لأن الإنسان يعيش بالأمل تبقى الأمنيات زاد الروح وموقدها الذي يبعث فيها الدفء والتفاؤل، فإن تحققت سعد بها واستبشر وإن لم يتحقق كثير من تلك الأمنيات، فإنها تحفظ الروح والنفس من الانهيار.
قيل لبعض الحكماء: تمنّ. فقال: محادثة الأخوان، وكفاف من عيش يسدّ خلّتي ويستر عورتي، والانتقال من ظلّ إلى ظل.
وقيل لآخر: ما بقي من ملاذك؟ قال: مناقلة الأخوان الحديث على التّلاع العفر في الليالي القمر.
وسئل امرؤ القيس: ما أطيب عيش الدنيا؟ فقال: بيضاء رعبوبة، بالطّيب مشوبة، الشحم مكروبة.
وقيل لطرفة مثل ذلك فقال: مطعمُ شهيّ وملبسُ دفيّ، ومركبٌ وطيّ. وقيل للأعشى مثل ذلك، فقال: صهباء صافية، تمزجها ساقية، من صوب غادية.
وسئل ابن أبي بكرة: أي شيء أدوم إمتاعا فقال: المنى.
ومما قيل في التمني
إذا تمنيت بت الليل مغتبطاً إن المنى رأس أموال المفاليس
وقال آخر:
ما فاتني منك فإن المنى تـــدنيه مني فكأنــــــــا معا
وقال آخر:
وإن لوّا ليس شيئاً سوى تسليــة اللّوماء بـــــــالباطل
وقال بعض الأعراب:
منى إن تكن حقا تكن أحسن المنى
وإلا فقد عشنا بهم زمنا رغــــــــدا
أماني من سعدى عذابــــــــا كأنما
سقتكن بهم سعدى على ظمأ بردا
وقال بشار بن برد:
كررنا أحاديث الزمان الذي مضى فلــذ لنا محمودهم وذميمهم
وقال المجنون:
أيا حرجات الحي حيث تحملــــوا
بذي سلم لاجادكــــــــــــن ربيع
فقدتكن من نفس شعاع فطالما
نهيتكن عن هذا وأنـــــت جميع
وقال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه:
وما طلب المعيشة بالتمني وَلَكِنْ أَلْقِ دَلْوَكَ مع الدِّلاَءِ
تجئك بملئها يوماً ويومــاً تجئــــك بحمأة وقليل ماءِ
وَلا تَقعُد عَلى كُـــلِّ التَمَنّي تَحيلُ عَلى المَقدَّرِ وَالقَضاءِ
فَإِنَّ مَقادِرَ الرَحمَنِ تَجري بَأَرزاقِ الرِجالِ مِنَ السَماءِ
مَقدَّرَةً بِقَبضٍ أَو بِبَســطٍ وَعَجزُ المَرءِ أَسبابُ البَلاءِ
البحتري:
عرضت عليها ما تمنى مـــــن المنى
لترضى، فقالت: قم فجئني بكوكب
فقلت لها: هـــــــــذا التعنت كله
كمن يتشهى لحــــــم عنقاء مغرب
ساحة النقاش