لكبيرة التونسي
أثارت دراسة تقول إن ضرب الأطفال يسبب بعض الأمراض، ما نهض بمخاوف بعض الآباء، ومع ذلك لا تزال تصرفات بعضهم ممن عاشوا في بيئة عنيفة، تعكس الجو الذي تربوا فيه، ما يجعلهم يعاودون ممارسة ما تلقوه في صغرهم، بحيث يبين الاختصاصيون النفسانيون أن ما يتلقاه المرء في صغره من عنف يعاود إنتاجه على أولاده بطريقة لا إرادية، إذ يجد نفسه يمد يده على ابنه ويضربه أو يدفعه دلالة على عدم قبول سلوكياته أو يعرضه لإهانة لفظية، كل ذلك تمارسه الأم أو الأب رغم الحب الجارف للأبناء، لكن الاندفاع نحو العنف يكون أقوى من المشاعر، وعادة ما يصدر عن الأهل الذين يعنفون أبناءهم سلوكيات عكسية غير متوازنة لإرضاء الطفل بعد الضرب، ما يجعل الطفل يعيش في بيئة مشاعرية غير متوازنة، ناهيك عن الاختلالات النفسانية التي يتعرض لها مستقبلاً، حيث تؤكد بعض الدراسات أن الأطفال الذين يتعرضون للضرب يكونون عرضة لبعض الأمراض.
وفي هذا الإطار، أظهرت دراسة جديدة أن ضرب الطفل والصراخ يزيدان خطر إصابته بالسرطان وأمراض القلب والربو مستقبلاً، إذ ذكرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن باحثين في جامعة «ملايماوث» وجدوا أن الأهل الذين يصرخون أو يضربون أولادهم يجعلونهم أكثر عرضة للإصابة بمشكلات صحية لاحقاً، من بينها الإصابة بالسرطان، وأمراض القلب والربو، وقال العلماء إن سبب هذا الرابط بين التأنيب والإصابة بالأمراض المذكورة، قد يكون وضع الأطفال تحت إجهاد نفساني، وأوضحت الدراسة أن زيادة معدلات الإجهاد النفساني تسبب تغييرات بيولوجية عند الشخص، ما قد يؤدي إلى مشكلات صحية خطيرة، إذ تأكد أن الإجهاد النفساني في الحياة المبكرة، على شكل سوء معاملة وأذى، يخلق تغييرات طويلة المدى تجعل الشخص عرضة لاحقاً للمرض.
وقالت الدراسة التي شملت بعض الدول العربية، إن المصابين من الأطفال بالسرطان تعرضوا للضرب في صغرهم، موضحة أن استخدام العقاب الجسدي تراجع في العالم، لكن 50% من الأطفال في أرجاء مختلفة من العالم ما زالوا عرضة له.
والواقع يبين أن ضرب الأطفال يجعل الصغير منطوياً على نفسه، أو يعاني زيادة في الحركة، ويترك آثاراً سلبية على شخصيته في الحاضر والمستقبل، ويعيق تقدم هذه الشريحة في مجال العلم والاستمرار في الدراسة، إذ يلجأ العديد من الآباء لهذه الوسيلة السهلة المتمثلة في ضرب الصغير دون المحاولة لإيجاد طرق لإقناعه، والوصول معه لحلول، ما يجعل الطفل يشعر مع الوقت أن الضرب أمر لا مفر منه، وتقليداً يومياً. وفي هذا الإطار، فهناك بعض الأطفال الذين تعودوا على الضرب لدرجة أنه أصبح عادياً بالنسبة لهم، ما جعلهم يمارسون الضرب أنفسهم ويعاودون إنتاجه في كل البيئة المحيطة بهم، ويظهر ذلك في إطار تماسهم مع أصدقائهم أو زملائهم في المدرسة، أو في إطار اللعب الجماعي.
ساحة النقاش