حسن إدارة الغضب يفيد الصحة 

هل تتذكر آخر مرة خضعت فيها لفحوص التصوير المقطعي المحوسَب أو التصوير بالرنين المغناطيسي أو التصوير بالأشعة السينية؟ تخيل لو أن الطبيب قال لك إن نتائج الفحوص تُظهر أن رئتيك متخمتان بالبلاغم، أو شرايينك مثقلة بالصُفيحات، أو أحد عظامك مكسور! حسناً، هذه مجرد فرضيات، لكن ربما يجب عليك أن تنتبه إلى ما لم يخبرك به الطبيب: "أنظر بضع سنتيمترات إلى يسار المريء. هل ترى تلك البقعة الحمراء التي تبدو على شكل قبضة يد؟ إنها مقدار غضبك، وتضخمه يمثل مدى خطورته على صحتك. فمن أغضبك هذا اليوم؟" نعم، إن مختلف المشاعر التي تعترينا تجد لها أصداء مباشرة في أعضائنا ووظائف بدننا، ويخطئ تماماً من يعتقد أن صحتنا النفسية منفصلة عن صحتنا البدنية، فهما متلازمتان إلى أبعد مدى يمكن تصوره.

قد تكون مشاعرنا غير مرئية وغير قابلة للرصد من قبل أكثر أجهزة الكشف الطبي تطوراً وتقدماً، لكنها تؤثر في الواقع على صحتنا بالقدر نفسه الذي تتأثر به أعضاؤنا الأخرى المكونة من لحم ودم. تقول الدكتورة كارين لاوسن، أستاذة مساعدة في قسم الطب الأسري والصحة المجتمعية بجامعة مينيسوتا، “المشاعر بيولوجية أيضاً وليست نفسية فقط”. وتضيف “الفكرة السائدة بأن أبداننا منفصلة عن مشاعرنا هي فكرة مغلوطة وتصور خاطئ تماماً”.. ولذلك فإن أي شعور سلبي قد يليه ألم أو اعتلال. فالغضب قد تعقبه آلام ظهر، والملل قد يترتب عنه ارتفاع في ضغط الدم، والغضب قد يتسبب في الخرف المبكر، والتوتر قد يولد مغص المعدة، وهكذا.

صد الغضب

 

أظهرت دراسة جديدة نُشرت في العدد الأخير من دورية “ألم” أنه عندما يفقد الناس أعصابهم، فإن آلام الظهر لديهم تشتد. ويقول الدكتور ستيفن بريويل، الذي قاد الدراسة إن سبب ذلك يكمن في كون الغضب يثير المسالك العصبية، التي تُحول التوتر الذهني إلى العضلات المحيطة بالعمود الفقري. كما أن تقلب المزاج يُضعف قدرة الجسم على إفراز هرمونات الإندروفين المسؤولة عن منح الجسم شعوراً بالراحة وإخماد جذوة الغضب والقلق. وينصح الباحثون كل من يعتريه الغضب لسبب ما أن يتراجع خطوة إلى الوراء ويحاول أن يهدئ نفسه. ولعل أول ما ينبغي عليه القيام به بعد التراجع للوراء هو الاعتراف بأنه غاضب، ثم معرفة ما إذا كان يميل في لحظة غضبه إلى إتيان رد فعل جسدي، أم لفظي.

 

ويقول بريويل العالم النفساني من جامعة هارفارد إنه مهما يكن الشيء أو الموقف الذي أغضب الشخص أو استفز أعصابه، فإن عليه أن يتراجع خطوة إلى الوراء ويحاول أن يبدو كأنه حكم، وليس طرفاً مستفَزاً. ويضيف ناصحاً “حاول أن تفعل الشيء الصحيح عبر ملاحظة ردة فعلك بموضوعية”. فترك الشخص الغضبان مسافة ذاتية مع نفسه يقوده إلى تقليل حدة أفكاره الغاضبة والعدائية تُجاه الطرف الآخر.

