إسماعيل ديب

لا بد من الاعتراف بأن هناك عزوفاً عن تعلم العربية لأسباب كثيرة ومتعددة الجوانب، وفي النحو خاصة، إذ يمكن القول إن هناك ما يشبه الرهاب «الفوبيا» من النحو والقواعد على وجه التحديد بين أبناء الجيل الجديد، بسبب الخلل في طرق تدريس العربية وتقديمها، فالإعراب إعراب معنى قبل أن يكون قواعد، ولو استطلعنا أسباب الخوف من العربية والعزوف عنها، لوجدنا أن قواعد النحو وتفصيلاتها التي تحتاج إلى طرق شائقة تجذب المتعلم، هي من أهم الأسباب، وهنا لا بد من التنويه لدور وسائل الإعلام من برامج وأعمال فنية وثقافية في تعزيز دافعية المتعلم لتعلم العربية، فقد لعب كثير من الأعمال الفنية دوراً سلبياً في إبراز صورة العربية، بتصويرها النحو والنحويين بصورة ساخرة تجعل مهمة تعلم العربية كالضرب في الصخر.

ويروى أن أبا القاسم بن برهان الأسدي كان يقول لأصحابه: إياكم والنحو بين العامة، فإنه كاللحن بين الخاصة، ولهذا روي: حدثوا الناس بما يعقلون أتحبون أن يكذب على الله ورسوله. ودخل أبو علقمة النحوي على أعين الطبيب، فقال: امتع الله بك، إني أكلت من لحوم هذه الجوازم فطسئت طسأة فأصابني وجع من الوالبة إلى ذات العنق، فلم يزل يربو وينمو حتى خالط الحلب والشراسيف فهل عندك دواء؟ قال: نعم خذ حرقفاً وسلقفاً وسرقفاً فزهزقه وزقزقه واغسله بماء روث واشربه، فقال أبو علقمة: لم أفهم عنك هذا، فقال: أفهمتك كما أفهمتني. ودخل أبو علقمة النحوي سوق الجرارين بالكوفة، فوقف على جرار فقال، أجد عندك جرة لا فقداء ولا دباء ولا مطربلة الجانب، ولتكن نجبة خضراء نضراء قد خف محملها وأتعبت صانعها، قد مستها النار بألسنتها، إن نقرتها طنت، وإن أصابتها الريح رنت؟ فرفع الجرار رأسه إليه ثم قال له: النطس بكور الجروان أحر وجكى، والدقس باني والطبر لري شك لك بك، ثم صاح الجرار: يا غلام شرج ثم درب وإلى الوالي فقرب، يا أيها الناس، من بلي بمثل ما نحن فيه؟ وأنشد لثعلب: إن شئت أن تصبح بين الورى ما بين شتـام ومـغـتـاب

فكن عبوساً حين تلقاهــــــــم وكلّــــم الـناس بـإعـراب

 

الشاب الظريف:

 

لا تُخْفِ ما صَنَعَتْ بــــــِكَ الأَشْواقُ

واشْرَحْ هَــــــوَاكَ فَكُلُّنا عُشَّـــــــاقُ

قد كانَ يخفِي الحُبّ لو لا دمعكَ الـ

ــــــــجَارِي وَلــــــــَولا قَلْبُكَ الخَفَّاقُ

فعَسَى يُعينُكَ مَنْ شَكَوْتَ لَهُ الهَوَى

في حَمْلِهِ فالعَاشِقُــــــون رِفَــــــــاقُ

لا تجزَعــــــَنَّ فَلَسْتَ أوّلَ مُغْـــــــرَم

فَتَكَتْ بِـــــــهِ الوَجْنَاتُ والأَحـــْدَاقُ

واصبر على هجر الحَبيبِ فربَّمـــــــــا

عــــَادَ الوِصالُ وللهوى أخــــــــلاقُ