توجد لدي قريبة وهي كبيرة في العمر وهي بمثابة خالتي ، وهي متزوجة ولها أولاد وبنات ، ولكن من حوالي عشرين سنة كانت لديها طفلة صغيرة تلعب في البيت وكانت المرأة واضعة قنينة كاز في البيت وتركتها ثلاثة أيام دون أن تبعدها عن متناول الطفلة ، وفي يوم من الأيام شربت الطفلة الكاز وتوفيت , أريد أن أعرف ما حكم هذه المرأة هل تصوم الستين يوماً أو عليها قضاء ؟ وأتمنى أن يصلني الرد في أسرع وقت وهي تريد أن تتأكد .
أولاً :
تمنى علينا الأخ السائل أن يصل ردنا عليه في أسرع وقت ، وقد قال في أول سؤاله إن الحادثة مرَّ عليها ( عشرون سنة ) ! وهذا مما يدعو للتعجب من بعض الإخوة السائلين والذين ينتظرون سنوات ثم يسأل الواحد منهم عن الحكم !!
والواجب على المسلم أن لا يتهاون في أمور دينه ، وأن يسارع بالسؤال والاستفسار عما يحتاج إليه .
ثانياً :
وأما جواب ما سألت عنه : فإذا كانت الأم قد وضعت ( الكاز ) في مكانه المعتاد ، وبعيداً عن متناول الأطفال ، فذهب إليه الولد وشرب منه ومات : فليس على الأم شيء لأنه لم يقع منها تفريط أو تقصير ، وأما إن وضعته في غير مكانه المعتاد ومكَّنت أطفالها من اللعب به ، وسهَّلت لهم الوصول إليه فشرب منه أحدهم فمات : فهذا يعتبر قتل خطأ تجب فيه الدية – وهي مائة من الإبل – تدُفع لورثة الطفل من غير أن تأخذ هي منها شيئاً ، وعليها الكفارة وهي عليها عتق رقبة فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين .
وقد سئل الشيخ صالح الفوزان مثل سؤالك :
كان لي أخ صغير يبلغ من العمر سنة ، وقد توفي على إثر شربه شيئًا من ( الجاز ) كانت أخته قد وضعته أمام الباب دون علم الوالدة ، فتناوله الطفل وشرب منه ، ثم توفي ، ومن شدة حزن الوالدة عليه شربت من ذلك المشروب لتجرب هل يؤثر عليها كما أثر على ولدها أم لا ؛ فهل عليها شيء في شربها ؟ وهل عليها كفارة بسبب وفاة ولدها نتيجة شربه ذلك أم لا ؟
فأجاب :
" أولاً : نوجه بأن الأطفال ينبغي العناية بهم ورعايتهم وإبعادهم عما يضرهم ؛ فلا يتركون أمام شيء أو عند شيء فيه خطر عليهم .
وأما ما ورد في السؤال من أنه وضع إناء فيه ( جاز ) وشرب منه طفل ، ومات على إثر ذلك ؛ فهل على والدته شيء ؟
إن كانت والدته مفرطة بأن تركته عند هذا المشروب الضار وشرب منه : فإن عليها عتق رقبة إن أمكن ، فإن لم يمكن : فإنها تصوم شهرين متتابعين ، كفارة عن تفريطها في هذا الطفل .
أما إذا لم تكن مفرطة بأن تركت الطفل في مكان بعيد ، وجاء هو وشرب من هذا : فإنه لا شيء عليها ؛ لأنها لم تفرط .
أما ما ورد في السؤال من أن الوالدة شربت من هذا الشراب الذي شرب منه الطفل وقتله لترى هل هو يقتل أو لا : فلا يجوز لها ذلك ؛ فإنه لا يجوز للإنسان أن يتناول شيئًا ضارّاً للتجربة ، وأنا أعتقد أنها فعلت ذلك من باب الحنان والعطف على الطفل ؛ لما في نفسها من وفاة ولدها بهذا الشراب ، فأرادت أن تخفف عن نفسها وترى هل هذا يضر أو لا يضر ، ولكن أخطأت في هذا ، حيث إنها عرَّضت نفسها للخطر ، والله تعالى يقول : ( وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) سورة البقرة/195 ، والقدر نفذ ، والحمد لله ؛ فعليها أن تصبر وتحتسب ، وعليها كما ذكرنا إذا كانت متساهلة أو مفرطة أن تكفر ، والله تعالى أعلم " انتهى .
" المنتقى من فتاوى الفوزان " ( 3 / 272 ، 273 ) .
وسبق في جواب السؤال رقم (52809) أن الدية في قتل الخطأ تكون على عصبة القاتل , وهم أبوه وأبناؤه وأعمامه ونحوهم .
والله أعلم
ساحة النقاش