بعض عوارض الاضطرابات السلوكية التي قد تظهر للعيان

خولة علي - تبدأ ردود الأفعال والسلوكيات التي ينتهجها الطفل للتعبير عن كل ما قد يتلقاه من جملة من التأثيرات التي قد تكون إيجابية أو سلبية، حيث تظهر بعض الأعراض السلوكية كدلالة خطيرة على بداية تطوره السلبي، مما يتوجب التصدي لها بحنكة وحكمة حتى تنقشع بوادر تلك السلوكيات السلبية، وهذا الأمر بلا شك يتطلب قدراً من المهارة في كيفية التصدي لما يتعرض له الطفل.

ومن حالات بعض الأطفال الذين بدأت تظهر عليهم بعض المطبات السلوكية، تقول إحدى الأمهات: طفلي في عمره الرابع وهو طفل مدلل بين أفرد الأسرة، فلا يرفض له أي طلب، فطلباته مجابه، لكن المشكلة التي بدأت تظهر عليه سلوك السرقة، وحب التملك هذا الأمر الذي جعلني أبحث في خفايا هذه المشكلة السلوكية التي تنذر ببوادر خطيرة، وقد تعاملت معه في البداية بحزم وشده لردعه عن هذا السلوك، إلا أن هذا الأمر بدأ يأخذ منعطفاً خطيراً، وحاولت أن أنتهج خطا آخر في التعاطي مع هذه المشكلة من خلال التحاور، وتقوية القيم والمبادئ الدينية، ومن خلال تعريفه بالسلوك المباح وأسلوب الاستئذان عند تناول أي شيء، وبعد فترة بدأ طفلي التجاوب معي بشكل ملحوظ، حيث ترك هذا السلوك قبل أن تتحوَّل إلى عادة في حياته.

وحالة أخرى لطفل آخر يبلغ من العمر 10 سنوات، حيث تضيف والدته أم أحمد أن ابنها يعاني عادة قضم الأظافر بطريقة مفزعة، ساهمت في تشويه أنامله، فما أن يسرح ويغيب لحظة أو يسرق انتباهه مشهد أو موقف ما، يبدأ بتناول أظافره وقضمها، بشكل متكرر، فكثيراً ما كنت أوبخه، وأنهاه عن هذا التصرف وهذا السلوك، إلا أنه سرعان ما يعود إليه بعد برهة، فالأمر كثيراً ما كان يؤرقني خوفاً من أن تلازمه هذه العادة فلا يستطيع تركها.

 

مواجهة

 

وسيدة أخرى تعاني من عناد وتمرد طفلها ورفضه للانصياع لتوجيهاتها، حيث تقول أم عمران: كثيراً ما كان يقع طفلي في مطبات ومشاكل بسبب تصرفاته العندية، فكنت ألجأ إلى أسلوب العنف معه حتى أردعه عن ذلك، ولكن الأمر يزداد تفاقماً وتعقيداً، فلم أستطع تجاوز هذا الأمر معه، مما حدا به إلى أن يخوض هذا الطفل في صراع مع من حوله من أخوته وأصحابه.

فيما ترى المعالجة النفسية والمستشارة التربوية هالة الأبلم أن الطفل أيا كان يملك طاقة ما تجعله مثل النحل لا يكل أو يمل من الحركة والتنقل هنا وهناك، وما يجعل الفارق واضحاً بينهما أن النحلة تعمل لتبني بينما الطفل يخرب، وإن كان يقصد البناء والمرح، وعادة ما يولد الطفل وهو مهيأ في طبيعيته البيولوجية لعمليات الانفعال والتفاعل مع المتغيرات في داخله ومن حوله، غير أن هذه التهيئة الطبيعية تمر بأدوار متعاقبة بانتظام وأول أدوار التفاعل مع المحيط هي ردود الفعل الانعكاسية التي يتصف بها الأطفال (البكاء، الغضب، والرفض، أو القبول ..الخ).

وتؤكد أن النظر في سلوك الطفل مسألة لا بد منها لتقرير واقع هذه النفسية، فالاضطرابات السلوكية كثيرة الوقوع عند الأطفال، ولكن لكل سلوك هو رد فعل لحالة نفسية أو صحية جسمية معينة ساعدت في أن يستقر السلوك على الصورة التي تبدو عليها أحياناً، فقد يكون سبب الانحراف السلوكي عوامل وراثية أو تربوية أو انفعالية، وهي تهيئة للشخصية للجنوح.

أنانية الطفل

وقالت، تتصف الطفولة بآنية وتلقائية السلوك، ويعتبر سلوك الطفل المصدر الأساسي للتعرف على طبيعته الداخلية، ونجد أن السنوات الأولى من حياة الطفل هي الدعامة الأساسية التي يقوم عليها بناء حياته النفسية والاجتماعية وفي هذه الفترة تتطور قدرات الطفل وإمكانيته الذاتية، كالفكر والخيال المزاج.

