الغدة الدرقية فراشة البشر
تشبه فراشة صغيرة بلونٍ بني مائل للاحمرار، ولكنها ليست بوداعة الفراشة، فرغم صغر حجمها فإنها تمثل أكبر محطة لتوليد الطاقة بجسم الإنسان.
إنها الغدة الدرقية التي تفرد جناحيها في المنطقة الأمامية من الرقبة، تحديدا أمام القصبة الهوائية، وتعتبر "ترمومتر" الجسم الفعلي، فلو زاد نشاطها عن المنسوب العادي تصبح كالنار تأكل الهشيم، ولو قل نشاطها عن معدله، فإن الجسم يفقد حيويته ويركن إلى الكسل والخمول، وهي تعمل أساسا على إفراز الهرمونات التي تتحكم في عمليات التمثيل الغذائي للخلايا، وبالتالي فعند حدوث أي اضطراب في وظائفها يحدث خلل في جميع وظائف الجسم.
واليود يعد أساسيا في تركيب هرمونات الغدة؛ لذلك فاضطرابات الغدة الدرقية تلاحظ بكثرة في المناطق التي لا يتوافر فيها «اليود»، أو يتواجد بقلة، مثل المناطق الصحراوية والمناطق الجبلية في سويسرا أو وسط إفريقيا، ويقل انتشار المرض في المناطق الساحلية؛ وذلك لوجود الملح المزود باليود وكذلك تناول المأكولات البحرية كالأسماك.
وتفرز الغدة الدرقية هرمون الثايرويدThyroid hormone ، وهو على صورتين:
- الثيروكسين) Thyroxineرابع يود الثيرونينTetraiodothyronine) ويطلق عليه T4 ويعتبر الهرمون الرئيسي.
- هرمون ثالث يود الثيرونين Triiodothyronine ويطلق عليه T3.
أنواع الاضطرابات وأسبابها
ينقسم خلل الغدة الدرقية إلى نوعين:
النوع الأول: يتمثل في زيادة إفرازات الغدة، وهناك مسببان رئيسيان:
وجود تكيسات بالغدة، وهذا النوع من المرض لا يستجيب عادة للعلاج التحفظي أو العلاج الإشعاعي، ويكون التدخل الجراحي هو الأفضل في علاج مثل هذه الحالات.
زيادة أولية في وظائف الغدة، ويعرف بمرض "جريفز- grave's disease" ولا أحد يعرف بالتحديد المسبب الرئيسي لهذا المرض، ولكن هناك اعتقادا بأن السبب الجوهري لهذا المرض هو وجود اختلال للنظام المناعي في الجسم، ينتج عنه قيام الغدة بإفراز كمية كبيرة جدا من هرمون الثيروكسين.
النوع الثاني: يتمثل في قلة إفرازات الغدة، ويرجع السبب لعدم مقدرة الغدة الدرقية على تصنيع أو إفراز هرمون الثيروكسين بالمستوى المطلوب للجسم، ويُسمى كذلك بالميكزيديما Myxoedema، وأسباب القصور إما أن تكون:
أولية Primary ، بمعنى أن الخلل يكون في الغدة نفسها.
ثانوية Secondary وهي نادرة ، وتحدث نتيجة نقص في الهرمون المُحرض للغدة الدرقية Thyroid Stimulating Hormone.
ولا بد من الإشارة إلى أن هناك تضخما فسيولوجيا يحدث للغدة الدرقية بنسبة عالية للإناث خصوصا عند سن البلوغ، ويكون علاجه بطمأنة المريضة ومتابعة حجم الغدة فقط، ولا يكون هناك أي تدخل علاجي أو جراحي حيث تختفي الأعراض وحدها وتعود الغدة إلى طبيعتها.
التشخيص
يمكن تشخيص اضطرابات الغدة الدرقية بنوعيها، بعمل الفحوصات التالية على التوالي:
أولا- اختبارات الدم:
فقياس كمية الهرمون المحفز للغدة الدرقية في الدم، يكون في الغالب هو الخطوة الأولى في تقييم حالة مشتبه في إصابتها بالمرض، كما أن وجود مستويات غير طبيعية من الهرمون المحفز لها قد يدفع الطبيب إلى قياس مستويات هرموني الغدة الدرقية T3 وT4 لدى المريض.
إحدى طرق الفحص، أشعة الغدة الدرقية
ثانيا- الفحص بالموجات فوق الصوتية للغدة الدرقية إذا كانت غير طبيعية في حجمها أو شكلها:
فالموجات فوق الصوتية يمكن أن تعطي صورة للعقيدات الدرقية، ويمكنها أن تحدد ما إذا كانت إحدى هذه العقيدات صلبة أو ممتلئة جزئيا بسائل (أي متكيسة).
ثالثا- أخذ عينة درقية بالشفط بإبرة دقيقة:
تجرى عملية أخذ عينة نسيجية من الغدة الدرقية عن طريق الشفط، أي السحب بإبرة دقيقة للحصول على خلايا درقية من إحدى العقيدات الدرقية لتحليلها.
