجناة من أجل الإيقاع بالضحايا، وتنوع صور التحايل والإغواء والإلحاح وتقديم المحفزات والهدايا والمغريات المادية، وسوق الأكاذيب والمبررات في سبيل تحقيق هدف واحد، يتمثل في انصياع الضحية، والاستسلام لرغبات شاذة ومريضة.

ففي شهر مايو 2012، سجلت شرطة دبي واقعتي تحرش بأطفال، الأولى طفلة عمرها 10 سنوات تعرضت للتحرش من مدرس موسيقى، ودون مقدمات عزفت عن الذهاب إلى مركز تعليم الموسيقى التي تحبها، ورفضت قطعياً تعلم الموسيقى. واعترف المتهم بجريمته، إلا أنه تعلل بأن ما بدر منه من محاولات الإغواء والاستدراج، لم يكن بقصد وبادر إلى الاعتذار لوالد الطفلة الذي يجهل ما حدث لطفلته، أما الواقعة الثانية، فكانت لطفل لم يتجاوز العاشرة، تعرض لمحاولة استدراج خبيثة في باحة أحد المساجد من جانب أحد المراهقين «18 عاماً»، حيث أغواه واستدرجه إلى اللعب في شارع فرعي قريب من بيته، وعندما فرغ المكان من حوله، وعده بمنحه هاتفه المحمول، وطلب من الطفل ممارسة الشذوذ معه، إلا أن الطفل رفض وحاول الفرار، فحاول المراهق الاعتداء عليه بالقوة، إلا أن المجني عليه استنجد بأحد المارة وفر هاربا إلى منزله، وتعرفت أجهزة الشرطة على الجاني الذي يسكن في المنطقة، لكن فوجئت بأن والد المجني عليه يريد التنازل عن البلاغ خوفاً على سمعة ابنه، فبادر ضباط إدارة مكافحة الجرائم المنظمة إلى استدعاء والد المتهم وتنبيهه إلى سلوكيات ابنه وتحذيره من تكرار أفعاله وحماية أبنائه الآخرين وإلا تعرض لإجراء قانوني ضده.

الإغواء

موزه الشومي، مدير إدارة الطفل بوزارة الشؤون الاجتماعية، توضح أن الطفل يمكن أن يتعرض للتحرش في السن الصغيرة من «2 - 5 سنوات»، وهذا الخطر غالباً ما يأتي على يد أقرب من يتولون رعايته دون رقابة كالمربية والسائق والخدم والمراهقين أو المرضى النفسيين في العائلة الذين قد يترك معهم الطفل في خلوة، أو أطفال الجيران والأقارب، دون أن ننسى التلفاز بقنواته الفضائية غير المراقبة.

وبينت الشومي أن الطفل في سن من «5 - 12» قد يتعرض للتحرش من كل من يمكن أن يختلط بهم دون رقابة من الأصدقاء وأبناء الجيران والأقارب والسائقين والخدم، ويكون إغواء الطفل في هذه السن مصحوباً بتعرضه للضرب أو العقاب أو القتل إذا باح لأحد، وبتخويفه بأن الوالدين قد يعاقبانه أو يؤذيانه إذا علما بالأمر وإغرائه بالمال أو الهدايا أو الحلوى.

وأضافت أن الطفل في السن من 13 - 16 قد يتعرض للتحرش من الأصدقاء أو الأقارب، خاصة إذا كان الطفل ضعيف الشخصية، نتيجة مشاكل وعنف أسري، أو قد يتم إغواؤه بالمال إذا كان محتاجاً للمال، والإعجاب والمديح الزائد إذا كان الطفل يتمتع بالوسامة والجمال، واللمسات الحنونة والدافئة والقبلات إذا كان الطفل محروماً من الحنان والعاطفة، وأن الطفل قد يتعرض للتحرش من سن الثانية، وربما أقل وحتى سن 17 عاماً، ويمكن أن يقع في براثن التحرش بصوره المختلفة، وهذه الحقيقة تذهل الكثيرين الذين يعتقدون أنه مبالغ فيها، إلا أن ما أثبتته الحالات الحقيقية للأطفال الذين تعرضوا لمثل هذه المحاولات، يؤكد أن الأمر ليس خيالياً.

