محمد رجب ونسرين إمام في مشهد من أدهم الشرقاوي
تستحوذ أزمة الدراما المصرية على مساحة كبيرة من اهتمام النقاد والمفكرين، وتزداد المشكلة تعقيداً مع الغزو التركي للدراما واحتلالها مكانة كبيرة على الشاشات العربية، وقد أقام معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الحالية الرابعة والأربعين ندوة تحت عنوان «الدراما التاريخية والثورة» شارك فيها الناقد الأدبي الدكتور مدحت الجيار وأستاذ التاريخ بجامعة عين شمس وعضو اتحاد المؤرخين العرب، الدكتور خلف عبد العظيم الميري.
وقال الدكتور خلف، إن الدراما هي مرآة الواقع، وإن تسلسل العمل الفني سواء كان مكتوباً أو مسموعاً أو مرئياً يكمن في قدرته على نقل ما يحدث في دائرة الإبداع إلى المشاهد.
رصد الواقع
وقال إن قليلاً من الأعمال الدرامية نجح في رصد الواقع في إطار إبداعي، وإن مصر كانت تمتلك على مستوى الأعمال التاريخية الدراما الملحمية المعبرة عن التاريخ المصري القريب والبعيد رغم قلتها، وذكر منها مسلسلي «ليالي الحلمية» و»رأفت الهجان»، إلى جانب بعض الأفلام التي تناولت التاريخ القديم والإسلامي، ومنها «المومياء» و»الناصر صلاح الدين» و»الشيماء». وقال إن أعمال حرب أكتوبر لا ترتقى إلى عمل ملحمي على غرار ما يحدث في الدول المتقدمة، كما عجزت الدراما على مجاراة إنجازات الرئيس جمال عبد الناصر باستثناء فيلم «ناصر 56» الذي تناول يومين في حياة مصر أيام عبد الناصر تناولا راقياً، وبخلاف ذلك افتقدنا العمل الملحمي الذي يصف مصر في الفترة الناصرية وأيضاً ناصر هذا العملاق الذي لن يكرره الزمان.
وأكد أن دور المؤرخ في العمل الدرامي لا يقتصر على مراجعة النص ويجب أن يكون مستشاراً للعمل ككل لكي يخرج العمل خالياً من الأخطاء التي يمكن أن تفقده مصداقيته، واستشهد بالمسلسل التركي «حريم السلطان» الذي يحمل معالجة درامية عالية.
قصة حقيقية
وتوقف عند مسلسل «الصفعة» والذي قام بمراجعته تاريخياً، وقال: المسلسل قصة حقيقية من ملفات المخابرات المصرية، وكان في الحقبة الزمنية التي يستعرضها المسلسل حرب مخابراتية على أعلى مستوى ومن أصعب الأشياء عند تنفيذ مسلسل كهذا مراعاة كيف كانت الأزياء والديكور، وأيضاً الألفاظ فلكل فترة ألفاظها ومفرداتها.
أما الدكتور مدحت الجيار، فأكد أن لجوء الفنون والآداب للذهاب إلى مرحلة تاريخية لتقديمها يأتي بسبب مرور لحظات ضعف بأي أمة تستتبعها استعادة فترة تاريخية كانت الأمة فيها مزدهرة، لبث روح التفاؤل والإقدام واستخلاص العبر، لأن التاريخ يساعد في حل مشكلات الواقع الراهن. وحول أهمية استرجاع التاريخ العربي والإسلامي المزدهر، قال: جاء هذا نتيجة وقوع العالم العربي الإسلامي تحت الاستعمار الذي حاول أن يقطع الصلة بين الشعوب المستعمرة وتاريخها القديم حتى تيأس الأمة من الخروج من هذا الاستعمار.
الوعي
وعن النماذج التاريخية في الدراما المصرية، قال الجيار إن المسلسلات التاريخية في الدراما، إما أنها مسلسلات الجاسوسية التي تلقى نجاحاً كبيراً مع المتلقي، وتعمل على إيقاظ الوعي، أو تقديم شخصية تاريخية مثل «أدهم الشرقاوي»، وهو بطل من أبطال التاريخ الحديث الذي تم تمجيده من خلال العمل الدرامي سواء من خلال السينما، أو في المسلسلين اللذين قدما عنه في التلفزيون.
وحول كيفية تناول الروائي للتاريخ في الكتابة الدرامية، قال إن المؤرخ روائي مرتبط بالأحداث والوقائع، وإذا أخذ التاريخ على طريقة السرد لاستطاع أي شخص أن يؤرخ الأحداث ولكن التاريخ له ظاهره وباطنه وقيمة النظر للمسألة أكبر من مجرد الظواهر، والمؤرخ المحترم وفق منهج فلسفة التاريخ يحاول أن يرى التاريخ بالجوانب كافة ويسافر إلى الحدث في ظروفه كاملة لإجراء العملية التفكيكية وإذا أخذ العمل التاريخي بمعزل عن الحقائق يصبح عملاً موجهاً.
ساحة النقاش