وتذكر الأبلم، أنه من المشاكل النفسية عند الأطفال والتي يُعاني منها الكثير من الأمهات، وضع الأصبع في الفم، حيث يشعر الطفل الممارس لهذا السلوك بالراحة والاسترخاء، كما يلجأ إلى هذا التصرف عند شعوره بالخوف أو الجوع أو حتى النعاس، والمعضلة الأخرى والتي تنتشر بكثرة بين الأطفال هي الكذب الذي قد يلجأ إليه الطفل لرغبته في الدفاع عن نفسه وتجنب العقاب أو الإحراج، وتقليد الوالدين وتعلم سلوك الكذب منهما، فلا بد من تعويد الطفل على المصارحة وعدم الخوف، وتجنب عقابه، فالعقاب أسلوب غير مجد ووسيلة مضللة لتعديل سلوك الكذب، كما يجب أن نزرع في الطفل المفاهيم الأخلاقية والدينية.

صفة العناد

تضيف الأبلم: أما القضية أو المشكلة الأخرى التي قد يصاب بها الطفل فهي التبول اللاإرادي والذي ينشأ بسبب التوتر والحرمان العاطفي والخوف والأحلام المزعجة الذي قد يعيشه الطفل، وقد يكون هناك مرض عضوي، أما عادة قضم الأظافر التي نلحظها بشكل واسع على عدد من الأطفال، فهي نتيجة لرغبة في التخلص من العصبية، والقلق والتوتر والخوف، كما يلجأ بعض الأطفال إلى السرقة بغية التقليد، وتحقيق الذات وإثبات وجوده، إلى جانب سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وأيضاً التوتر الداخلي عند الطفل الناتج عن الاكتئاب أو الغضب أو الغيرة من ولادة طفل جديد في الأسرة.

وأشارت إلى أنه هناك أيضاً صفة العناد وهو عصيان الطفل للأوامر وعدم استجابته لمطالب الكبار في الوقت الذي ينبغي أن يعمل فيه، حيث يعتبر العناد من الاضطرابات السلوكية الشائعة، وقد يحدث لفترة وجيزة أو مرحلة عابرة أو قد يكون نمطاً متواصلاً أو صفة ثابتة في سلوك وشخصية الطفل.

وقالت، عادة ما يلجأ الطفل إلى ذلك بغية فرض ذاته واستقلاليته عن الأسرة من حيث طرح أفكاره وآرائه، خاصة إذا كانت الأسرة لا تنمي ذلك الدافع في نفس أطفالها، إلى جانب القسوة التي تنتهجها بعض الأسر في تعاملها مع الأبناء مما يرفض الطفل بطبيعته اللهجة القاسية ويتقبل الرجاء، وعندما يجد الطفل أن هذه السلوك من شأنه أن يحقق مطالبه ورغباته. ويكمن العلاج في تجنب الإكثار من الأوامر على الطفل وإرغامه على الطاعة ويجب أن يكون الوالدين أكثر مرونة في التعامل معه، فالعناد البسيط يمكن أن نغض الطرف عنه ما دام لا يسبب أي ضرر على الطفل، كما يجب أن يخاطب الطفل بدفء وحنان كاستخدام بعض العبارات اللطيفة والإيجابية.

ودعت إلى الحرص على جذب انتباه الطفل قبل إعطائه الأوامر، وتجنب استعمال العنف معه لأن ذلك من شأنه أن يزيد من عناده، فلا بد من استخدام الحكمة في التعامل معه، ويفضل مناقشته ومخاطبته كإنسان كبير مع توضيح النتائج السلبية التي نتجت من أفعاله وسلوكياته، وفي حال اشتد عناد الطفل فلا بد من اللجوء إلى سحر العاطفة معه، وإذا لم يُجدِ معه الحوار أو العاطفة عندها يمكن حرمانه من بعض الأمور المحببة لديه فوراً بعد حدوث أي سلوك عنادي من الطفل، فليس كل عناد مرضي يستلزم العلاج، فهو لربما يكون تعبيرا حقيقيا عن قوة شخصية الطفل.

كثيرو الغضب

أوضحت الاستشارية الأسرية هالة الأبلم أن بعض الأطفال كثيرو الغضب ويعبرون عن ذلك من خلال الصراخ والبكاء ويضرب ويحطم كل ما حوله، وعادة ما نجد هذا السلوك على الأطفال من سن الثالثة إلى الخامسة تقريباً وبعد سن الخامسة يتحول تعبير الغضب إلى صور لفظية أكثر من كونها فعلية، كما نجد أن أسباب هذا السلوك تعود إلى حرمان الطفل من اهتمام الكبار له، وكثرة فرض الأوامر عليه، واستخدام أساليب المنع والحرمان بكثرة، وإلزامه بمعايير سلوكية لا تتفق مع عمره فلا بد في هذه الحالة أن يحتفظ الوالدان بهدوئهما أثناء غضب الطفل وإعلامه أنه من الخطأ أن يعبر عن غضبه بهذا الأسلوب، مع إرشاده إلى النهج الأكثر إيجابية عند التعبير عن ردة فعليه.

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 316 مشاهدة

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,222,320