الاستدراج الإلكتروني

العميد الدكتور عبدالله الشيخ، أستاذ القانون الجنائي بكلية الشرطة، يشير إلى أن سوء معاملة الأطفال بشتى أنواعها «العاطفي والجسدي والجنسي والإهمال»، من أهم الآفات الآخذة في الانتشار والازدياد في جميع أنحاء العالم في ظل ثورة الاتصالات الإلكترونية التي تم استغلالها أسوأ استغلال، وأصبحت مشكلة سوء معاملة الأطفال وإهمالهم، واستغلالهم جسدياً ونفسياً ومادياً، والتحرش بهم، والاعتداء الجنسي عليهم، من المواد التي تتصدّر نشرات الأخبار اليومية في وسائل الإعلام العالمية المختلفة، وباتت الجهود الرامية لحماية الطفولة ضرورة إنسانية ومجتمعية وأخلاقية، وقضية عالمية لا ترتبط بحدود جغرافية أوعرقية، ولا ترتبط بمتغيرات تعليمية أو اقتصادية معينة. هناك دراسات علمية عالمية عديدة تؤكد أن وسائل الاتصال الحديثة «الإنترنت، والفضائيات، وأجهزة المحمول»، قد تنامى دورها وتأثيرها - إيجاباً وسلباً - على الأطفال والمراهقين بما يفوق نسبة 65% عمّا كان عليه الحال قبل عشرين عاماً، على حساب تأثير الأسرة والمدرسة وأنساق القرابة أو الصداقة أوالمؤسسات الاجتماعية الأخرى.

ويضيف الشيخ: «هناك تزايد مضطرد للجرائم الإلكترونية التي ترتكب بحق الأطفال، كجرائم الإساءة والاستغلال والابتزاز، وانتهاك حرمة وبراءة وخصوصية الطفل بشتى أنواع الصور والأساليب، وأصبحت شكوى عالمية تؤرق المجتمع الإنساني بأسره، كواحدة من أخطر القضايا الشائكة التي تحتاج ثقافة مجتمعية خاصة لمقاومتها والحد منها، ولا سيما أن هناك عددا كبيرا من الآباء والأمهات لا يزالون غير مدركين تماماً لهذه المخاطر، أو لا يدركون عملياً كيف يحققون لأطفالهم الحماية اللازمة».

وصمة العار تقبع خلف الأبواب الموصدة

العنف الذي يمارس ضد الطفل يمارس بصفة خفية وراء الأبواب الموصدة، ويعاني الضحايا في صمت خوفا من وصمة العار التي سوف تلاحقهم أو خوفاً من الانتقام.

في مصر

تشير أول دراسة أعدتها الدكتورة فاتن عبد الرحمن الطنباري أستاذة الإعلام المساعدة في معهد الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس إلى أن حوادث الاعتداء الجنسي على الأطفال تمثل ‏18‏ % من إجمالي الحوادث المختلفة للطفل. وقد تبين أن 35% من المعتدين كان لهم صلة قرابة بالطفل، في مقابل 65% ليست لديهم أي صلة بالطفل.

ووفقاً لدراسة لاحقة ـ في ديسمبر2012 ـ أعدتها الدكتورة فادية أبو شهبة، الأستاذة في المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، هناك 20 ألف حالة تحرش واغتصاب سنوياً، وأن 85% من الضحايا هم من الأطفال، وكانت هناك حاجة ماسة لتعديلات قانونية صارمة للمجلس العسكري في 2012، حيث رفعت العقوبات في المادة 289 من القانون إلى عقوبة الإعدام لكل من خطف أو أكره طفلا لم تبلغ سنه اثنتي عشرة سنة، أو إذا كان الفاعل من أصول المجني عليه أو من المتولين تربيته أو ملاحظته، أو ممن لهم سلطة عليه أو كان خادما بالأجر عنده.

في السعودية

كشفت دراسة قامت بها اللجنة القومية لمنع إيذاء الأطفال أن هناك عشرات الآلاف من الأطفال الضحايا الذين يعانون الصدمات النفسية الشديدة مدى الحياة نتيجة إيذائهم.

