جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
مثنى علوان الزيدي
|
بسم الله الرحمن الرحيم
قلب المؤمن يواجه الإعصار والاعتصار في مواقف لا تعد في الحياة ، منذ أن يولد إلى أن تأتي لحظات الوداع ، وتحمُّل هذه المواقف هي الحياة نفسها "لقد خلقنا الإنسان في كبد" ، ولكن!! لاتحمُّل في حالة واحدة أعتبرها معجزة ، هي وقت المساس بالنبي محمد.
ويظن المؤمن بأن المساس به صلى الله عليه وسلم يضعفه كشخص ويضعفها كأمة أو يُميتُها ، وهذا ظن خاطيء ، بل ردود الفعل الإسلامية الطارئة والمستديمة أثبتت عكس الاعتقاد.
فهم يخادعون ويمكر الله ، والله خير الماكرين ، هذا قانون القرآن ، ولكن المكر الإلهي اليوم تعدى العذاب الاُخروي أو الدنيوي مما تعارف العقل عليه كمكر مُكرت به الامم السابقة المحاربة لانبيائها الى ان اصبح المكر الالهي على لسان اهل المكر انفسهم ، وهذا في رأيي اقسى انواع المكر على الاطلاق قلَّ المنتبهون له.
فالمكر في سياق قرآني مدح ، فكان مكره مدحا له ومكرهم ذما عليهم ، وليس صفة مَنْقَصٍ لانه يدل على تمام القوة والتمكن، ولا تطلق هذه الصفة على الله مفردة بل تطلق كما أطلقها القرآن الكريم، أي في مقابلة من يخدعون.
ولنكتة لطيفة لم اصفهم بمكر وانما وصفتهم بخداع وبينهما فرق ، فالمكر السيئ أشد خبثاً وانكى أثرا في الممكور به لأنه لم يكن يتوقع حدوث السوء من الماكر ، وهو اخف وطأة على المخدوع حيث انه كان ينتظر السوء ولكنه أتاه من حيث لا يحتسب ، فهل نحن مخدوعون بالاستهزاء بالنبي صلى الله عليه وسلم؟ والجواب: نعم ، لاننا على انتظار للسوء ولم يفاجئنا الا وقت اتيانه وطريقة وقوعه ، بل هو مما تكرر على الدوام ويتكرر ، وما ذكر المكر في القران الا حين لم يُتوقع صدوره فكان مفاجئا ممن مَكَرْ ، اذن هي خدعة.
أما الجانب الإلهي فلا عقاب خدعة وإنما عقاب مكر ، لأن الذي مكر من العباد في غفلة من المكر الإلهي وأمن تام من أن يأتيه سوء من الله لأنه لا يؤمن بالله أصلا ، فحال الله مع الماكر أصبح كحال الماكر مع المَمكور به ، ينسج العمل ولا يعلم الآخر بما ينسج له فكان مكر الله جزاءً من جنس العمل.
فما كان من إساءة هو الخداع وما كان من رد فعل من الجانب الغربي نفسه هو مكر لم يكن على سحائب الحسبان لمن قام بالخديعة والاستهزاء بمقام النبوة.
فما احد منهم تخيل يوما من الايام ان يقول اسقف الكنيسة القبطية في لوس انجلس: "صانعوا الفيلم المسيء خرجوا عن تعاليم ديننا" أو يقول "الانبا بولا" وهو المتحدث الرسمي باسم الكنيسة الارثوذكسية: "ان انتاج هذا الفيلم جزء من حملة خبيثة تستهدف الاساءة للاديان" أو يقول "المهندس عبد السيد عبد الملك" رئيس المنظمة القبطية العالمية في المانيا: "اننا نعتذر رسميا لكل مسلمي العالم" ، وتكتمل الصورة برد فعل الفاتيكان وادانته للاستفزازات بحق المسلمين كما نقلت وكالة "فرانس برس العالمية" على لسان "فدريكو لومباردي" المتحدث باسم الفاتيكان ، وكل هذا على فرض من قال ان ديانة المنتج والكاتب "نصرانية" وهذا ليس بصحيح وانما اصل ديانته "يهودية" واسمه الحقيقي "سام باسيلي" ويبلغ من العمر 56 عاما.
ولم يظهر في الفيلم إلا باسم "تيري جونز" الذي هو نفسه من طلب التظاهرة لحرق المصحف في "لوس انجلس" ولم يخرج معه احد الا 20 فردا من بين الاف الاقباط.
