عبد الحافظ «يسار» مع السعدني وفادية عبد الغني خلال تصوير «للثروة حسابات أخرى»

وسط حضور كثيف لجمهوره ومحبيه، كرم معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الأخيرة التي تختتم اليوم، المخرج الراحل إسماعيل عبدالحافظ، الذي أثرى الساحة بالكثير من الأعمال الفنية المحفورة في الوجدان، وتذكر الحاضرون من الفنانين والأدباء الكثير من سجل عبد الحافظ الزاخر بمسلسلات جسدت الواقع بطريقة نالت الاحترام والتقدير من قبل المشاهدين، حيث تجنبت المشاهد المبتذلة أو الاعتماد على المشاهد الجريئة.

سعيد ياسين - شهد حفل التكريم بعض الفنانين والأدباء الذين تعاونوا مع المخرج الراحل إسماعيل عبد الحافظ، ومنهم الأديب يوسف القعيد والمؤلف فتحي دياب والفنانون صلاح السعدني وجمال سليمان ومحمد رياض والمخرجة أمل سعد، ونجله محمد عبدالحافظ.

وقال يوسف القعيد إن عبد الحافظ حرص على تقديم أعمال توثيقية من خلال مسيرته التي عبرت بعمق عن المجتمع المصري وثقافته، بعيداً عن الإسفاف والابتذال، فاستحق تقدير واحترام جميع المشاهدين، وأصبح اسم الراحل علامة مميزة، وسبباً في نجاح العديد من الأعمال الفنية التي قدمها عبر مسيرته الطويلة في عالم الإخراج.

 

صاحب موقف

 

وأشار إلى أنه كان صاحب موقف سياسي عبر عنه من خلال أعماله الدرامية على الشاشة التلفزيونية، وأغلب النصوص التي كانت تُقدم له كانت عظيمة، إلا أن لمسته الإخراجية كانت تضيف الكثير من التميز إلى العمل، فكان لها أكبر الأثر في إنجاح هذه الأعمال، وكان من المؤمنين بالشباب إلى أبعد مدى، وشديد الحرص على منحهم الفرص، وقد أخذ العديد من الفنانين الشباب، فرصتهم في أعماله، حتى أصبحوا من بعدها من بين نجوم الصف الأول، ووضعهم المخرجين والمنتجين في حسابتهم بأعمالهم التلفزيونية والسينمائية.

وعن الأعمال التي جمعتهما معاً في حياة الراحل المخرج إسماعيل عبد الحافظ، توقف القعيد أمام تعاونه معه من خلال مسلسل «وجع البعاد» وقال: عبدالحافظ لم يبدأ بقراءة المعالجة الدرامية للعمل، بل حرص على أن يقرأ الرواية أولاً، وقلل نسبة الأجزاء المحذوفة من قبل الرقابة لشدة حرصه على أن يخرج العمل بصورة جيدة، تحقق أهدافها وتصل إلى عقلية المشاهد بطريقة منطقية، فقد كان سابقاً لعصره في مجال الإخراج، ويبحث دائماً عن التميز، ومهتماً بالأبعاد الجمالية في أعماله الفنية التي قدمها خلال حياته،، ومتماساً مع هموم وقضايا مجتمعه، وينقلها بطريقة واقعية، وفق معالجة درامية، كما عرف عن الالتزام والدقة في المواعيد، فكان قدوة لكن من يعمل معه، ولم يستغل يوماً اسمه ونجوميته، فقد كان أول الحاضرين إلى استديو التصوير وآخر من يرحل من المكان، حيث عرف عن الراحل، أن كل عمل كان يشرع في إخراجه، يتعامل معه كأنه عمله الأول.

بدايات

وتحدث الفنان صلاح السعدني الذي تعاون مع عبدالحافظ في العديد من الأعمال منها مسلسل «ليالي الحلمية» بأجزائه الخمسة، التي تابعها ملايين المشاهدين في مصر والعالم العربي، ولا تزال تعاد حلقاته حتى الآن على العديد من القنوات الفضائية، كما أنها تحقق نسبة مشاهدة عالية على المواقع الإلكترونية، حيث كان العمل، شهادة ميلاد للكثير من النجوم منهم حنان شوقي وشريف منير ووائل نور، بالإضافة إلي العديد من الأعمال الدرامية الأخرى التي جمعته مع المخرج الراحل، ومنها «شارع المواردي، وجع البعاد، نقطة نظام، الأصدقاء، للثروة حسابات أخرى. وقال السعدني، إنه الوحيد من أبناء جيله الذين قُدر لهم أن يعملوا مع الراحل منذ بداياته حين كان مخرجاً مساعداً، وأنه لم يكن يرد أحداً أبداً ولم يكن يتأخر عن أحد في حاجة للمساعدة، فقد كان إنساناً من طراز رفيع.

