بسام الرفاعي
==========

ما أروع اختلافنا اليوم حول تاريخ بدء الثورة ومكان انطلاقها، إنه إختلاف حول شرف البدء بها! تخيلوا معي كم كان صعباً لو أن السوريون اليوم يتراشقون التهم حول من بدأ الثورة وكان السبب في خسارة هذا العدد الهائل من الشهداء، و إراقة كل هذه الدماء، و كل هذا الدمار والخراب.. كما هتف البعض ذات يوم بروح من الدعابة رغم الألم: " يا درعا شو كان بدنا بهالصرعة " بعد توجيه عدة ضربات موجعة لحمص التي سُمّيت في حينها عاصمة الثورة.
قدر البعض أن عدد المحاولات التي سبقت المحاولة الناجحة لبدء الثورة ب 1100 الى 1250 محاولة موزعة على كافة أرجاء سوريا (تقرير للجزيرة).. وفي درعا بالذات كُتب العديد من الشعارات المناهضة للنظام على جدران عشرات المدارس قبل تلك المدرسة الشهيرة بطلابها المحظوظين بذلك الشرف الكبير.. إذاً لماذا درعا 18 آذار؟ لماذا لا تكون دمشق 17 شباط ( الشعب السوري ما بينزل)، أو دمشق 15 آذار؟ الجواب: دماء الشهداء محمود جوابرة وحسام عياش.
أطلقت قوات النظام النار على الجماهير في درعا قبل اي محافظة أخرى، وترافق ذالك مع تحليق للطيران وإنزال جوي للجنود.
عُقدت اللجنة الأمنية على مدار الساعة في درعا وليس في دمشق، وهدد رئيسها علي مملوك في حينها بإزالة درعا من الوجود، ولم يهدد بإزالة غيرها.
إجتمع رأس النظام في حينها ولعدة مرات مع وفود من درعا، قبل أن يجتمع مع أي وفد من المحافظات الأخرى.
أسقط اول تمثال من تماثيل حافظ الأسد في درعا.
إجتاح جيش النظام محافظة درعا محاصراً ومهاجماً قبل أي محافظة أخرى.
هتف السوريون جميعاً "من حوران هلت البشاير" وهتافات أخرى عديدة تؤكد أسبقية درعا.. في حين تأخرت دمشق، والسبب بالتأكيد ليس نقصاً في عزيمة الدمشقيين وإنما بسبب القبضة الأمنية الصارمة جداً في دمشق. وعندما قامت دمشق هتفت لدرعا أولاً، واستعارت هتاف درعا الشهير " الموت ولا المذلة" وباللهجة الحورانية أيضاً، المذلة وليس المزلة!
ظهر العديد من الدراسات التي تفسر سبب اندلاع الثورة السورية في الأطراف وليس في المدن الكبرى، أي في درعا وليس في دمشق، وتحدث الكثيرون عن تحالف السلطة مع رأس المال في دمشق وحلب في محاولة لتفسير تأخر هاتين المحافظتين في الدخول التام على خط الثورة، حتى بلغ الأمر بالأستاذ محمد حسنين هيكل أن يعتبر- في وقت متقدم جدا على اندلاع الثورة - أن ما يجري في سوريا لم يرقى ليسمى ثورة بسبب عدم انخراط الكتلتين البشريتين الهائلتين دمشق وحلب في الصراع الدائر!
"درعا مهد الثورة".. عبارة تجدها في أرشيف كل الصحف و الفضائيات المساندة للثورة، في حين لم نسمع يوماً أو نقرأ عبارة " دمشق مهد الثورة " رغم التضحيات الهائلة التي قدمها الدمشقيون الأبطال.
في النهاية أقول: حتى لو ظن البعض خطأ ً أن تاريخاً مغايراً لتاريخ 18 آذارهو تاريخ بدء الثورة، فلن يقبل أحداً فكرة أن دمشق مهدها! لأن مقولة درعا مهد الثورة السورية ارتبطت بالوعي الجمعي لكل السوريين.
إكراما للشهداء وتخليداً لذكراهم.. لنؤكد على أن تاريخ سقوط أول الشهداء في درعا 18 آذار هو تاريخ بدء الثورة السورية التي اندلعت بحق في درعا " مهد الثورة ".

المصدر: شبكة سوريا مباشر M S N
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 102 مشاهدة
نشرت فى 18 فبراير 2013 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,233,105