المجموعة الجديدة تضم حزمة من الظلال والتدرجات الراقية من الألوان الأساسية
قبل أيام معدودات وخلال أسبوع الموضة الإيطالي الأخير لخط الملابس الجاهزة، قدمت منصات ميلانو مجموعات متنوعة، أنيقة، ومختلفة بكل المقاييس، معلنة موضة الرجل المعاصر في موسمي خريف وشتاء 2013/ 2014، مستعرضة خلال ذلك نتاج إبداع جملة من أشهر المصممين الكبار، والذين جاءوا طارحين آخر ما في جعبتهم من ابتكارات وأفكار خلاقة في مجال تصميم الأزياء الرجالية.
أزهار البياتي - كما في كل موسم، فقد تألق المصمم الإيطالي المخضرم «جورجيو أرماني»، في تقديم تشكيلة لافتة وراقية من الملابس الجاهزة، ليضمها بفخر لطراز الرجل الأنيق، مستعرضا من خلالها سمات مبتكرة لموضة الموسمين المقبلين، ومظهرا فيها بعضا من لمساته الكلاسيكية الساحرة، لتعكس أفكاره ورؤاه الخاصة والمطورة للطراز الشبابي المنطلق في الحياة.
نمط الأناقة
على الرغم من خيال المجددين في صناعة الموضة وجنوحهم المستمر نحو الحداثة والابتكار، والساعين دوما لتغيير اتجاهات الموضة العالمية في مظهر الرجل العصري على وجه الخصوص، من خلال محاولاتهم الدائمة لابتداع بعض التغيرات والصرعات الجديدة، وبمسطرة من الألوان المثيرة الزاهية، مع تلك القصّات الغريبة التي تعبر عن كل سمات الجرأة والتمرد على الطراز التقليدي، إلا أن هذه المحاولات تبقى محدودة ومحجمة أمام هيمنة الطراز الكلاسيكي الخالد في ثقافة وذهنية الرجل، والذي مازال محافظا على مكانته ودوره البطولي في دولابه وبلا منازع.
والمتابع لأسلوب «أرماني» في التصميم، سيلاحظ بلا شك هذا النهج وتلك الرؤية المفضلة للكلاسيكية بشكل عام، وقد عبر عنها المصمم بجلاء في عرضـه الأخير في عاصمة الأناقة «ميلانو»، متألقا كعادته في إظهار تشكيلة، أنيقة، متكلفة وراقية لأبعد الحدود.
كلاسيكية الألوان
واجه المصمم برودة الشتاء القادم بعودة لإحياء التدرجات اللونية الكلاسيكية عند «أرماني»، مفضلا لمجموعته الجديدة حزمة من الظلال والتدرجات الراقية من الألوان الأساسية
وبامتياز، حيث ظهرت أمواج من الرمادي الغامق، والرمادي الباهت، والرصاصي الفضي، مع بعض من الأزرق البحري ثم الأزرق الكحلي، منحدرة بحذر للجة الأسود النفطي، لتأتي بعدها موجة أخرى ترفعها لفورة البيج العاجي، والبني العسلي، والبني الكاكاوي، ثم تلحقها بشطحات حميمية ودافئة من الأخضر الزيتي والأحمر الياقوتي مع البنفسجي الليلكي، لتتوج أخيرا بسفسطائية الأسود الملكي والمتربع دوما على عرش الأناقة عند «أرماني»، مع إضافة شيئ من روح الشباب والحيوية والانتعاش عن طريق تنسيق أكثر من لون ودرجة في المظهر الواحد، كأن يكسر رزانة الأسود بألق الفضي، أو أن يذوب لذة العسلي في دوامة الأزرق، بلمسات وتفاصيل مدروسة ومحسوبة، وأطياف ملونة ومنسجمة مع بعضها البعض، مكونة في المحصلة مزيجا راقيا، متناغما وكلاسيكيا يعكس ذوق المصمم وحسه العالي بالأناقة.
الاهتمام بالتفاصيل
في مجموعته الأخيرة للموسمين المقبلين عاد المصمم بالزمن سنوات إلى الوراء، مستعيدا نمط لبس «الصديري» القديم تحت البدلة، ليحتضن الجذع بحنو وأناقة، مظهرا رشاقة القوام وجمال التفاصيل، وبضربات نظيفة وذكية من مقصه المحترف، ظهرت قصّات «أرماني» الرجالية في منتهى الرقي والفخامة، خاصة في قصة البنطلون المستقيمة التي أضافت مزيدا من الطول على القامة، موحية بخفة الحركة ومتانة الساقين، ليتباهى بها الرجل العصري ويرتديها بكل ثقة أثناء اجتماعاته الصباحية وفي لقاءته المسائية على حد سواء، كما جاءت ربطات العنق الحريرية ذات اللون الأحمر الملكي لتضفي بعدا آخر من السفسطائية والتكلف على كامل الهيئة والمظهر، في حين لم يغفل المصمم عن إحضار شيئ من إطلالة طراز «السمارت كاجول» الشبابي، مقدما باقة من القطع والموديلات التي تعبر عن روح الحرية والانطلاق، خاصة مع تلك السترات المقلمة طوليا، أو من خلال بعض الكنزات الصوفية الدافئة، بالإضافة لحضور بارز للمعطف الشتوي الذي يربط من الأمام بحزام مع ياقة من الفراء الدافئ تلف العنق بترف ودلال.
كلاسيكية تقليدية
كأن المصمم وضع مقاييس معاصرة ومتجددة في مظهر الرجل للموسمين القادمين، ولكن ضمن إطاره ورؤيته الخاصة للأناقة الكلاسيكية التقليدية التي عرف بها، مع سمات أكثر حداثة وديناميكية، مازجا بإبداع بين ملامح البساطة والترف ومنتقلا من إطار الكياسة للجرأة، بتشكيلة تتأرجح بين الماضي والحاضر وترنو في ذات الوقت إلى آفاق مستقبلية بعيدة المدى، ليؤكدها أكثر من خلال استخدامه للخامات الغنية والوثيرة، ذات الأنسجة الجيدة والمبتكرة والتي عكست مزيداً من الرونق والجاذبية على كل قطعة وموديل، كاستعماله للمخمل والكشمير، مع الجلود المطفية واللامعة، والحرير المطبع، مع أنواع مختلفة من الصوف الخفيف والقطن الطبيعي، لتتداخل الأقمشة في نسق منسجم كما هو بين المقلم و السادة، الناعم والخشن، الرقيق والغليظ، مؤطرة صورة مثالية لكلاسيكية الرجل المعاصر.
ساحة النقاش