النحت في اللغة وسيلة من وسائل تنمية اللغة وتكثير مفرداتها، حيث اشتقاق كلمات حديثة، لمعان حديثة، ليس لها ألفاظ في اللّغة، ولا تفي كلمة من الكلمات المنحوت منها بمعناها.. والنحت في الاصطلاح: أن تعمد إلى كلمتين، أو جملة فتشتق كلمة تدل على ما كانت تدل عليه الجملة نفسها. ولأن هذا الاشتقاق يشبه النحت من الخشب والحجارة سمِّيَ نحتاً.. وهو في الاصطلاح أخذ كلمة من كلمتين متعاقبتين، واشتقاق فعل منها.
ويعتبر الخليل بن أحمد (ت 175هـ) أوّل من اكتشف ظاهرة النحت في اللغة العربية حين قال: «إن العين لا تأتلف مع الحاء في كلمة واحدة لقرب مخرجيهما، إلاّ أن يُشتَق فعِلٌ من جمع بين كلمتين، مثل (حيّ على) كقول الشاعر:
أقول لها ودمع العين جار ألم يحزنك حيعلة المنادي
فهذه كلمة جمعت من (حيّ) ومن (على). ونقول منه (حيعل، يحيعل). من صور النحت قولنا «بسمل» المأخوذة من (بسم الله الرحمن الرحيم)، وحيعل المأخوذة من (حي على الصلاة، حي على الفلاح)، وقد ورد في كلام العرب:
لقــــد "بَسْمَلَتْ" ليلى غـــــداة لقيتها
فيـــــا حبّذا ذات الحبيب المبســـمل
ومن صور النحت تأليف كلمة من المضاف والمضاف إليه، عند قصد النسبة إلى المركب الإضافي إذا كان علماً كعبشمي في النسبة إلى عبد شمس، وعبد ري في النسبة إلى عبد الدار.
من ذلك أيضاً «لن» الناصبة، يرى الخليل أنّها مركبة من «لا» النافية و«أن» الناصبة. و«هلم»: يرى الفرّاء أنها من «هل» الاستفهامية، ومن فعل الأمر «أُمَّ» بمعنى أقصد وتعال. وقيل: «إنّها مركبة من هاء التنبيه» و«لم» بمعنى ضم. و«أيان» الشرطية مركبة من «أي آن» فحذفت همزة آن وجُعلت الكلمتان كلمة واحدة متضمّنة معناهما.
فوزي معلوف:
حيَّاك ربّــــــــيَ يا روحـــي وريحـــاني
فأَنـــــــتِ في الأرض معبوري وإيماني
لِلّه عيناكِ هـــــل عينـــــــاكِ أَدركتا
مـــا أَجَّجت في قلـــوبِ الأُسدِ عينانِ
لِلّــــه قلـــبكِ إذ قلبي يطــــارحــــهُ
وجـــــدي فيخفق ولهانــــاً لولهـــانِ
في أضلعــي من لهيب الحبِّ نارُ جوىً
مـا زلتُ أسكـــب فيها مــــاءَ أَجفاني
لــــــولا دمٌ عــــــربيٌّ في العروق جرى
هجرتُ مــن أَجلكِ الدنيا وأوطـــــاني
لبَّيكُمُ يـــــا أُبــــــاةَ الضَّيمِ هـــــأنذا
مــــــا خــاب ظنُّكُمُ في شبل قحطانِ
روحي ومــــــا ملكت كفّي فدى وطني
فلينسج المـــــوتُ منذُ اليوم أَكفـاني
ساحة النقاش