وقد تبين أن 11% من المعتدين من أقارب الأطفال، وأن أكثر من 75% من المعتدين هم أشخاص معروفون للضحية تربطهم بالطفل علاقة قربى أو معرفة.

وفي دراسة أخرى للدكتور على الزهراني استشاري العلاج النفسي للأطفال والمراهقين بمجمع الأمل الطبي استطلاع شمل أكثر من 823 من طلاب وطالبات الكليات الجامعية، واتضح من خلاله أن أكثر من 22.8 % من حالات الاعتداء الجنسية، احتل الأقارب فيها الصدارة، يليهم الأصدقاء، ثم الإخوة والمعلمون، في حين احتل الاعتداء الجنسي من قبل الأب أو الأم المرتبة الأخيرة بنسبة 1 % من المعتدين.

ويشير الزهراني إلى أن حالات الاعتداء على الذكور كانت أكثر من الإناث من خلال نتائج الاستبيان، مرجعا أسباب ذلك إلى الحالة الثقافية والتقاليد الاجتماعية، والانفتاح الإعلامي والتكنولوجي، والاضطراب الجنسي، وترويج الصور والأفلام الخليعة الخاصة بممارسة الجنس مع الأطفال، والإدمان على الكحول والمخدرات، والمرض النفسي الذي يشكل 10 % فقط.

في الأردن

أرقام وزارة التنمية الاجتماعية 2012 تكشف عن متوسط حالات الإساءة للأطفال التي يتم تسجيلها في مكاتب الخدمة الاجتماعية في إدارة حماية الأسرة وأقسامها 1850 حالة سنويا، ولكن ناشطين في حقوق الطفل يرون أن «هذه الأرقام لا تعكس واقع الحال، لأن غالبية الحالات لا يتم التبليغ عنها وتبقى خلف الأبواب الموصدة.

وبحسب دراسة محلية عن واقع العنف في الأردن، «فإن 50 % من الأطفال يتعرضون لإساءات جسدية، فضلاً عن تعرض ثلث الأطفال لإساءات جنسية.

وكان تقرير لمنظمة إنقاذ الطفل عزا عدم التبليغ عن حالات الإساءة إلى «المحرمات» الاجتماعية، والخوف من المجتمع، وعلى الرغم من تجريم قانون العقوبات للعنف ضد «الأطفال»، إلا أن الأطفال «لايزالون ضحايا للعنف، وأن الأرقام التي ترصد لا تعكس شيوع المشكلة في عموم المجتمع، لأن العنف ضد الطفل يمارس بصفة خفية وراء أبواب موصدة، ويعاني الضحايا بصمت خوفا من وصمة العار أو الانتقام.

في فلسطين

كشفت روضة بصير مديرة مركز الدراسات النسائية في الضفة الغربية عن دراسة محلية حول الاعتداءات والاستغلال الجنسي للأطفال، شملت عينة مكونة من 652 طالبا وطالبة جامعية، تبين أن 5 .30% قد تعرضوا إلى التحرش الجنسي مرة واحدة في سن ما قبل الدراسة، و 7 .5% تعرضوا للاستغلال الجنسي من قبل أحد أفراد العائلة، و6 .11% تعرضوا للاستغلال الجنسي من قبل أحد الأقارب، وحوالي 2 .13% تعرضوا للتحرش الجنسي من قبل غرباء. وبينت الدراسات أن التحرشات الجنسية تمت في بيئة الطفل ومحيطه، فحوالي 33% من الاعتداءات تمت في المكان الذي يعمل به الطفل المعتدى عليه، و8 .24% تم الاعتداء عليهم في مكان عام، و4 .24% من الحالات تم الاعتداء عليها في الحي الذي يعيش فيه الطفل المعتدى عليه، و8 .17% حالة تم الاعتداء عليهم في المنزل.

