كلما جرى التخصيب بالأنابيب في سن مبكرة كانت نتائجه أفضل

كشفت دراسة حديثة نُشرت في العدد الأخير من دورية «التناسل البشري»، عن أن نحو نصف النساء اللاتي أصبحن حوامل عن طريق التخصيب بالأنابيب بعد بلوغهن 40 سنة قلن إنهن صُدمن من اكتشافهن بأنهن بحاجة إلى علاجات زيادة الخصوبة قبل الإقبال على تجربة التخصيب بالأنابيب. وفي هذه الدراسة، قام باحثون من جامعة كاليفورنيا بسان فرانسيسكو بإجراء مقابلات مع 61 امرأة، كان من بينهن من حملت ووضعت بعد بلوغ 40 سنة عن طريق التخصيب بالأنابيب، وذلك خلال الفترة ما بين 2009 و2011، فتبين للباحثين أن غالبية النساء الأميركيات يجهلن أن مستويات الخصوبة تتراجع بعد تجاوزهن 42 سنة.

قال الباحثون الذين أجروا الدراسة: «وجدنا أن النساء لم يكن لديهن وعي واضح بشأن العمر الذي تبدأ فيه مستويات خصوبتهن بالانحدار والتراجع». فمعظم النساء اللاتي شاركن في الدراسة كن يعتقدن أن معدل الخصوبة يظل عالياً لفترات أطول. فمثلاً، 31% من هؤلاء النساء قُلن إنهن كن يتوقعن أن يجدن سهولة في الحمل عند بلوغ الأربعين. ويفيد الباحثون بأن «قليلات فقط من المشاركات كن واعيات بأنهن قد يحتجن إلى اللجوء إلى تقنية التخصيب بالأنابيب، بينما قالت 44% منهن إنهن «صُدمن» عندما تبين لهن أن معلوماتهن عن تراجع الخصوبة مع التقدم في العمر لم تكن دقيقة».

قرار الإنجاب

 

الباحثون لاحظوا أن أقل من ربع هؤلاء النساء قُلن إنهن كُن ليحاولن الحمل في وقت مبكر إذا كُن يعلمن أن الخصوبة تنخفض مع التقدم في السن. ويقول هؤلاء النساء إن ظروف حياتهن الخاصة لم تكن تُشجعهن على اتخاذ قرار الولادة في وقت مبكر.

 

وليست فرص المرأة في الحمل بشكل طبيعي هي التي تتراجع فقط، بل إن فرص نجاحها في الإنجاب عبر الاستعانة بتقنية التخصيب بالأنابيب تنخفض أيضاً. ففرصة نجاح دورة العلاج بالتخصيب بالأنابيب تنخفض من 41% في 35 سنة إلى 4% بعد تجاوز 42 سنة. وقد أظهرت هذه الدراسة وغيرها أن معظم النساء الأميركيات يجهلن تناسب تراجع فرص الإنجاب بشكل عام مع التقدم في العمر. وسجل الباحثون أن ثلاثة أرباع النساء اللاتي نجحن في الإنجاب عبر التخصيب بالأنابيب، شعرن بأنهن محظوظات مقارنة بغيرهن.

وبحسب إحصاءات مراكز مراقبة الأمراض والوقاية؛ فإن قلة الخصوبة تُصيب نحو 12% من النساء الأميركيات في سن الإنجاب. ومن بين أسباب ارتفاع هذه النسبة، الاتجاه السائد حالياً لدى شريحة كبيرة من النساء بتأجيل الإنجاب. فكل امرأة واحدة من كل خمس نساء أميركيات، تحصل على الابن الأول بعد بلوغها 35 سنة، وهي نسبة أعلى بثماني مرات مما كانت عليه الحال منذ نحو جيل.

وعندما لاحظ الباحثون في هذه الدراسة أن عدداً من المشاركات لديهن معتقدات خاطئة عن تغير معدلات الخصوبة لدى المرأة، تبين لهم أن 28% من هؤلاء النساء اكتسبن هذه المعلومات غير الدقيقة من صديقاتهن، أو أطبائهن أو من وسائل الإعلام، وجميع هذه البيانات المغلوطة تصب في خانة سهولة إنجاب المرأة في أي وقت. فإحدى النساء المشاركات تقول «كل امرأة يمكنها أن تُرزَق بمولود عند بلوغها سن الأربعين. فكل نجمات الفن والتمثيل والغناء يُنجبن بعد الأربعين».

