وافقت شركة جوجل على دفع تعويضات للصحافة البلجيكية الصادرة باللغة الفرنسية، وفق اتفاق سري تم توقيعه مؤخرا بين ناشري هذه الصحف اليومية وجمعية حقوق الملكية للصحفية وشركة جوجل. ويستفيد من هذا الاتفاق الصحف اليومية للمجموعات الإعلامية «روسل» و«بلجيكا الحرة» و«لافينير»، منهيا بذلك نزاعا دام ست سنوات حول الاستخدام غير المصرح به للمقالات والروابط.

نسب تقرير نشر في صحيفة «لوموند» لأحد الناشرين الذين شاركوا في الاتفاق قوله إن جوجل ستدفع مبلغاً يمثل ما نسبته بين 2 و3% من حجم أعمال الصحافة البلجيكية الصادرة بالفرنسية، أي نحو خمسة ملايين يورو. وينص الاتفاق على دفع جزء من هذا التعويض للصحفيين عبر الجمعية التي تحمي حقوقهم.

وأنهى الاتفاق توترا سائدا بين الجانبين منذ ست سنوات. وكانت القضية بدأت حين قامت جمعية «كوبي برس» التي تدافع عن مصالح الصحافة الفرنكوفونية بمقاضاة جوجل في العام 2006 أمام المحاكم لأنها اخترقت حقوق المؤلفين، وذلك في إشارة إلى إعادة جوجل نشر مقالات أو روابط لها عبر موقعها الإخباري.

ونصت الدعوى آنذاك على عدم السماح لجوجل بوضع روابط لمقالات الصحف على موقع أخبار جوجل من دون دفع مقابل لذلك أو الحصول على ترخيص من الصحيفة المعنية.

وفي حكم أولي تمت إدانة الشركة الأميركية والحكم عليها بسحب المقالات موضع النزاع من موقعها الإخباري مع غرامة مقدارها 25 ألف يورو عن كل يوم تأخير في هذا السحب.

وعلى إثر ذلك الحكم بدأت في العام 2007 جولة مفاوضات أولى عرضت خلالها جوجل تعويضا وصفه الناشرون البلجيكيون حينها بأنه «تافه»، الأمر الذي ساهم في إعادة تثبيت الحكم السابق على يد محكمة الاستئناف في بروكسل في مايو 2011. وفي ضوء ذلك توقف محرك البحث الأميركي العالمي عن الإشارة للصحافة البلجيكية على موقعه الإخباري. لكن جوجل تراجع عن الذهاب إلى محكمة التمييز ثم فضّل مؤخرا التفاوض مجددا مع الناشرين.

وينطوي الاتفاق الجديد مع البلجيكيين على تفاهم عالمي يشمل الالتزامات التي فرضها القضاء إضافة إلى تعويض لم يكشف عنه مقابل الاستخدام «غير الصريح» لمحتويات الصحافة. وقالت جوجل إن «الاتفاق لا ينص على الدفع مسبقا للناشرين والكتاب البلجيكيين مقابل وجود محتوياتهم في خدماتنا».

وعلى خلفية شيوع خبر الاتفاق، قالت صحيفة «لوموند» إن «جوجل لا يتمنى أن يشكل هذا الاتفاق كرة ثلج في باقي الدول الأوروبية لأن ذلك يفتح أمام عملاق البحث أبوابا لا حدود لها. وهذا ما يفسر التزام الأطراف الموقعة على الاتفاق بعدم الإعلان عن قيمة التعويضات. واتفق الجانبان على بحث سلسلة تفاهمات أخرى مستقبلا من أجل إمكانية تطوير شراكة تجارية».

ومن ذلك إمكانية استخدام جوجل أيضا للمقالات المدفوعة في الصحافة البلجيكية الصادرة بالفرنسية بشكل يتيح للأخيرة الترويج أكثر لهذه الفئة من محتوياتها، كما إن الصحف المعنية ستعتبر جوجل بمثابة شريك في وسائل تسويقها وإعلاناتها.

إضراب «لوسوار»

من غير المعروف مدى تأثير تعويض جوجل على تحسين أوضاع هذه الصحف التي تتحدث عن تراجع واردتها الإعلانية، ويتجه بعضها إلى تقشف في إنفاقه وإلى الاستغناء عن موظفين.

وقد بدأ موظفو صحيفة «لوسوار» (المساء) التابعة لمجموعة «روسل» ببروكسل إضرابا بعد يومين من إعلان الاتفاق مع جوجل.وذلك على إثر تبلغهم عن مشروع أقرته المجموعة، وينص على خفض عدد الصحفيين والموظفين والعاملين في الصحيفة بنسبة 10% من أصل 340 هو تعداد جهازها البشري.

إنذار بالاضراب

وكان موظفو الصحيفة، التي تحتفل هذا العام بمرور 125 عاما على تأسيسها،قد وجهوا إنذارا بالإضراب، وقرروا منعها من الصدور يوما واحدا، في حين أكد مسؤولون في مجموعة روسل أن قرارهم بصرف عدد من الوظائف عائد إلى انخفاض العوائد الإعلانية، وأن عليهم تعويض ذلك عبر خفض عدد صفحات «لوسوار» لتوفير 1.4 مليون يورو، وخفض كلفة رواتب العاملين لتوفير 3.8 مليون، عبر تشجيع التقاعد المبكر لمن تزيد أعمارهم عن 55 سنة إضافة في تشجيع الاستقالات أمام الباقين. ويذكر أن عدد الصحفيين العاملين في «لوسوار» حاليا يبلغ 107، ويسود بينهم اعتقاد بأن صرفهم سيجعل من الصعب على الباقين إصدار الصحيفة، والحفاظ على مستواها، كما يشككون في نية صرفهم بعد الإعلان عن مشاريع جديدة مكلفة للتطبيقات الرقمية للصحيفة مثل عرض تقديم لوحة قراءة إلكترونية للقراء الذين يشتركون في نسختها الرقمية مقابل 30 يورو شهريا.

والجدير بالذكر أن «لوسوار» تملك أيضا عددا من الصحف المناطقية منها «سود برس»، كما إنها تنشط في مجال الصحافة المجانية، وتملك حصصا في مجلة «إيكو» للأخبار المالية اليومية. وللمجموعة أيضا عدد من الإصدارات في فرنسا منها صحيفتا «لا فوا دو نور» و»لو كوريييه»، وكانت اشترت مؤخرا بعض إصدارات مجموعة «هيرسنت»، وحققت المجموعة في السنة السابقة عشرة ملايين يورو خالية من الضرائب.