رابعا- معدل امتصاص اليود المشع:
معدل امتصاص اليود المشع، هو كمية اليود التي يتم قياسها في الغدة الدرقية، فإذا كانت الغدة مفرطة النشاط بسبب مرض "جريفز"، فسوف يزداد امتصاص اليود المشع، أما إذا كان فرط نشاطها راجعا إلى الالتهاب الدرقي، فإن امتصاص اليود المشع حينئذ يكون شديد الانخفاض.
خامسا- مسح الغدة الدرقية:
المسح الذري للغدة الدرقية هو صورة تلتقط بعد الحقن الوريدي لليود المشع، أو لمادة مشعة أخرى تسمى التيكنيشيوم، وهذا المسح الذري يمكنه تحديد أي المناطق في الغدة الدرقية تنتج الهرمون الدرقي الزائد.
الأعراض
أعراض زيادة إفراز الغدة:
قلة الوزن بالرغم من الإقبال على الطعام.
كثرة التبول.
العصبية.
الإسهال.
جحوظ العينين.
أعراض قلة إفراز الغدة:
زيادة في الوزن وترهل في الجسم.
الميل إلى النعاس.
الشعور بالكسل.
الإحساس بالبرودة.
طرق العلاج
بالنسبة لعلاج مرض "جريفز" فهناك ثلاث طرق لعلاجه:
الطريقة الأولى: استخدام اليود المشع وهو يعطي نتائج طيبة، بل ويمكن تفادي الجراحة من خلاله، ولكننا لا نقوم بإعطاء اليود المشع لكل الحالات، باعتبار أن المواد المشعة يمكن أن تؤثر على بعض المرضى في المستقبل، فلا يمكننا وصفه كعلاج للسيدة الحامل أو المرضع، وكذلك الأطفال، وذلك لتأثيراته السلبية على نمو الطفل وأعضائه.
الطريقة الثانية: يطلق عليها العلاج التحفظي، حيث يتناول المريض أدوية تساعد على توقف الغدة عن تصنيع هرمون الثيروكسين، ولا نستطيع إعطاء العلاج التحفظي لفترات طويلة، لأنه يمكن أن يؤثر على خلايا الدم وغيره من أجهزة الجسم المختلفة، وتتحسن حالات البعض من خلال هذه الطريقة العلاجية، ولا يعود إليهم المرض مرة أخرى.
الطريقة الثالثة: فهي الأسلوب الجراحي، ونقوم عادة باستئصال جزء كبير من الغدة، ونترك حوالي الثمن فقط، لتكون هذه البقية كافية لإفراز الهرمون في الجسم. ولا يتم اللجوء للجراحة إلا في حالات محدودة يمكن تلخيصها في التالي:
عدم استجابة المريض للعلاج التحفظي.
وجود موانع لتعرض المريض للعلاج الإشعاعي.
عدم توفر العلاج الإشعاعي في المكان الذي يعالج به المريض.
وعن طرق علاج قلة إفراز الغدة:
فالعلاج في هذه الحالة بسيط جدا، وهو تناول حبوب بديلة للهرمون الذي تنتجه الغدة الدرقية، وبعدها يستعيد نشاطه مرة أخرى، وهذه الحالات يتم علاجها عادة عن طريق أخصائي أمراض الغدد الصماء، وقلما تحتاج إلى أي تدخل جراحي ويلزمها فقط المتابعة الحثيثة مع الأخصائي بتحليل نسب هرمونات الغدة بشكل دوري.
الوقاية والاكتشاف المبكر
تبدأ الغدة الدرقية في التكون مع بداية الأسبوع السابع من عمر الجنين، وتبدأ في العمل وإفراز هرمون الثيروكسين من الأسبوع الثاني عشر.
ويمكن اكتشاف قصور الغدة الدرقية، من خلال إجراء تحليل الغدة الدرقية بعد الولادة مباشرة )قياس هرمون الثيروكسين في الدم)، حيث يتم أخذ عدة نقاط من الدم من كعب الوليد، وتوضع على شريط مخصوص وترسل للمختبر، وفي حال وجود نقص أو اشتباه في نقص الهرمون يعاد التحليل مرة أخرى، وهذه العملية تجرى للكشف المبكر عن تلك الحالات، وعند اكتشافه يمكن التعويض للنقص الحاصل بالعلاج الدوائي، ومن ثم منع المشاكل المستقبلية.
وينصح للوقاية من أمراض الغدة الدرقية بالحرص على تناول أنواع الملح التي تحتوي على اليود، وكذلك المواظبة على تناول الأسماك لاحتوائها على اليود الذي يقلل من الإصابة بأمراض الغدة الدرقية.
المصدر: منتديات حبة البركة
نشرت فى 7 فبراير 2013
بواسطة alsanmeen
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
1,305,555
ساحة النقاش