يقال إن أول من قصّد القصائد هو الأفوه الأودي
(توفي 50 ق.هـ) وهو صلاءة بن عمرو بن مالك بن عوف بن الحارث.. والأفوه لقب غلب عليه. كان من كبار شعراء الجاهلية وسيد قومه وقائدهم في الحروب.
يعد من شعراء الفخر والفروسية من دون أن يبلغ شأو عنترة وعمرو بن كلثوم لقصر نفَسه وندرة شعره.
أغارت بنو أود وقد جمعها الأفوه على بني عامر، فمرض الأفوه مرضاً شديداً، فخرج بدله زيد بن الحارث الأودي وأقام الأفوه حتى أفاق من وجعه، ومضى زيد بن الحارث حتى لقي بني عامر بتضارع ، وعليهم عوف بن الأحوص بن جعفر بن كلاب. فلما التقوا عرف بعضهم بعضاً، فقال لهم بنو عامر: ساندونا فما أصبنا كان بيننا وبينكم، فقالت بنو أود وقد أصابوا منهم رجلين: لا والله حتى نأخذ بطائلتنا . فقام أخو المقتول، وهو رجل من بني كعب بن أود فقال: يا بني أود، والله لتأخذن بطائلتي أو لأنتحين على سيفي. فاقتتلت أود وبنو عامر. فظفرت أود وأصابت مغنماً كثيراً، فقال الأفوه في ذلك:
ألا يا لهف لو شهـدت قناتـي قبائـــــل عامرٍ يوم الصـبـيب
غداة تجمعت كعـب إلـينـــــا حـــــلائب بين أفناء الحـروب
فلما أن رأونا في وغـاهـــــــــا كآســــاد الغريفة والحـجـيب
تداعوا ثم مالوا عن ذراهــــــا كفعل الخامعـات من الوجيب
وطاروا كالنعام ببطـن قــــــوٍ مواءلــــــــة على حذر الرقـيب
كان أبو النشناش من ملاص بني تميم، وكان يعترض القوافل في شذاذٍ من العرب بين طريق الحجاز والشام فيجتاحها، فظفر به بعض عمال مروان فحبسه وقيد مدة، ثم أمكنه الهرب في وقت غرة فهرب، فمر بغرابٍ على بانةٍ ينتف ريشه وينعب، فجزع من ذلك ، ثم مر بحي من لهبٍ فقال لهم: رجل كان في بلاءٍ وشر وحبس وضيق فنجا من ذلك، ثم نظر عن يمينه فلم ير شيئاً ونظر عن يساره فرأى غراباً على شجرة بانٍ ينتف ريشه وينعب، فقال له اللهبي: إن صدقت الطير يعاد إلى حبسه وقيده، ويطول ذلك به، ويقتل ويصلب. فقال له: بفيك الحجر. قال: لا بل بفيك. وأنشأ يقول لكثيرعزة في رثاء خندق الأسدي:
وسائلةٍ أين ارتحالـــــــــــي وسائلٍ
ومــن يسأل الصعلوك أين مذاهبه!
مذاهبـــــه أن الـفجاج عريضــــــة
إذا ضـــن عنه بالنـوال أقـاربـــــــه
إذا المرء لم يسرح سواما ولـم يــرح
سواما ولم يبسط له الوجــه صاحبه
فللموت خير للفتـى مــــن قـعـوده
عديماً ومن مولىً تعاف مشـاربـــــه
فلم أر مثل الفقر ضاجعــــه الفـتـى
ولا كســــــواد الليل أخفـق طالـبه
فعش معــــــــــذراً أو مت فـإنـنـي
أرى الموت لا يبقى على من يطالبه
ساحة النقاش