قال بعض الحكماء: إذا قَصُرَتْ يَدُك عن المكافأة فَلْيَطُلْ لسانُكَ بالشكر..
وكتب محمد بن عبد الملك الزيات كتاباً عن المُعتصم إلى عبد اللهّ بن طاهر الخراسانيّ فكان في فصل منه: لو لم يكن من فَضل الشُّكر إلا أنك لا تراه إلا بين نِعمة مقصورة عليك أو زيادة مُنتظرة لها لكَفَى.
ثم قال لمحمد بن إبراهيم بن زياد: كيف ترى؟ قال: كأنهما قُرطان بينهما وَجْه حَسن. وقال الحسن بن وهب: فَي شَكرك على درجة رفعتَه إليها أو ثَرْوة أفدتَه إياها فإنّ، شكري لك على مُهجة أحْييتَها وحُشاشة أبقيتَها ورَمَق أمسكتَ به وقُمتَ بين التَلف وبينه.
وقال عمران بن حطّان:
وقد عـرضت لي حاجةٌ وأظنني بأنّي إذا أنزلتهـا بـك منجــح
فإن أك في أخذ العطيّة مربحاً فإنك في بـذل العطـيّة أربـح
وقال ابن عطاء رحمه الله تعالى في حكمه: مَن لم يشكر النّعمَ فقد تعرَّضَ لزوالها، ومن شَكَرها فقد قَيّدَها بعِقَالِهَا).
قال عبد الأعلى بن حماد:
لأشكرنْ لكَ مَعروفاً هَمَمتَ به
إنّ اهتمامَك بالمعروفِ معروفُ
ولا ألومُكَ إن لم يُمْضِهِ قدرٌ
فالشَّرُ بالقَدَرِ المحتومِ مصروفُ
ودخل ابن السماكِ الواعظ على هارون الرشيدِ، فوعظه فبكى هارونُ وطلب شربةَ ماء، فقال ابن السماك: لو مُنِعْتَ هذهِ الشربة يا أمير المؤمنين، أتفتديها بنصفِ مُلْكِك؟ قال: نَعم. فلمّا شَرِبَها، قال: لو مُنعتَ إخراجَها، أتدفعُ نصفَ مُلْكِكَ لتخرُجَ؟ قال: نعم. قال ابنُ السَّماكِ: فلا خير في مُلْكٍ لا يساوي شربةَ ماءٍ. وفد رجل على سليمان بن عبد الملك في خلافته؛ فقال له: ما أقدمك؟ قال: ما أقدمني عليك رغبةٌ ولا رهبةٌ. قال: وكيف ذاك؟ قال: أما الرغبة فقد وصلت إلينا وفاضت في رحالنا وتناولها الأقصى والأدنى منا، وأما الرهبة فقد أمنا بعدل أمير المؤمنين علينا وحسن سيرته فينا من الظلم، فنحن وفد الشكر.
وقال إبراهيم بن المهديّ يشكر المأمون:
رددتَ مـــالي ولـم تَمــنُن عليّ بـه
وقَبل رَدٌك مــالِي قد حَقَـنْتَ دَمـِي
فلو بذلتُ دمِي أبْغـي رِضــاك بـه
والمالَ حتى أسُل النَعل من قَدمي
ما كـان ذاك ســِوَى عـارية رَجعت
إليــك لـو لم تعِرْهـا كنـتَ لم تُـلَم
البِرُّ بي مـِنك وَطـي العُـذر عندك
لي فيمـا أتيتُ فلم تَـعتب ولم تَلُم
وقـام عِلمك بي يَحـتَجُّ عنـدك لَي
مقــامَ شــاهدِ عَـدْلٍ غـير مُتَّهــم
ساحة النقاش