أحمد محمد
الولي من أسماء الله الحسنى التي تدل على قرب الله من عبده، والمسلم إذا حزبه أمر أسرع إلى وليه وهو الله عز وجل، الذي لا يهجر والحبيب الذي لا ينسى والقريب الذي لا يبتعد، يتولانا برحمته ورعايته.
واسم الله الولي، ذكر في القرآن «إحدى عشرة مرة» منها قوله تعالى: «أم اتخذوا من دونه أولياء فالله هو الولي وهو يحيي الموتى وهو على كل شيء قدير» -»الشورى 9»، وفي قوله تعالى: «وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد» «الشورى:28»، وقوله تعالى: «إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين» «الأعراف 196»، وفي قوله سبحانه: «إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا» «المائدة:55» وقوله: «الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور» «البقرة257»، قال تعالى: «والله ولي المؤمنين» «آل عمران 68»، وورد في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم آت نفسى تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها».
مالك التدبير
والله الولي يتولى أمور العالم والخلائق، مالك التدبير، الذي صرف لخلقه ما ينفعهم في دينهم ودنياهم وأخراهم، ولي لكل البشر لا يشغله سمع عن سمع ولا تختلف عليه الوجوه ولا تختلط عليه الأصوات وفي ذلك تتجلى عظمة الله وقدرته. ولكن لأهل الإيمان والصلاح ولاية ورعاية خاصة عند الله ويتجلى ذلك في قوله تعالى: «إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون* نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون».
و جاء في شرح أسماء الله الحسنى أن ولاية الله لعباده تعني قربه منهم، فهو أقرب إليهم من حبل الوريد، وهي الولاية العامة التي تقتضي العناية والتدبير وتصريف الأمور والمقادير، أما الولاية الخاصة، فهي ولايته للمؤمنين وقربه منهم، وهي ولاية حفظ ومحبة ونصرة، قال تعالى: ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون» «يونس:63».
قال العلماء في معنى «الولي» إنه لا مدبر للشؤون إلا الله، المتفرد بتدبيرها، القائم على كل شيء، ولا دوام ولا بقاء إلا بإذنه، هو المنعم بالعطاء، الدافع للبلاء، المتصرف بمشيئته في العوالم، دبر شؤون خلقه أزلا، وأبرزها أبدا، الذي يوالي عباده بالإحسان، ويفيض عليهم بالحنان، عطاؤه يتكرر بغير انقطاع ودون امتناع، المالك للأشياء المتكفل بها، القائم عليها بالإدامة والإبقاء.
أقرب الأسماء للمؤمن
واسم الله الولي سبحانه وتعالى من أقرب الأسماء إلى المؤمن، وهو المحب الناصر المتولي أمر خلقه المختصين بإحسانه بنصرهم فهو الذي يعلي شأنهم ويحفظهم ويصونهم وهو الذي أحب أولياءه بلا علة ولا يردهم بارتكاب ذلة وهو الذي تولى النفوس فأدبها والقلوب فهذبها. و»الولي» في اللغة من اسم الفاعل الوالي، وهو القريب الذي يرعى أو المحب الذي ينصر، مثل الأب أو العم أو الجد، وهو أول ما تفزع إليه وتقرع بابه حين المصبية.
قال ابن الأثير، وقد تكرر ذكر المولى في الحديث وهو اسم يقع على جماعة كثيرة فهو الرب والمالك والسيد والمنعم والمعتق والناصر والمحب والتابع والجار وابن العم والحليف والعقيد والصهر والعبد والمعتق والمنعم عليه وأكثرها قد جاءت في الحديث فيضاف كل واحد إلى ما يقتضيه الحديث الوارد فيه وكل من ولى أمرا أو قام به فهو مولاه ووليه.
ولمعرفة اسم الله «الولي» والتحقق بمعنى الولاية له أن يصير الله جل وعلا مولى المؤمنين، وأن يصبح المؤمنون أولياء له تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين، ولتنتفي ولايتهم عن أحد سواه، فإذا تحقق ذلك تحقق سبب رفع رايتهم في الدنيا، وسبيل سعادتهم في الآخرة، إذ في ذلك تمهيد طريق الآخرة وسلوكه والتعلق به، وطاعته والاستقامة على ذلك مع الزهد في الدنيا والشوق إلى الله، والاستعداد للقائه، مع دوام ذكره والطمأنينة إليه.
ساحة النقاش