محمد العزبي 

سعيد ياسين

ودَّع الوسط الفني، المطرب الشعبي الراحل محمد العزبي الذي توفي نهاية الأسبوع الماضي، بعد صراع مع المرض، والعزبي أحد فرسان جيل العمالقة‏، بل هو سلطان أغنيات «الليالي والموال» ورمز من رموز الطرب الشعبي الأصيل ورائد له كما يلقب في الساحة الفنية، وجاءت وفاته بعد اعتزال اختياري، حيث آثر الابتعاد عن الفن قبل ثلاثة أعوام.

تميز الراحل بخفة ظل وحضور جميلين على خشبة المسرح، إلى جانب تمتعه بصوت رخيم، وقدرة على الارتجال ميزته عن أقرانه من مطربي الأغنية الشعبية، واستمرت أغنياته بفضل روعة صوته وقوته، وجمال ورقة الكلمات والألحان التي صاغها له نخبة من كبار الشعراء والملحنين، ولم يقتصر تفوقه على مجال الأغنية الشعبية التي قدم منها عشرات الأغنيات المتميزة، ولكنه امتد إلى مجال غناء الموال الذي تفوق فيه، وأثبت فيه جدارة.

ولد الراحل في 20 فبراير عام 1938 في حي الحسين بالقاهرة، لوالد يعشق الموسيقى، كان يعزف على آلة الدرامز مع فرقة بديعة مصابني، وكان لتشجيع والده ومدرسي المدرسة الابتدائية الدافع الأكبر في تنمية هوايته للموسيقى.

 

«ودع هواك»

 

وشارك في مسابقة غنائية للهواة غنى فيها لمحمد عبدالمطلب الذي كان يعتبره والده الروحي أغنية «ودع هواك»، وفاز يومها بالجائزة الأولى، ما فتح شهيته إلى الالتحاق بمعهد «شفيق» للموسيقى العربية، وبعد ذلك تقدم إلى اختبارات الإذاعة المصرية، واعتمد مطرباً فيها عام 1957.

وكانت أولى أغنياته «أنت لوحدك» من كلمات كامل الأسناوي وألحان حلمي أمين، وأتبعها بأغنيات «ع الزراعية»، و«عزيزة» و«عشنا وشفنا» و«روايح» و«صباحي يا الهوى صباحي».

وبعدما اعتزل المطرب كارم محمود العمل في فرقة «رضا للفنون الشعبية» انضم إليها العزبي، وشارك معها في العديد من الرحلات والمهرجانات الفنية العربية والعالمية، ومن بينها مهرجان برلين للشباب، وموسكو للشباب، وصوفيا للفنون الشعبية في بلغاريا عام 1966، وحصد خلال هذا المهرجان الجائزة الأولى في الغناء الشعبي عن أغنية «أريجونا» التي تميزت بها الفرقة، من حيث الغناء والأداء النوبي الجميل، وفي عام 1968 غنى مع الفرقة في قاعة «ألبرت هول» الشهيرة في لندن، وحصل على جائزة الغناء الأولى، وهو ما تكرر في العام التالي على مسرح «الأوليمبيا» في باريس.

أفلام

وشارك خلال عمله مع الفرقة بالتمثيل والغناء في أفلام «إجازة نصف السنة» و«غرام في الكرنك» من إخراج علي رضا و«حياة عازب» و«حديث المدينة» و«تفاحة آدم» و«أنا الدكتور»، وقدم العديد من الأغنيات التي لحنها الموسيقار علي إسماعيل الذي كان دائماً يعترف بفضله عليه، ومن بينها «الأقصر بلدنا» و«الناي السحري» و«فدادين خمسة».

كما قدّم عشرات الأغنيات لشعراء وملحنين آخرين، من بينها «أغلى الناس» و«العروسة الحلوة» و«سينا» و«اليوم الجديد» و«مرحبا بك يا أمل» و«عطشان يا صبايا» و«يا قاهرة» و«يا ناياتي» و«غاوي» و«موال العشاق» و«سميرة يا سمارة» و«اللي قروا لي الكف» و«ياسين» و«مصر الأمان» و«كرامه لله وشفاعه لله» و«رسالة لبلدي» و«عوض الله»، كما قدَّم عشرات المواويل، ومنها «الورد والشوك» و«الأولة آه» و«الطير» و«سألت عن الناس» و«عجبي ع اللي اشترى قلب» و«غرام ليلى» و«الرمش قال للعين» و«قالولي عدي بحور الشوق» و«الحلو الغالي» و«أنا وصاحبي» و«اشتقنا لك يا خال» و«أهلا هلال رمضان» و«أولاد مصر» و«سلم عليّ لما قابلني».

واشترك في العديد من الحفلات والمناسبات القومية، مثل عيد ثورة يوليو، وانتصارات أكتوبر، وعيد العمال، وغنى في معظم الدول العربية مشاركاً في العديد من حفلاتها القومية، وفي حفل عيد الجلوس للملك الحسن الثاني ملك المغرب، كان من الحاضرين في الحفل وديع الصافي وعبدالحليم حافظ، وبليغ حمدي والشاعر محمد حمزة، وأبدى الملك رغبته في أن يستمع إلى أغاني العزبي بألحان بليغ حمدي، فكانت أغنية «عيون بهية» التي أحدثت نقلة كبيرة في مشواره الغنائي.

ألحان

وقدَّم مجموعة من الألحان المتميزة مع الموسيقار ياسر عبد الرحمن، كانت أساسية في الأحداث الدرامية لمسلسل «الدم والنار» لفاروق الفيشاوي ومعالي زايد وفتحي عبدالوهاب، وتأليف وحيد حامد وإخراج سمير سيف عام 2007.

وفاجأ الراحل جمهوره باعتزال الفن في نهاية عام 2010، وأكد وقتها أنه شعر بأنه غير قادر على مواصلة المسيرة، وأنه ظل طوال حياته الفنية يعمل من دون ضغوط من أحد، وأنه حين وجد أن ظروفاً صحية وعمرية تحول بينه وبين تواجده في شكل يليق بتاريخه اتخذ قراره بالابتعاد، خصوصاً وأنه كان يرى أن الفنان ليس آلة للعمل باستمرار وفي كل وقت ليل نهار‏، ورغم حصده للعديد من الجوائز والتكريمات المتعددة والمتميزة في مصر والوطن العربي‏، فقد كان يرى أن التكريم الحقيقي الذي لا ينتهي للفنان هو تكريم الجمهور وحبه له في كل وقت ومكان.

وكان العزبي يرى أن نجاح المطرب الشعبي يتوقف على مقدرته على غناء الموال، وأنه قدم مجموعة كبيرة من المواويل التي ظل الجمهور يطلب منه أن يؤديها في كل حفلاته إلى أن قرر الاعتزال، وكان يحرص على أن تمس كلمات الموال القلوب، وتعبر عن مشاكل الناس والمجتمع.

وللراحل ثلاثة أبناء، ولدان وابنة، لم يهو أي منهم الغناء، الأكبر طبيب أسنان، والوسطى خريجة الجامعة الأميركية، والأصغر حاصل على بكالوريوس تجارة.

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 488 مشاهدة
نشرت فى 9 فبراير 2013 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,276,735