المعادلة الصعبة

أما جمال سليمان الذي تعاون معه في أول بطولة تلفزيونية له في مصر من خلال مسلسل «حدائق الشيطان»، فقال إنه عندما كان في بداية مشواره الفني كان هناك الكثير من الأسماء العظيمة المحيطة به التي لم يكن يتخيل أنه سيلقاها يوماً ما، فضلاً عن أن يعمل معها وكان من بين هذه الأسماء إسماعيل عبدالحافظ الذي استطاع أن يحقق المعادلة الصعبة ويقدم أعمالاً تتمتع بقاعدة جماهيرية واسعة، وفي الوقت ذاته لها قيمة فنية عالية تنافس في المهرجانات وتحصد الجوائز، وكان لديه الحس الإنساني العالي الذي دوماً ما يحكي عن الناس، ولكن من دون أن يعزلهم عن ظروفهم السياسية والاجتماعية التي يمرون بها. وأشار سليمان إلى أنه مر بفترة عصيبة في حياته، بعد أن هوجم في أحد المؤتمرات الإصلاحية فضُيق عليه في العمل وشعر باضطهادٍ كبير، وأنه فوجئ في تلك الفترة باتصال من إسماعيل عبدالحافظ يطلب منه أن يرسل له سيناريو ليقرأه ويبدي رأيه إن أحب المشاركة في العمل، وأنه تعجب من بساطة عبدالحافظ، ومن كم المودة التي كانت تفيض من كلماته، ولكن هكذا هم العظماء الحقيقيون، وأنه بعد أن عمل معه اكتشف سر هذه الشخصية الآسرة، ألا وهو حجم الحب الذي يمنحه لممثلي العمل فقد كان محباً ودوداً صبوراً حريصاً على خروجهم في أبهى صورة، خصوصاً وأنه كان يرى أن الإنسان هو أساس العمل الفني لذا كان يترك له المساحة الكاملة ليخرج العمل الفني حقيقياً عابراً لقلوب الجماهير.

وأكد سليمان أن عطاء عبد الحافظ كان كبيراً للغاية وقال: العمر لا يقاس بالسنوات، وإنما بحجم الإنجاز وقد كان الراحل نموذجاً لمصر في كل شيء، في إخلاصه ووفائه وعطائه واحترامه للإنسان فمصر ولادة حقاً وتستطيع دوماً أن تفرز قادتها ومبدعيها حتى في عز المأساة.

المواهب الجديدة

وتحدث محمد رياض الذي اشركه عبدالحافظ معه في مشاهد قليلة في مسلسلي «الوسية» و»ليالي الحلمية» قبل أن يمنحه الفرصة للانطلاق حين اختاره لدور كبير في مسلسل «العائلة» أمام محمود مرسي وليلى علوي وخيرية أحمد وعزت أبو عوف وتأليف وحيد حامد، وقال إن عبدالحافظ لم يكن بالنسبة إليه مجرد مخرج كبير، بل كانت هناك علاقة روحية قوية تجمعهما، فقد كان يشعر دوماً بأنه أبوه الروحي، خصوصاً وأنه كان أول من قدمه للوسط الفني، وهو لا يزال طالباً بالمعهد العالي للفنون المسرحية، فقد كان حريصاً على دعم المواهب الشابة، وكان يرى هذا الأمر جزءاً لا يتجزأ من رسالته التي أداها بمنتهى الإخلاص، حيث قدم العديد من المواهب الشابة، وتشهد له مسيرته الطويلة بذلك، من خلال مجموعة أعمال، عدت علامة فارقة في تاريخ الدراما العربية.

وأكد الممثل محمد عبدالحافظ أن أي تكريم لمسيرة عطاء والده الراحل يسعده كثيراً، لأن مثل إسماعيل عبدالحافظ لا يموت من ذاكرة الناس، بل يظل حياً بأعماله وسيرته وعطائه، وهذا هو الإرث الحقيقي الذي تركه لهم، حيث كانت حياته مع الأسرة، مليئة بالأحداث، التي تتخللها دروس تربوية لجميع أفراء الأسرة، بل ولكل من يعرف المخرج الراحل إسماعيل عبد الحافظ.

وقالت المخرجة أمل أسعد، إن عبدالحافظ هو أستاذها الذي شرفت بالعمل معه منذ بداية تخرجها، وهو الغائب الحاضر الذي ساعدها على أن تكون على ما هي عليه اليوم، فقد كان إنساناً بلا حدود يؤمن بالفن كرسالة حقيقية.

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 199 مشاهدة
نشرت فى 9 فبراير 2013 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,305,581