يخطّئ البعض من يقول: لقيتُهُ بالأمسِ في السوق، ويقولون إن الصواب هو: لقيتُه أَمْسِ في السوق. والجملتان صحيحتان؛ لأنّ أَمْسِ يُراد بها اليومُ الذي قبل يومنا الذي نحن فيه.
و(الأمس) تشمل (أمسِ) أو أيّ يوم من الأيام التي قبلها. وجمع أمسِ هو: أُمُوسٌ وآمُسُ وآماسٌ. وجاء في المعجم الكبير: " يقال: ما رأيته مُذْ أوَّلَ مِن أمْسِ، فإن لم تره يومين قبل ذلك، قُلتَ: ما رأيتُهُ مُذ أوّلَ مِن أوّلَ مِن أمسِ". "ويُقال: رأيته أوَّلَ أمس، أي في مبدأ أمسِ، قال البُحتري في إيوان كسرى: وكأنَّ اللقاءَ أوَّلَ مِن أمْـــ ــسِ، ووشْكَ الفِراقِ أوَّلَ أمْسِ وفيه ثلاث لغات – إذا أُريدَ به اليوم الذي قبل يومِك - : أولاها: البناء على الكسر مُطلقاً، وهي لغة أهل الحجاز، فيقولون: ذهب أمْسِ بما فيه، واعتكفتُ أمسِ، وعجبتُ من أمسِ "بالكسر فيهن" قال عمر بن أبي ربيعة: إنَّ الخليط تَصَدَّعوا أمْسِ وتصدَّعــــــَتْ لفراقهم نفسي
واللغة الثانية: إعرابه إعرابَ ما لا ينصرف في حالة الرفع خاصة، وبناؤه على الكسر في حالتي النصب والجر، وهي لغة جمهور بني تميم، يقولون: ذهب أمسُ بما فيه (يضمونه بغير تنوين)، واعتكفتُ أمسِ، وعجبتُ من أمسِ (بالكسر فيهما)".
واللغة الثالثة: إعرابه إعرابَ ما لا ينصرف مطلقاً، وهي لغة بعض بني تميم، وعليها قول الراجز: لقد رأيـــتُ عجباً مُذ أمْسـا عجائزاً مثل السعالي خَمْسـا يأكُلنَ مــا في رحلِهنّ هَمْسا لا تـــــرك الله لهنّ ضِرْسـا
والسَّعالي: جمع سِعْلاة وهي الغول.
"وإذا أُريد بـ "أمْس" يومٌ من الأيام الماضية، أو دخلته "أل" أو أُضيفَ، أُعرِبَ بالإجماع كما في قوله تعالى: "وَأصْبَحَ الذينَ تَمَنَوا مَكَانَه بِالْأَمْسِ يقولونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرزقَ لمن يَشَاءُ من عباده وَيَقْدِر". وقال عمر بن أبي ربيعة:
يــــــــا صاحبَيَّ قِفا نستخبرِ الطَّللا
عن بعض مَنْ حلَّهُ بالأمسِ ما فعلا" حاتم الطائي:
هل الدهرُ إلا اليوم، أو أمسِ أو غــدُ
كــــذاكَ الزّمـــــانُ، بَينَنا، يَتَــــرَدّدُ
لنا أجــــلٌ، إمــــا تناهى إمامـــــــه
فنحن علــــــــى آثــــــاره نتـــــوردُ
ولا أشتري مــــــالاً بِغَدْرٍ عَلِمْتــــــُهُ
ألا كـــــــلّ مالٍ، خالَطَ الغَدْرُ، أنكَدُ
إذا كــــــانَ بعضُ المالِ رَبـــّاً لأهْلِهِ
فـــــإنّي، بحَمْدِ اللَّهِ، مــــــالي مُعَبَّدُ
يُفــــّكّ بهِ العاني، ويُؤكَــــــلُ طَيّباً
ويُعْطَى ، إذا مَــــنّ البَخيلُ المُطـَرَّدُ
إذا ما البخيل الخــب أخمدَ نـــــاره
أقــــولُ لمَنْ يَصْلى بناريَ أوقِــــدوا
ساحة النقاش