سُئل ابن سيرين عن رجل فقال: تُوفّي البارحة، فلما رأى جَزَع السائل قال: «الله يَتوفَى الأنفسَ حين مَوْتها، والتي لم تمُتْ في مَنامها» وإنما أردتُ بالوَفاة النوم.. ومَرِض زيادٌ فدخل عليه شُريح القاضي يَعوده، فلمِّا خَرج بعث إليه مَسْرُوقُ بن الأجدع يسأله: كيف تركتَ الأمير قال: تركتُه يأمر وينهى، فقال مَسروق: إن شُرَيحاً صاحبُ تَعرِيض «عَوِيص».
وكان سِنان بن مُكمِّل النُميريّ يُساير عُمر بن هبيرة الفَزاريّ يوماً على بَغلة فقال له ابن هُبيرة: غُضَّ من عِنان بَغلتك فقال: إنها مكتوبة أصلح الله الأمير، أراد ابن هُبيرة قول جرير:
فغُضَّ الطَّرْفَ إنك مـن نُميــر فلا كَعْبــاً بلغـــــتَ ولا كلابَا
وأراد سِنَان قولَ الشاعر:
لا تَأمنــنَ فَزاريَّاً خَلـــوتَ بـــه على قَلُوصك واكتُبْها بأســْيارِ
ومرّ رجل من بني تَميم برجل من بني نُمير على يده بازي فقال التَّميميُ للنّميريّ: هذا البازي لك فقال له النُّميري: نعم وهو أهدَى من القَطا، أراد التميميُّ قولَ جرير:
أنا البازي المُطِـــلّ على نُمَيْــر أُتِحْتُ لهـــا من الجوِّ انصبابَا
وأراد النميري قول الطِّرِمْاح:
تَميم بطُرْق اللُّؤم أهــدَى من القَطَا
ولو سَلكت سُبْل المــــكارم ضَلَّتِ
وقال مُعاوية لعبد الرحمن بن الحَكم: استعْرِض لي هذين الفَرسين فقال: أحدُهما أجَشُّ والآخر هَزِيم يعني قولَ النَّجاشيّ: ونَجَّى ابن هِنْد سـابحٌ ذو عُلالةِ أجشُّ هَزيــم والرِّمـــاح دواني
فقال مُعاوية: أما إنَ صاحبَهما على ما فيه » لا» يُشئب بكَنائنه.
وشاور زيادٌ رجلاً من ثِقاته في امرأة يتزوَّجها فقال: لا خير لك فيها إني رأيتُ رجلاً يُقبِّلها فتركها وخالَفه الرجل إليها وتزوَّجها، فلما بلغ زياداً خبره أرسل إليه وقال له: أما قلتَ لي إنك رأيتَ رجلاً يُقبِّلها؟ قال: نعم رأيتُ أباها يُقبِّلها.
وقال أعرابي لعمرَ بن الخطّاب رضي الله عنه: يا أميرَ المؤمنين احمِلْني وسُحَيما على جمل فقال: نَشدتك الله يا أعرابيّ أسُحيم هذا زِق قال: نعم ثم قال: مَن لم يَنْفعه ظنه لم يَنْفعه.
* عنترة بن شداد العبسي:
أُعاتِـــبُ دَهــراً لاَ يلِيــــنُ لعاتــبِ
وأطْلُــبُ أَمْناً مــن صُرُوفِ النَّوائِبِ
وتُوعِدُنــي الأَيَّـــامُ وعْـــــداً تَغُرُّنــي
وأعلــمُ حقـــاً أنــــهُ وعـــدُ كـاذبِ
خَدَمْـــتُ أُناســاً وَاتَّخَــذْتُ أقاربــاً
لِعَـوْنِي وَلَكِــنْ أصْبَحُــوا كالعَقــارِبِ
ولولاالهــوى مـاذلَّ مثلــي لمثلهــم
ولا خَضعتْ أُســدُ الفَـلا للثَّعالــبِ
فيَا لَيْــتَ أَنَّ الدَّهْــرَ يُدنـي أَحبَّتـي
إلــيَّ كمـــا يدنــــي إلـيَّ مصائبــيِ
ساحة النقاش