في الوقت الذي يقدم فيه السوريون تضحيات مذهلة للصمود أمام آلة القتل الأسدية التي تعمل على هدم كل شيء بسوريا، فقط من أجل أن يبقى طاغية دمشق في سدة الحكم، يقوم الأميركيون، بحسب ما كشفته صحيفتنا بهذا العدد، بالتواصل مع الجيش السوري الحر عبر «سكايب»! 

والمذهل أن المبعوث العربي والدولي السيد الأخضر الإبراهيمي قام أيضا بمحاورة الجيش الحر عبر «سكايب»، فهل هذا هو المطلوب؟ أو هل يمكن القول إن هذا يكفي لإنصاف الثورة السورية التي قدمت قرابة الثلاثين ألف قتيل إلى الآن على يد النظام الأسدي، ناهيك عن المفقودين، والمهجرين، وكل الدمار؟ بالطبع لا، فالمطلوب هو دعم الجيش الحر عسكريا، وليس لتأجيج الصراع كما يردد البعض، وعلى رأسهم موسكو، بل لتسريع سقوط ما تبقى من نظام الأسد الساقط لا محالة، والذي لا يتوانى عن استخدام كل أنواع العنف.. فدعم الجيش الحر، وتحديدا بمضادات الطائرات، هو ما سيضع حدا لنظام الأسد الذي لم يعد يمتلك إلا الردع الجوي، وخصوصا أن الجيش الحر بات يعارك قوات الأسد في جل المدن السورية الأساسية، ويفقد الأسد السيطرة على الأرض. 

والملاحظ اليوم أنه على الرغم من نقص الدعم العسكري للجيش الحر، فإن الثوار باتوا يقاتلون الأسد المدعوم عسكريا وماليا من قبل الروس والإيرانيين في كل اتجاه، وعلى عدة جبهات مفتوحة، بشجاعة باهرة، ولذا فمن المفاجأة أن يكون التواصل مع الجيش الحر فقط عبر «سكايب»، فالمفروض، والمطلوب، هو الدعم العسكري النوعي، وما سمعته من مطلعين على سير الأحداث على الأرض أنه بمجرد وصول الدعم العسكري النوعي، وتحديدا مضادات الطائرات، فإن التوقعات تشير إلى عملية حسم سريعة، خصوصا، وكما أسلفنا، أن قوات الأسد تعتمد على القوات الجوية، وعملية إسقاط الطائرات الأسدية من قبل الجيش الحر ليست إلا اجتهادات تخطئ وتصيب، لكنها لا تنم عن امتلاك أسلحة كفيلة بتعطيل قوة الأسد الجوية التي تحرق المدن السورية بشكل جنوني يدل على يأس الأسد أساسا. 

وكما هو معلوم، ومتوقع، وكما أكدته لي مصادر مطلعة، فإن واشنطن لن تتحرك إلا بعد الانتخابات المقبلة، وهو ما ناقشناه من قبل، إلا أنه لا يمكن التخلي عن السوريين، والجيش الحر، في الوقت الذي بات يصعد فيه الأسد عملياته العسكرية بشكل كبير على أمل تحقيق تقدم على الأرض قبل الانتخابات الأميركية، وبدعم روسي وإيراني، مما يستوجب من أصدقاء سوريا تقديم الدعم العسكري النوعي للجيش السوري الحر، وبإشراف واضح من قبل ما يجب أن يكون غرفة عمليات مشتركة للمجموعة الفاعلة من أصدقاء سوريا، لا أن يكون لكل دولة جماعة، أو فريق، بل تكون هناك غرفة عمليات، ودعم عسكري واضح، وليس تواصلا عبر «سكايب»، فالأسد لا يستخدم «فيس بوك» لقمع الثورة حتى يكون الرد عليه عبر «سكايب»، بل هو يقتل ويدمر بكل الأساليب الإجرامية.

وعليه، فإن الرد يكون على الأرض، وبدعم الجيش الحر، أما «سكايب» فيترك للأصدقاء، والمعارف.

المصدر: الشرق الأوسط
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 95 مشاهدة

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,276,888