دحر الملل

قد يكون لديك أكثر من ألفي صديق على موقع فيسبوك، أو غيره من مواقع التواصل الاجتماعي، لكن تأكد أنك إذا لم تشعر بالارتباط، فإن ذلك سيُترجَم إلى شعور جلي في قرارة قلبك. وقد سبق لعدد من الباحثين أن كتبوا عن كون كثرة الأصدقاء على الموقع الاجتماعي لا تكون شيئاً إيجابياً دائماً، بل قد تُسهم في تشتيت مشاعر الشخص وإفقاده الشعور بالارتباط الحقيقي.

وفي سياق ذي صلة، كشفت دراسة أصدرها باحثون من جامعة شيكاجو أن الأشخاص الملولين يعانون ارتفاع ضغط الدم بوتيرة أسرع تصل إلى أربع سنوات أبكر مما يحدث لدى الناس الذين يشعرون بالرضا الاجتماعي. والمخيف جداً في نتيجة هذه الدراسة هو أن آثار العزلة والشعور بالملل لا تنتهي هنا، وإنما ترفع مخاطر تعرض الشخص للجلطات القلبية. ولعل أفضل وصفة ينصح بها اختصاصيو علم النفس الاجتماعي هو تركيز دائرة الأصدقاء في الأشخاص الذين يتشاطرون اهتمامات مشتركة، وأن يكون ذلك على الصعيدين الواقعي اليومي المعيش، والافتراضي الدوري على مواقع التواصل الاجتماعي، دون السماح بطغيان دفة الافتراضي على الواقعي.

نزع فتيل الكآبة

الاكتئاب هو أسرع الطرق إلى الإصابة بالسرطان. هذا ما قاله باحثون من جامعة جون هوبكنز في دراسة حديثة نشروها. فالأشخاص الذين يُصابون بالاكتئاب بكثرة يرفعون مخاطر إصابتهم بالسرطان في مرحلة لاحقة من حياتهم إلى 69%، مقارنة بأقرانهم الأكثر انشراحاً وابتهاجاً. تواتر الإصابة بالكآبة قد يؤدي مع مرور الوقت إلى قطع الطريق على الهرمونات التي يفرزها الجسم لمقاومة التوتر، والتي تضطلع بدور مهم في نمو الخلايا ودورة تنظيمها، ما قد يفسح المجال لانبعاث خلايا وأورام من حالتها الخامدة وتطورها إلى أحد أنواع السرطانات. وأظهرت دراسة جديدة أنجزها باحثون من جامعة بنسلفانيا أن الأشخاص زائدو الثقة في أنفسهم معرضون أكثر لمخاطر الإصابة بالكآبة. ويرجع السبب في ذلك إلى أن تضخم الشعور بالثقة في النفس تُعمي الإنسان عن تلمس طرق تحسين أدائه وتطويره، ما يُعمق شعوره بالخيبة والصدمة عند إخفاقه في تحقيق هدف ما. وينصح علماء نفس بريطانيون من تُلازمهم صفة الثقة الزائدة بالنفس بأن يُدربوا أنفسهم على تقبل الفشل عند حدوثه واعتباره مسبقاً ضمن السيناريوهات الممكنة، لكن مع التفكير بإيجابية وبذل الجهد الكافي للنجاح في تحقيق الهدف المنشود. وبمجرد أن يقر الشخص بجوانب ضعف في شخصيته، فإنه يغدو من السهل عليه التغلب على نقاط الضعف تلك، وإيجاد سبل تساعده على تلافي الوقوع في المطبات التي من شأنها أن تُعيق وصوله إلى هدفه.

استعداء التشاؤم

إن الأشخاص الذين يميلون دوماً إلى توقع الأسوأ يثيرون زوابع قوية في عقولهم وأذهانهم، ويعرضون صحتهم لمخاطر أعلى للإصابة بسكتات دماغية بالمقارنة مع الأشخاص الإيجابيين. ويقول الدكتور هيرمان نابي الذي كان أحد المشاركين في هذه الدراسة، إن السلبية المتكررة قد تُسبب تلف شرايين الدم وتُشوش على منطقة الجهاز العصبي المسؤولة عن نبضات القلب، ما يجعل مناعة الشخص أكثر هشاشة، وأضعف على صد السكتات الدماغية.

