من جميل ما قيل في العلم ما قاله داود لابنه سليمان عليهما السلام: لفَّ العِلْم حولَ عُنقك واكتُبه في ألواح قَلبك.
وقال أيضاً: اجعل العِلْم مالَكَ والأدب حِلْيتك.
وقيل لأبي عمرو بن العَلاء: هل يَحْسُن بالشَيخ أن يتعلم قال: إن كان يَحسن به أن يعيش فإنه يحسن به أن يتعلم.
وقال عُرْوة بن الزُّبير رحمه اللهّ تعالى «لبنيه»: يا بنيَّ اطلبوا العِلم فإن تكونوا صِغار «قوم» لا يُحتاج إليكم فعسى أن تكونوا كبارَ قوم آخرين لا يستغنى عنكم.
وقال ملك الْهِند لولده وكان له أربعون ولداً: يا بني أكثِروا من النظر في الكتب وازدادوا في كل يوم حرفاً فإن ثلاثةً لا يَستوْحشون في غُربة: الفقِيه العالم والبَطَل الشجاع والحُلوُ اللسان الكثير مخارج الرأي. وقال المُهَلّب لبَنِيه: إياكم أن تجلسوا في الأسواق إلا عند زَرَّاد أو وَرَّاق، أراد الزرَّاد للحرب والورَّاق للعلم. وقال بعض الحكماء: اقصِد من أصناف العِلم إلى ما هو أشهى لنفسك وأخفُّ على قَلبك فإنّ نفاذَك فيه على حَسب شَهوَتك له وسُهولتِه عليك.
وقال «آخر»: ولكلِّ طالب لذّة مُتنزَه وألذُّ نُزهة عالمٍ في كُتْبهِ.
ومَرَّ رجل بعبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن عمر وهو جالس في المَقْبرة وبيده كتاب فقال له: ما أَجلسك هاهنا قال: إنه لا أوْعظَ «مِن» قبر ولا أَمتع من كتاب.
وقال رُؤْبة بن العجَّاج: قال لي النسِّابة البَكْري: يا رُؤبة لعلك من قوم إن سَكَتُّ عنهم لم يَسأَلوني وإن حَدَّثتُهم لم يَفْهموني قلتُ: إني أرجو أن لا أكون كذلك. قال: فما آفة العلم ونَكَده وهُجْنته قلت: تُخبرني قال: آفتُه النسيان ونَكَده الكذب وهُجْنته نشره عند غير أهله. وقال عبد اللهّ بن عبَّاس رضوان الله عليهما: مَنْهومان لا يَشبعان: طالِب علم وطالب دنيا. وقال: ذَلَلتُ طالباً فعَزَزْتُ مطلوباً. وقال رجل لأبي هُريرة: أُريد أن أطلب العِلْم وأخاف أن أضيِّعه قال: كفاك بترك طَلَب العِلم إضاعةً له. وقال عبد اللهّ بن مسعود: إن الرجل لا يُولد عالماً وإنما العِلم بالتعلّم.
وأخذه الشاعر فقال:
تَعَلـــــم فليسَ المرء يُولـــد عالماً
وليس أخــــو عِلم كمن هو جاهــلُ
الشافعي:
العلــمُ مغرسُ كـــلِّ فخرٍ وَاحـــُذَرْ
يَفُوتُــــــــك فَخـــْرُ ذَاكَ المغْــرَسِ
واعلــــم بأنَّ العلــــم ليس ينالــهُ
مَنْ هَمُّــــهُ في مَطْعَــــمٍ أَوْ مَلْبَــسٍ
إلاَّ أَخُـــو العِلمِ الَـــّذِي يُعْنَى بــــِهِ
في حـــالتيه: عـــاريا أو مكتـــسي
فاجعـل لنفسكَ منهُ حظاً وافــــراً
وَاهْجُرْ لَـــهُ طِيبَ الرُّقــــَادِ وَعَبسِ
فَلَعَلَّ يَوْمـــــاً إنْ حَضَرْتَ بِمَجْلِسٍ
كنتَ الرئيس وفـخرّ ذاك المجلسِ
ساحة النقاش