مع التقدم في العمر، تظهر لدى الناس مشكلات في القدرات الإدراكية، خصوصاً على مستوى التفكير والذاكرة، وتصيبهم صعوبات في السمع. فهل الأمر محض مصادفة، أم أن هناك علاقة سببية بين الاثنين؟ هذا هو السؤال الذي حاولت دراسة حديثة الإجابة عنه، ونُشرت في النسخة الرقمية للعدد الأخير من مجلة «جاما للطب الداخلي».
وحلل باحثون في هذه الدراسة بيانات نحو 1٫984 مسناً معدل أعمارهم 77 سنة، وكانوا جميعهم يتمتعون بصحة جيدة ولا يعانون أي اختلالات إدراكية. وفي بداية الدراسة، أظهرت اختبارات السمع التي خضعوا لها أن 1٫162 مشاركاً منهم مصابون بدرجة متفاوتة من فقدان السمع. وكان 66% من هؤلاء مصابون بفقدان سمع خفيف، و33% منهم بفقدان سمع معتدل، و1% مصابون بفقدان سمع شديد. وقد وجد الباحثون في اختبارات إدراكية معيارية أجروها على نحو دوري لهؤلاء على مدار ست سنوات أن 609 منهم ظهرت لديهم علل واختلالات في وظائفهم الإدراكية.
وقد سجل الباحثون أن أولئك الذين كانوا يعانون إحدى درجات فقدان السمع أصيبوا بمشكلات في وظائفهم الإدراكية أكثر من أقرانهم الذين يتمتعون بسمع سليم بنسبة 24%. كما لاحظوا أن القدرات الإدراكية تراجعت لدى من يعانون فقدان السمع بوتيرة أسرع مقارنة بغيرهم بنسبة تتراوح بين32% و41%. وخلص الباحثون من مقارناتهم التحليلية إلى أن الأشخاص الذين يعانون اضطرابات في السمع يُصابون مبكراً بمشكلات في وظائفهم الإدراكية وتراجع في مهارات التفكير والتذكر، وذلك بمعدل ثلاث سنوات قبل الأوان، مقارنة بأقرانهم ممن يتمتعون بمستويات سمع طبيعية.
ويقول الباحثون، إنهم خصوا المسنين بهذه الدراسة؛ لأن أكثر المصابين بفقدان السمع هم من فئة المتقدمين في السن. كما ينوهون بأن قرابة 20% من الراشدين الأميركيين في الولايات المتحدة الأميركية يعانون بعض أشكال فقدان السمع، علماً بأن الرجال أكثر إصابة باضطرابات السمع من النساء. ووفق سجلات المستشفيات والعيادات الأميركية، فإن نصف المصابين بفقدان السمع هم مسنون تتعدى أعمارهم 75 سنة.
ولم توضح الدراسة ما إذا كانت هناك علاقة سببية مباشرة بين فقدان السمع وتراجع الوظائف الإدراكية. كما لم تُحدد ما إذا كانت الأدوات الطبية المساعدة على السمع أو غيرها من العلاجات التأهيلية قد تؤثر على أداء الوظائف الإدراكية.
ويقول الباحثون، إن هناك حاجة لإجراء دراسات أوسع نطاقاً، بحيث يُشركون أيضاً من يستخدمون الأدوات المساعدة على السمع لمدد طويلة، وأثرها على وظائفهم الإدراكية ومهاراتهم المعرفية مع الوقت. وعلق بعض الباحثين على نتائج هذه الدراسة بالقول إن فقدان السمع وكذا فقدان البصر يؤديان إلى قلة تفاعل الشخص مع العالم الخارجي، ما يُضاعف فرص اضطراب وظائفه الإدراكية وتراجعها في وقت مبكر في مرحلة الشيخوخة.
ساحة النقاش