والإيجابية لا تعني أن يكون الشخص متفائلاً دوماً بالضرورة، ولكنها تعني ألا يكون ميالاً بطبعه إلى العدمية والسوداوية. ويرى علماء أن كل شخص بحاجة إلى بناء عضلاته التفاؤلية، وذلك عبر القيام كل يوم وكل أسبوع باسترجاع واستذكار الأشياء الجميلة التي حدثت له، سواءً في حياته الشخصية أو المهنية، ثم يتخيل أن الأيام المقبلة ستحمل كثيراً من المفاجآت السارة والأشياء الجميلة التي يتمناها. فالقيام بهذا التمرين على نحو روتيني يجعل الشخص ينجذب إلى الأشياء المفرحة، وتنجذب هي إليه أيضاً، فيحصد في مختلف مراحل حياته ما زرعه من بذور التفاؤل والأمل، وتكون حياته في المحصلة مجموعة أحداث جميلة، تتخللها شوائب منغصة، وليس العكس.

الاستنزاف الوظيفي

هل تعتقد أنك قادر على تحمل العمل مدة 60 ساعة في الأسبوع؟ لمعرفة ذلك ما عليك سوى قياس مستوى السكر في دمك. فالناس الذين يشعرون بالضغط والتوتر في مكان عملهم معرضون للإصابة بالسكري بنسبة 21% أكثر من أقرانهم يقضون ساعات معتدلة في العمل. ولا يُسبب المكوث الطويل في مقر العمل مرض السكري فقط، بل قد يُصيب بالعدوى والالتهاب واضطرابات النوم.

ويقول باحثون إن أفضل علاج للاستنزاف الوظيفي هو حزم الأغراض والأمتعة الشخصية والقيام بزيارة استجمام إلى جزر فيجي. وفي حال كان هذا الخيار مستبعداً أو غير ممكن، فيمكن تمثل مشاعر المستجمين في هذه الجزر عبر الابتسام عند الشعور بالتوتر.

فالبسمة تُنشط القلب وتعيد انتظام نبضاته التي قد تختل بسبب الإنهاك. ولا يعني هذا أنه مطلوب منك أن تتصنع الضحكة أو الابتسامة كالأبله، وإنما أن تخلق أجواء ترسم البسمة على محياك، والضحكة على شدقيك، مع أخذ الأمور ببساطة والاستجابة لكل ما يُدخل السرور على القلب بعفوية وأريحية، والابتعاد عن التجهم والعبوس في أوجه الآخرين في اللحظات التي يسيطر عليك فيها الشعور بالاستنزاف الوظيفي. ولا تنسى في نهاية المطاف أنك تعمل كي تعيش حياة سعيدة، ولا تعش لتعمل فقط.

هشام أحناش

عن موقع “nbcnews.com”

طرد القلق

عندما يزيد الاهتمام بشخص ما أو شيء ما، فإن القلق بشأنه يصبح سيد مشاعره. وتفيد دراسة بريطانية أن كثرة القلق ترفع مخاطر الإصابة بالخرف. وإذا كان الشخص يفرط في القلق، فإنه قد يفقد عقله. فالقلق يرفع مستويات هرمونات الكورتيكويدات السكرية. ويقول العلماء إن فرط إفراز هذه الهرمونات يقود إلى تدمير خلايا الدماغ وجفاف مركز الذاكرة وانكماشه.

وينصح الباحثون كل من ينشد طرد القلق بأن يمارس نصف ساعة من التمارين البدنية الخفيفة أو المكثفة ثلاث مرات في الأسبوع. فالرياضة لديها مفعول مهدئ مشابه لأثر مضادات القلق. وكل نشاط بدني يزيد من تدفق الأوكسجين إلى الدماغ، ما يقوي لياقته الذهنية ويعزز قدرات ذاكرته.

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 60 مشاهدة
نشرت فى 23 فبراير 2013 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,305,474