الفحص الطبي الدوري يبدد مخاوف الأمهات 

عندما يكون المولود في أيامه الأولى، هُناك أكثر من سبب يدعو للقلق على صحته. وهناك أكثر من كلمة يجب أن يعرفها الأب والأم معاً. التقدم العلمي والطبي في العقود الثلاثة الأخيرة استطاعا أن ينهيا كثيراً من الغموض حول الأمراض الخطيرة التي تهدد البشرية، ولا سيما الأمراض التي تصيب الطفل إبّان أيامه الأولى. وتنبه الأطباء والعلماء إلى مشاكل الأيام الأولى في حياة الطفل واستطاعوا أن ينتصروا على معظم الأمراض. لكن هناك بعض الأطفال الذين يولدون قبل الميعاد وبعضهم يكون ناقص التكوين، لكن الجهود الطبية تحاول دائماً أن تنتصر أيضاً على هذه المشاكل.

خورشيد حرفوش - هناك كثير من المخاوف التي تثير قلق الآباء والأمهات عند استقبال طفلهم الجديد، لكن كيف يتم العامل مع هذا القلق والتوتر؟

مواقف وحالات

 

الدكتورة ماجدة برهامي، أخصائية أمراض النساء والولادة، تقول:» هناك نسبة كبيرة من الأطفال يولدون في حالة طبيعية حجماً وكمال نمو. لكن بعضهم تعترضه بعض المتاعب. فبعض هؤلاء لا يستطيعون التنفس بسهولة، وهناك بعض الأطفال يظل لونهم تعلوه الزرقة. وبعض الأطفال يولد وفيه عيب جسماني. وغالباً ما يكون السبب هو القلب أو الرئتان. وهناك أطفال يولدون مصابين بالأرق أو بالصفراء.

 

وبعضهم يتطور به الأمر إلى التشنج أو الشلل وبعض هذه الحالات يصعب على الأطباء تشخيصها على الرغم من أن الآباء يثقون ثقة لا حد لها بالتقدم العلمي، لكن العلم لم يكتشف بعد كل وسائل العلاج لبعض الأمراض.

وقد يكون هناك نزيف خفيف نتيجة لإدخال إحدى الإبر أثناء عملية الولادة. وقد تكون هذه الإبرة قد مزقت أحد الشرايين الصغيرة في العمود الفقري. وطبعاً عندما يكون الطفل المولود ضعيف التنفس أو ذا لون غير طبيعي أو يظهر في حركاته أنه يتألم بصورة غير طبيعية فالأم يصيبها القلق وتدور في رأسها آلاف الأفكار وتظل حائرة. هل السبب هو آلام الجنين لحظة خروجه من البطن؟ أو السبب هو الأمراض التي أصيبت بها أثناء فترة الحمل؟

الولادة الطبيعية

وتضيف الدكتورة برهامي: «ليست هناك علاقة وثيقة بين لحظات الميلاد وبين الآلام التي قد تتعرض لها الأم. إن ما يصيب الأم من ألم أثناء الولادة لا ينتقل إلى الطفل. فالأمراض المعدية فقط هي التي يمكن أن تؤثر في الجنين مثل الحصبة الألمانية خلال الشهور الثلاثة الأولى من الحمل أو مرض الزهري الذي لم تعالجه الأم. لكن من الصحيح أيضاً أن فرصة تعرض الطفل المولود إلى اضطرابات في التنفس موجودة. هذا إذا كانت عملية «الوضع» طويلة أو أن الأم تعرضت لمضاعفات شديدة أثناء أيام الحمل الأخيرة. وذلك لا يحدث في معظم حالات الولادة. وعموماً فإن الولادة إذا كانت طبيعية فإن الطفل يكون على ما يرام. ولهذا فليس هناك أي سبب يجعلنا نقول إن الصعوبة أو العسر في عملية الولادة هما سبب الأمراض التي تصيب الطفل أثناء الأيام الأولى التي تلي الميلاد. وعلينا أن ندرك أن غالبية الأطفال التي تصاب في الأسبوع الأول بضعف التنفس أو امتقاع اللون يمكن أن يتم شفاؤهم بسرعة ولا تظهر عليهم بعد ذلك أي أعراض مرضية. لكن الوالدين يصابان بصدمة كبيرة عندما يقول لهما الطبيب إن الابن الوليد يعاني من بعض الاضطرابات.

رغم ذلك فهناك نسبة بسيطة من الأطفال تولد وهي في حالة سيئة جداً. ويعتقد الطبيب أن الحياة لن تطول بهم أكثر من أسبوع أو يخاف من أن يكون نمو الطفل غير سليم. وهنا يجب على الطبيب أن يوضح الحقيقة كاملة أمام الأب والأم ليعرف كلاهما الأمر الواقع. وذلك قد يكون أمراً سيئاً بالنسبة للأم ولأب ولكن لا بد أن يعرفا الحقيقة بدلاً من كتمان الأمر على الأسر».

صعوبات

ويضيف الدكتور معتز الوليد، أخصائي الأطفال:» هناك حقيقة أخرى تقول إن الطفل الذي واجه صعوبات مرضية خطيرة أيام حياته الأولى يعاني عادة من مشكلات في السلوك. وعند تفسير هذه الظاهرة يمكننا القول بأن الأسرة تسرف في الحساسية وهي تعامل هذا الطفل. وتخاف عليه دائماً من المرض. وهذه الألوان من الخوف تستمر مع الأب والأم لفترة طويلة. حتى عندما يثبت لهما أن أساس هذه المخاوف باطل وبلا معنى.