في المغرب

أفاد تقرير المرصد الوطني لحقوق الطفل أن نسبة الاعتداء الجنسي على الأطفال خلال السنوات الأخيرة سجلت انخفاضا ملحوظا، من 53 % سنة 2004 إلى 18 % سنة 2010. وأن 67 %من الاعتداءات يتم التبليغ عنها من طرف الآباء. وفي ما يتعلق بالفئة العمرية، أفاد التقرير أن الفئة العمرية المتراوحة بين 7 ـ 12 سنة تحتل المرتبة الأولى من بين مجموع ضحايا الاعتداءات الجنسية، وبنسبة 41 %، في مقابل 34 % للفئة العمرية ما بين 0 ـ 6 سنوات.

وتفيد الإحصاءات أن حالات الاعتداءات الجنسية تتوزع حسب طبيعة المعتدي بنسبة 43% من طرف الغرباء، و21% من الجيران، و9 % من المعلمين، و6 % العائلة، و6 في المائة ٪، و5 %من الأقارب، و4 % من طرف مدير مسؤول، و3 % من أطر إدارية، و3 % من التلاميذ

طفل العيد

«غرف الذئاب» تعيد إلى الأذهان حادث طفل العيد. فمن ينسى طفل العيد؟ من ينسى يوم 10 فبراير 2011؟ إنه تاريخ قصاص عادل لا يمحى من الذاكرة بسهولة، إنه كان موعداً لتنفيذ حكم الإعدام بحق المجرم «راشد ر.ر.»، الذي أدين بجريمة هزت أركان المجتمع صبيحة يوم عيد الأضحى المبارك، وحيث أدين بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بجريمة اللواط بالإكراه، وعرفت تلك القضية إعلامياً بقضية «طفل العيد»، حيث قام باستدراج طفل بريء يبلغ من العمر أربع سنوات، وأغراه بعدة حيل وأساليب آثمة، وأدخله إحدى دورات المياه بالمسجد، وقام بتكميم أنفه وفمه بيده، والضغط على رقبته والجلوس على ظهره، وضرب رأسه على الأرض عدة مرات بعد الاعتداء الجنسي عليه، وبقصد إزهاق روحه مما أودى بحياته.

العقوبات الرادعة.. مطلب إنساني وأخلاقي

تطالب الناشطة الاجتماعية، نوف المطيري، بحماية القاصرين من خطر المتربِّصين والمتحرِّشين الذين يتربصون بالصغار عبر شبكة الإنترنت، ودعت إلى إصدار تشريع قانوني واضح وصريح ينصّ على أن القصاص العادل هو العقوبة الوحيدة للمتحرّشين والمعتدين على الأطفال الأبرياء. وقالت: «إنهم بأفعالهم المشينة يفسدون في الأرض، ويقتلون أرواحاً بريئة، ولا عقاب لأمثالهم سوى القتل، وحتى يتحقق الهدف الرادع من القانون، لأن الأحكام التي تنتهي بالسجن سنوات عدة، تعتبر ظلماً وهدراً لحقوق القاصرين وعائلاتهم، التي تعاني سنوات العمر كله من هذه التجربة القاسية، كما يعاني الضحية، فالاعتداء أو الاغتصاب يقتل روحاً بريئة، وموت الروح أشدّ وأعظم من موت الجسد، وتغليظ العقوبات هنا إنما هو مطلب إنساني وأخلاقي».

وتقترح المطيري نشر قائمة تتضمّن أسماء وصور المتحرِّشين والمغتصبين ممن صدر بحقّهم حكم شرعي، وثبتت ضدهم التهم، ومنعهم من العمل في القطاعات والأماكن ذات الصلة بالأطفال القاصرين، ومنع سكن المتحرِّشين والمعتدين بالقرب من المناطق السكنية الخاصة بالأسر والعائلات، وتغليظ عقوبات إساءة استخدام الإنترنت، وتأسيس شرطة متخصصة لمراقبة مواقع الدردشة الإلكترونية والمواقع الاجتماعي».

في الحلقة الثالثة غداً: السمات الشخصية للجاني والأضرار النفسية للضحية

نرحب بآرائكم ومقترحاتكم والتواصل عبر البريد الإلكتروني:

[email protected]

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 141 مشاهدة
نشرت فى 26 فبراير 2013 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,276,447