تطعيم المصاب أو فحصه دون كمامات يُعرض الطبيب لالتقاط العدوى
إذا كنت تعرف أحداً يعاني الزكام أو نزلة برد، فمؤكد أنك تحرص على عدم الاقتراب منه كثيراً وأخذ مسافة منه كلما اضطررت إلى التواصل معه حتى لا يُعديك. لكن دراسة جديدة نُشرت في العدد الأخير من مجلة «الأمراض المعدية» تقول إن اتخاذك لهذا الإجراء الوقائي لا يحميك بالضرورة من التقاط العدوى. فجزيئات فيروس الزكام قد تنتقل من المريض إلى من يبعد عنه مسافة ستة أقدام، أي نحو مترين تقريباً.
آلية الدراسة
شملت الدراسة 94 شخصاً ممن زاروا المستشفى بسبب إصابتهم بأعراض الزكام ونزلات البرد ما بين موسمي شتاء 2010 و2011. وقام الباحثون الذين أنجزوا الدراسة بتحليل ذرات الهواء التي تنبعث من كل مريض خلال رقوده على السرير فترة وجوده بالمستشفى على بعد مسافات متباينة تتراوح بين قدم وثلاثة أقدام، ثم ستة أقدام.
وأظهرت نتائج الدراسة أن جزيئات فيروس الزكام المُعدية كانت موجودة في جميع المواضع والأماكن التي حلل الباحثون ذرات هوائها. ويقول الباحثون إن المزودين بخدمات الرعاية الصحية يمكنهم أن يكونوا عرضة لجرعات من فيروس الإنفلوانزا حتى لو ابتعدوا عن المرضى مسافة مترين تقريباً. ويعلم الأطباء مسبقاً أن فيروس الزكام ينتشر في الهواء، خصوصاً عندما يعطس المزكوم أو يسعل. غير أنه لم تكن هناك تفاصيل خاصة بكمية الفيروسات التي ينتجها المريض وتنتشر في الهواء المحيط به، وفق تصريح الدكتور فيرنر بيشوف من كلية وَيك فوريست للطب في شمال كارولينا.
وقد كان معلوماً في السابق أن فيروس الإنفلوانزا ينتشر في الهواء بالأساس على شكل جزيئات كبيرة أو قطرات دقيقة تسافر مسافات قصيرة تتراوح بين ثلاثة أقدام وستة أقدام. لكن الجديد الذي أتت به الدراسة هو أن معظم فيروسات الإنفلوانزا تنتشر في الهواء على شكل جزيئات صغيرة جداً. وهذه الجزيئات الدقيقة يمكنها أن تقطع في الهواء مسافات أبعد من تلك التي تقطعها عادة الجزيئات الكبيرة. ونظراً لأن الباحثين لم يحللوا ذرات الهواء البعيدة عن المريض بمسافة تفوق ستة أقدام، فإنهم لم يدرسوا ما إذا كانت جزيئات فيروس الإنفلوانزا قادرة على الانتشار في الهواء أبعد من مترين. وفي سياق متصل، كانت دراسة أُجريت على مدى انتقال العدوى بين المسافرين على متن الطائرة قد وجدت أن المسافرين الجالسين في صفين متتاليين للكراسي معرضون أكثر لالتقاط عدوى الإنفلوانزا من المصابين الموجودين في نطاق هذا الحيز المكاني.
دليل جديد
يوصي الباحثون مزودي الرعاية الصحية الذين يعالجون مرضى الزكام بأن يضعوا كمامات طبية خلال مباشرتهم إجراءات الفحص الروتينية، وأن يضعوا أجهزة تنفس اصطناعية خفيفة خلال فحصهم أي مريض مصاب بالسعال المصاحب للزكام أو نزلة البرد.
ويقول الدكتور بيشوف إن الكمامات والأقنعة التي قد يرتديها الأطباء خلال فحص المريض لا تضمن وقاية الطبيب من العدوى، نظراً لأن جزيئات الفيروس الدقيقة قد تنفذ إلى الهواء الذي يستنشقه الطبيب من الفُتيحات الصغيرة للكمامة أو القناع. ويضيف «الدراسة التي أنجزناها تقدم دليلاً جديداً حول الانبعاثات الطبيعية للإنفلوانزا.
وقد تساعدنا على أن نفهم أكثر كيف يمكن للأطباء حماية أنفسهم على نحو أفضل خلال ممارستهم مهام الكشف الروتينية اليومية عن مرضى الزكام ونزلات البرد والأمراض الموسمية.
ويرى بيشوف أن هناك حاجة لإجراء بحوث حول مدى التقاط الأطباء لعدوى الإنلفوانزا من مرضاهم باعتبار الدراسة الجديدة اقتصرت على تحليل نطاق انتشار جزيئات الفيروس الدقيقة على بعد نحو مترين.
وكشفت الدراسة أيضاً أن بعض المرضى أكثر نقلاً للعدوى من الآخرين. ووجد الباحثون أن 19% من المرضى المزكومين هم «ناقلو عدوى من الدرجة الأولى»، إذ قد ينقلون إلى الآخرين جزيئات فيروس دقيقة تفوق بمعدل 32 ضعفاً ما ينقله المرضى الآخرون إلى الموجودين في محيطهم. ويبقى الخيار العملي الأفضل بالنسبة للعاملين الميدانيين في قطاع الرعاية الصحية، بحسب الدكتور بيشوف، هو أخذ تطعيم سنوي ضد الزكام.
ساحة النقاش