ويفرط الوالدان في حماية الطفل، بل ويبالغ كلاهما في العناية به وقد يؤدي ذلك إلى أن يصبح الطفل مشكلة دائمة. إنه يسبب مشكلة عندما يأكل، لأنه لا يأكل جيداً كما تتمنى أمه. ويسبب مشكلة عندما ينام. لأنه لا ينام النوم الكافي في نظر أبيه. ويظل هذا الطفل مصدر قلق لوالديه. ويتمادى في الاعتماد عليهما وتكون النتيجة. إن العناية الزائدة تقود إلى التدليل الزائد. والتدليل الزائد يقود إلى إفساد الطفل. وهذا القلق في حياة الأب أو الأم يظهر بوضوح في حالات الأطفال الذين يولدون قبل مرور مدة الحمل وهي تسعة أشهر. إن الطفل المولود قبل موعد ولادته الطبيعي قد يكون وزنه دون الحد بكثير. وإذا سارت الأمور طبيعية في أسابيع الميلاد الأولى، فإنه بالتأكيد يستطيع أن يقاوم في أغلب الأحيان جراثيم الأمراض المعدية. لكن الأمهات لا يعتقدن ذلك والحقيقة أن ظروف مقاومته للأمراض تكون مساوية تماماً لظروف مقاومة أي طفل عادي لأي مرض كما أنه ينمو بطريقة طبيعية، لكن هذا الكلام العلمي لا تقتنع به الأمهات والآباء بسهولة».

«وصفة طبية»

يكمل الدكتور الوليد:«هناك مسألة تزعج الأطباء في أن تظل الأم تشكو من أن وليدها ضعيف وأنه لا يأكل. وتظل الأم تلح في طلب «وصفة طبية» يمكن أن تجعل الطفل يأكل كثيراً حتى تصبح صحته جيدة. وحتى يمكن أن يكون طبيعياً مثل بقية الأطفال. ومعظم هؤلاء الأمهات يكون السبب في انزعاجهن الدائم هو أن الطفل ولد قبل الميعاد. إنني أرى دائماً أن الآباء والأمهات الذين يولد أطفالهم قبل الميعاد عرضة لأن يعانوا من القلق والتوتر. ولا تنتهي هذه التوترات أو ذلك القلق في أيام أو أسابيع، إنما تستمر لفترة طويلة. يحدث ذلك رغم أن الأطباء يؤكدون للأهل أن الطفل قد اجتاز الخطر. وأنا أجد العذر لهم.

إن الطب الحديث يوصي بأن يعرف الأهل كل شيء عن حالة المريض، فإذا كان الابن مريضاً فالحالة تستدعي أن يشرح الطبيب كل الأسباب التي تقف وراء المرض وخطوات العلاج وأنواع الأخطار التي تحيط بالطفل المريض.

أما إذا كانت الحالة قد وصلت إلى درجة من السوء يصعب معها أن يجد الطبيب ذرة تفاؤل واحدة. فمن حق الأسرة أن تعرف الخطر المحيط بالطفل، لكن إذا كان سبب المرض غير واضح كما هو الحال في كثير من الأعراض التي تصيب الطفل المولود حديثاً. مثل امتقاع اللون واضطرابات التنفس والضعف الشديد فأنا أؤكد مرة أخرى أن الحكمة تستدعي أن نقول الحقيقة بأسلوب متفائل. إننا نعرض الاحتمالات بطريقة توحي بالأمل لأن الأب المرتبك الحائر أو الأم القلقة المرهقة من آلام الوضع لن تستطيع أن تستوعب كل ما يقوله الطبيب. سيفسر الأب القلق والأم المتوترة كلمات الطبيب على أنها طريق إلى اليأس وينتاب القلق عقول الآباء والأمهات وتظل الأفكار تتأرجح ذات اليمين وذات الشمال وهذا هو أسوأ ظرف يمكن أن يحيط بطفل مريض بعد الميلاد مباشرة».

المصارحة المطلوبة

إن الطفل إذا كان مصاباً بمرض واحد وليس بعدة أمراض، فمن المؤكد أن حالته يمكن السيطرة عليها. وعندما يتطلب الأمر إجراء اختبارات وتحاليل وفحص، فعلى الطبيب أيضاً أن يخبر أهل الطفل بذلك لأن علم الأب والأم بعدد الاختبارات المطلوبة يجعلهما يستعدان نفسياً لمواجهة الخطر. ولكن إذا كانت أسئلة الأبوين محددة وصريحة وقاطعة، فعلى الطبيب أن يجيب إجابة أمينة واضحة تحمل كل الصراحة. إن القلق الناتج عن مناقشة المرض مع الطبيب يجعل نصف الأسئلة يتبخر من رأس الأب أو الأم، وإذا ظهر أن الطبيب لا يستطيع أن يعطي إجابة قاطعة ومحددة في إحدى النقط، فليس المطلوب من الأبوين أن يجبرا الطبيب على أن يدخل بهما في منطقة «التخمين». صحيح أن ذلك مثير لقلق الأبوين، لكن لا بد للطبيب من فرصة ليحدد بصراحة ووضوح نوع المرض وخط العلاج.

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 101 مشاهدة
نشرت فى 10 فبراير 2013 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,171,178