لكن هذا المكر قاصر في النظر البشري ان لم يكن نصرانيا وهو الصحيح ، لكنه مكر ليس قاصرا لما نستمع اليوم الى المتحدث باسم الخارجية للكيان الصهيوني المحتل "ايغال بالمور" : "ان سرائيل تنأى بنفسها عن مخرج الفيلم ولا علاقة لها به على الاطلاق".
وليس المكر قاصرا اذ يقول الممثلون انفسهم : "تعرضنا للتضليل بشأن نوايا الفيلم...وانه جرى استغلالهم من قبل المنتج" وهؤلاء عددهم 80 ممثلا.
فهم يخدعون ، لكن الله يمكر ، وشتان بين الخديعة والمكر ، وما ذابت خدعتهم الا في بحر المكر الالهي ، وهو اعلى درجاته اذ يكون على لسانهم هم.
فالله خير الماكرين ، قال المفسرون : "إنَّهُ "المكر" حسن الظَّاهِر "وشعروا بأنهم احسنوا بالفعل" سيّء الْعَاقِبَةِ "كانت اشدها وعلى لسانهم"، هُوَ خَيْرٌ مَحْضٌ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ إِلَّا الصَّلَاحُ الْعَامُّ، وَإِنْ كَانَ يُؤْذِي شَخْصًا أَوْ أَشْخَاصًا، فَهُوَ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ مُجَرَّدٌ عَمَّا فِي الْمَكْرِ مِنَ الْقُبْحِ، وَلِذَلِكَ كَانَتْ أَفْعَالُهُ تَعَالَى مُنَزَّهَةً عَنِ الْوَصْفِ بِالْقُبْحِ أَوِ الشَّنَاعَةِ، لِأَنَّهَا لَا تُقَارِنُهَا الْأَحْوَالُ الَّتِي بِهَا تُقَبَّحُ بَعْضُ أَفْعَالِ الْعِبَادِ مِنْ دَلَالَةٍ عَلَى سَفَاهَةِ رَأْيٍ، أَوْ سُوءِ طَوِيَّةٍ، أَوْ جُبْنٍ، أَوْ ضَعْفٍ، أَوْ طَمَعٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. أَيْ فَإِنْ كَانَ فِي الْمَكْرِ قُبْحٌ فَمَكْرُ اللَّهِ خَيْرٌ مَحْضٌ، وَلَكَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَنْ تَجْعَلَ «خَيْرُ» بِمَعْنَى التَّفْضِيلِ وَبِدُونِهِ.
ولكن هذه الاحوال تقارنت بهم ودلت عليهم بالفعل من السفاهة والقبح والجبن والضعف ، كما ان البعض من امتنا من حاول التشبه بهذه الاحوال لابتعاده عن منطوق الوحي ليس دالا على واقع التدين ، ولكن الغالب هو الانضباط بالنصوص في ان للمكر انواعا كما ان لرده طرقا تتغير بتغير الاحوال.
وقد غاب عنا وجه من أوجه المكر الالهي ، هو "مكر الرفق" ، هكذا اسميته ، وهو صيرورة البعض منهم الى الاسلام بعد اعتناق اديانهم دهورا ، ومنهم مشاهير ، ولا يفوت أعلان وكالة "براس" ان المركز الدعوى الاسلامى فى ولاية واشنطن بأمريكا أعلن انه فى خلال ثلاثة ايام منذ نشر الفيلم المسئ للنبى محمد صلى الله عليه وسلم على موقع اليويتوب اعتنق الاسلام مايقارب 360 الف أمريكى ، اشهروا اسلامهم فى المركز الدعوى الاسلامى بأمريكا بعد استفسارهم عن الدين الاسلامى الحنيف وعمل محاضرات جماعية خلال 24 ساعة وأقبال شديد على المركز الاسلامى من قبل الامريكان لمعرفة حقيقة هذا الدين ، فهاته 360 الف امريكي يسلمون في سويعات معدودة لولا مكر الله سبحانه ، واما من المشاهير فان المصارع الشهير "اندرتيكر" أو "الحانوتى" اشهر اسلامه ، فسار على هدي صاحبيه الملاكم الشهير "مايكل تايسون" و "محمد على كلاى" الَّذَين سبقوه .
افلا يجذل مسلم بذلك ؟ وهو يرى مكر الله مساوق لافعال وكفت على اصحابها؟ ام لايجذل مسلم بذلك وقد رأى النور من كان اعمى؟ أم لا يبهج من رأى وعد الاله تحقق؟ فقد صدق الله ان الله لا يخلف الميعاد.
|
المصدر: صيد الفوائد
ساحة النقاش