الحاجة للتثقيف

أظهرت الدراسة أن ربع النساء المشاركات استقين معلوماتهن حول الخصوبة من رسائل تداولنها مع أخريات وسمعنها منذ وصولهن إلى مرحلة البلوغ. وتقول امرأة أخرى «كثير من المتزوجات، خصوصاً العاملات منهن، يعمدن إلى تأجيل الإنجاب حتى لا يتأثر مجرى حياتهن على المستوى الاقتصادي أو التعليمي، أو حتى الجسماني. والحال أن الحمل والإنجاب لا يتحققا بالسهولة التي يتصورنها». وكشفت الدراسة كذلك أن ربع المشاركات قلن إن معتقداتهن مبنية على المعلومات التي تلقينها من أمهاتهن وأخواتهن.

ويبقى من غير الواضح بالضبط ما الذي يمكن القيام به من أجل تحسين طرق تثقيف النساء وتوعيتهن حول الخصوبة. فالباحثون أنفسهم كانوا بطيئين في توصيل المعلومات المستجدة والمحدثة الخاصة بمنحنى خصوبة المرأة في مختلف مراحلها العمرية. وعلى سبيل المثال، كان باحثون فرنسيون قد أصدروا تقريراً سنة 1982 تناول مشكلة تراجع الخصوبة على نطاق مجتمعي واسع، وأفاد بأن فرص نجاح التلقيح الصناعي تتراجع مع تقدم المرأة في العمر. لكن الجمعية الأميركية للصحة الإنجابية لم تتخذ قرار منح أولوية للنساء اللاتي تجاوزت أعمارهن 35 سنة في الحمل عن طريق الأنابيب إلا سنة 2000.

من جهة أخرى، يفيد الباحثون بأن الرسائل التي تُتداول في المجتمع حول انخفاض الخصوبة قد تكون لها «تداعيات اجتماعية غير مرحب بها». فحملات التوعية العامة التي أطلقتها السلطات الصحية الأميركية في الفترة ما بين سنتي 2000 و2002 انتُقدت بشدة بسبب الضغط الذي مارسته على النساء من أجل التعجيل بالإنجاب حتى قبل أن يكن مستعدات لذلك. كما أن بعض الجهات اعترضت على هذه الحملات التشجيعية على الإنجاب بدافع أنها ستؤثر على مسارات الحياة التعليمية والمهنية للمرأة. بل ذهب آخرون إلى أبعد من ذلك، وقالوا إنها ستؤثر على عجلة الاقتصاد الأميركي برمتها نظراً لكون النساء يمثلن شريحة واسعة من القوة العاملة. ومع أن الحملات الداعية إلى التعجيل بالإنجاب استمرت رغم الانتقادات التي وجهت إليها، إلا أن معظم النساء واصلن تأجيل الإنجاب إلى مراحل عمرية متأخرة.

هشام أحناش

عن «today.com»

خلاصة الدراسة

تفيد البيانات الخاصة بعمليات التخصيب بالأنابيب، بأن هذه الأخيرة تراجعت بدورها نظراً لأن تضاؤل فرص الإنجاب لا تقل لدى النساء اللاتي يخترن الإنجاب بشكل طبيعي، لكن أيضاً لدى النساء اللاتي يضطررن إلى الإنجاب بتقنية التخصيب بالأنابيب بسبب ضعف الخصوبة، أو من أجل تلافي مخاطر الولادة الطبيعية في سن متأخرة. ويختم الباحثون دراستهم بالقول إن «هذه الإسقاطات تثير من جديد مسألة توعية النساء والرجال وتزويدهم بثقافة صحيحة ومعلومات دقيقة حتى يتسنى للأزواج والزوجات إدارة صحتهم الإنجابية على نحو أفضل، وتكوين أسر يتمتع أفرادها بصحة جيدة».

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 50 مشاهدة
نشرت فى 25 ديسمبر 2012 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,305,749