حسن معاملة المريض من صفات الطبيب المثالي

عندما يسوء مزاجك في العمل، فإن ثمن ذلك يكون في الغالب جودة عملك. لكن الأمر يختلف عندما يكون عملك له علاقة بصحة الآخرين. ولذلك فعندما يسوء مزاج العامل في قطاع الطب والرعاية الصحية، فإن ذلك يعني أن صحة المريض وربما حياته توضع على المحك. لكن السؤال هو كيف يتعامل المريض مع الطبيب سيئ المزاج؟ هذا ما حاولت كشفَه دراسة جديدة نُشرت في العدد الأخير من مجلة «أرشيفات الطب الباطني».

يقول الدكتور إيريك توبول، مدير معهد سكريبس لعلم التأويل ومستشار مجلة «صحة الرجال»، «لم يعد معيار الطبيب الجيد هو مقدار ما يعلم ويراكم من معارف». بل إن الطبيب المثالي هو الأقدر على التواصل الإيجابي مع مرضاه. فكل مريض يذهب إلى الطبيب لسبب واحد، وهو معاناته من شيء ما بجسده.

ويكون الشخص عليل الجسد هو أحوج ما يكون إلى طبيب يهون مصابه ويحسن إليه نفسياً قبل أن يقدم له خدمة لصحة بدنه. فالطبيب الجيد هو الذي يزود المريض بتوصية محددة كأن يلجأ مثلاً للأدوية أو الجراحة، ويقدم له الخيارات المتاحة أمامه والأعراض الجانبية لكل خيار، ويشرح له لماذا يعتقد أن هذا الحل أو ذاك هو الأفضل. ويهمس الدكتور توبول في أذن كل مريض أن الطبيب الذي يُبدي للمريض أن ليس لديه الوقت الكافي للاستماع إلى أسئلته هو طبيب سيئ ولا يمكن الوثوق به.

 

سحب الثقة

 

ينصح توبول المريض بأن يقطع علاقته بكل طبيب يكرر على مسامعه أن «هذه هي الطريقة الوحيدة لعلاج هذا الأمر أو حل هذه المشكلة الصحية». كما يؤكد أن الطبيب الناجح حالياً هو الذي يتمتع بروح الفريق ويُحسن التواصل مع مرضاه وزملائه على حد سواء. فعندما يحتاج الطبيب مثلاً إلى التنسيق مع زملائه في العمل من أطباء أو جراحين أو ممرضين أو اختصاصيي تخدير، يكون المريض مدعواً إلى أن يتحقق مما إذا كان هذا الطبيب يتواصل مع جميع المعنيين بصحة المريض ورعايته بشكل جيد. وفي حال كان المريض يخضع لعلاج مرض مزمن كالسرطان أو مشكلة في القلب، فعلى الطبيب أن يكون معه واضحاً جداً ويكون على اطلاع كامل بتفاصيل ملفه وتطورات مرضه.

أما إذا فاجأه الطبيب بسؤاله عن آخر مرة تناول فيها الدواء الفلاني أو خضع فيها للإجراء الجراحي العلاني، فمعنى ذلك ببساطة أنه لم يكبد نفسه حتى «عناء» النظر إلى ملفه وسجله المرضي. وهذا طبعاً مدعاة للشك والريبة في أخلاقياته الطبية، والتي يعتبرها الدكتور توبول وثيقة الصلة بكفاءته وجدارته ومدى مسؤوليته.

ولا يختلف اثنان في كون قضاء عامل الرعاية الصحية وقتاً طويلاً في السهر على المرضى في دوام نهاري أو ليلي يعني إصابته بقدر أكبر من التعب والعياء، لكن الممارس الذي يحسن الاستفادة من التكنولوجيات الحديثة ويبرع في الاستعانة بها يجعل عمله أيسر وأقل إرهاقاً.

ويقول الدكتور توبول في هذا الصدد «من أكبر التغيرات الحديثة التي أثرت إيجاباً على قطاع الرعاية الصحية، هو أنه بإمكان أي طبيب أن يعرف كافة بيانات المريض، قديمها وحديثها، بنقرات زر بسيطة أو بتشغيل برنامج رقمي حديث، بدءاً من ضغط الدم إلى موجات مسح الدماغ».

ويفيد توبول بأن امتلاك الطبيب مهارات تتبع ملف مرضاه وتشغيل البرامج الرقمية التي تتيح له ذلك أصبح شرطاً يجب توافره عند كل طبيب. كما يضيف أن الطبيب الناجح هو ذلك الذي يُحدث باستمرار معلوماته عن كل مريض دون أن يستهين بأي منها، ولا يكتفي بتسجيلها، بل بالبحث عن مسبباتها المحتملة، ولا يجد غضاضة في مناقشة ما استعصى عليه مع زملائه الأطباء ممن يثق في آرائهم ويطمئن لكفاءتهم.

لغة الجسد

يقول الدكتور ترافيس ستورك، طبيب ممارس ومستشار مجلة «صحة الرجال»، إنه يتعين على كل صاحب جسد عليل أن ينتبه جيداً إلى لغة جسد الطبيب، فينظر إذا ما كان ينظر إليه في عينيه، ويقف أو يجلس قُبالته، أم يوزع نظراته على المريض وسقف الغرفة والأشياء المحيطة بها، أم يطأطئ رأسه تارةً، ويحركه تارةً أخرى كإشارة تعبر عن متابعة الإصغاء للمريض، وغيرها من حركات الجسد التي قد تعكس في كثير من الأحيان مدى اهتمام الطبيب بمريضه، أو مدى شروده عن سماع ما يقول.

ويضيف الدكتور توبول «الطبيب الناجح هو الذي لا يُشعرك أبداً بأن ليس لديه كثير من الوقت لفحصك حتى وإن كانت مدة جلستك معه لا تتعدى 7 إلى 12 دقيقة. وإن صادفت طبيباً يُشعرك بالذنب لمجرد أنك تأخرت خمس دقائق عن موعدك، ويحاول خصمها من مدة الجلسة، فاعلم جيداً أنه لا يستحق بتاتاً أن يظفر بثقتك، ولا يجدُر بالتالي أن تأمنه على جسدك».

ومن الأشياء الأخرى التي يرى الدكتور توبول أنها تصنف ضمن المؤشرات الجيدة التي تعطي للمريض انطباعاً إيجابياً عن الطبيب، هو سؤال هذا الأخير عن الأحوال الشخصية للمريض غير صحته. ويضيف توبول «صحيح أنه ليس مطلوباً منه أن يتذكر كل مريض على حدة، لكنه سيعرف ما يقوله، وكيف يبدأ تواصلاً حميماً ناجحاً مع المريض إنْ كان قد اطلع على ملفه جيداً قبل استقباله».

وينصح الدكتور توبول كل مريض بعدم مواصلته زيارة طبيب لا يرتاح إليه أو لا يثق فيه لأي سبب من الأسباب. كما يوصيه بألا يتردد في استبدال طبيب بثان وثالث كلما صدر منه تصرف أو سلوك غير أخلاقي، أو من النوع الذي يكسر علاقة الثقة بين المريض والطبيب.

ويقول الدكتور توبول إن إيجاد طبيب أفضل كفاءة وأحسن أخلاقاً وأخلاقيات ليس بالأمر الصعب، ويكفي أن يسأل المرء من يثق في حصافة آرائهم من أصدقائه وأقاربه أو أحد العاملين في مؤسسة صحية ليغير وجهته، طبعاً بعد أن يطلب من الطبيب الأول تسليمه ملفه كاملاً حتى لا يضطر إلى إعادة فحوص إشعاعية وإجراءات طبية لها من الأعراض ما لها.

هشام أحناش

المصدر: «واشنطن بوست»
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 128 مشاهدة

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,274,159